جددت دولة الإمارات التزامها المشترك بـ “المسؤولية عن الحماية”، خلال البيان الذي أدلت به سعادة لانا زكي نسيبة المندوبة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة سفيرة الدولة غير المقيمة لدى غرينادا أمس أمام المناقشة العامة التي عقدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة حول مسألة “المسؤولية عن الحماية”.
وأشارت السفيرة نسيبة إلى أنه على الرغم من اختلاف الأحداث السياسية والسياقات المحيطة بأزمات اليوم مقارنة بما حدث في سريبرينيتشا ورواندا منذ أكثر من 20 عاماً، فإن العالم لايزال يشهد إخفاقاً دولياً في حماية الشعوب من الجرائم الفظيعة، موضحة بأن طبيعة الأزمات الراهنة تطرح تساؤلات حول جدوى المسؤولية عن الحماية كقاعدة في ظل الواقع الجيوسياسي الحالي، لا سيما حول من يتحمل مسؤولياتها، وأيضا حول الأدوات الصحيحة التي يمكن إنتهاجها لحماية المدنيين من الجرائم الفظيعة.
وتساءلت حول موضوع المسؤولية عن الحماية في حالة عجز المنظمات الدولية عن التوصل إلى توافق في الآراء واتخاذ الإجراءات المناسبة، لافتة إلى أن عجز مجلس الأمن أدى في حالات عديدة إلى إطالة أمد الصراعات العنيفة في جميع أنحاء العالم.
وشددت السفيرة نسيبة على أن مسؤولية حماية الشعب من الجرائم ضد الإنسانية تقع في المقام الأول على عاتق الدولة صاحبة السيادة، مؤكدة على أن هذه المسؤولية تشمل إلى جانب الحماية، معالجة الأسباب الجذرية للصراع وطلب المساعدة والدعم التقني عند الضرورة من الشركاء الإقليميين والأمم المتحدة والدول الأعضاء بها.
وأكدت أن التدخل يجب أن يكون الملاذ الأخير عندما تنتهك دولة ما التزاماتها بموجب القانون الدولي بشكل واضح، وتفشل في الوفاء بمسؤوليتها عن الحماية، موضحة أن التدخل في هذه الحالة يكون له ما يبرره ولا يتم القيام بأي عمل عسكري في إطار المسؤولية عن الحماية إلا بتصريح من مجلس الأمن، مما يُعزز من أدوات مجلس الأمن في الاستجابة للأزمات.
وتطرقت للركائز الثلاث التي ضمنها الأمين العام في استراتيجيته من أجل تعزيز الإجراءات المبكرة، بما في ذلك تشجيع المساءلة عن منع الفظائع، مشددة على أن ضمان المساءلة عن الجرائم الوحشية الجماعية يعد أمرا أساسيا لمنع تكرارها.
ودعت بهذا الخصوص إلى إنشاء آليات متفق عليها لجمع البيانات، تسهم في تمكين المجتمع الدولي من الاستجابة للتطورات المهمة بشكل فوري ومسؤول، وأيضا إلى تعزيز المنظمات الدولية للأطر القانونية، مثل القرار 2379 الذي أنشأ فريق تحقيق مهمته جمع وتخزين وحفظ أدلة ارتكاب “داعش” جرائم في العراق.
وأبرزت الدور الحاسم الذي يمكن أن يلعبه المدنيون أثناء مرحلة جمع البيانات وفهم التطورات على أرض الواقع في مجالات الإنذار المبكر والتقييم وتنبيه المجتمع الدولي، لافته إلى أهمية “عدم التعامل مع المدنيين كمجرد مستفيدين لا رأي لهم، بل كشركاء وذلك في ضوء مساهمة العمل المدني في منع وقوع الجرائم الفظيعة.
ودعت السفيرة نسيبة إلى التأكيد وبصورة جماعية على الالتزام الدولي بالعمل في إطار ثلاثة محاور وهي
أولا: دعم الأمين العام في تركيزه على الوقاية لمعالجة الأسباب الجذرية للصراع قبل أن يحتاج الأمر إلى التدخل.
وثانياً: نقل الحوار المتعلق بالمسؤولية عن الحماية إلى خارج نيويورك، أي إلى الأقاليم والعواصم من أجل إيجاد حلول على المستويين الإقليمي والوطني، لافته إلى الأهمية التي أبرزها الأمين العام في تقريره للترتيبات الإقليمية وشبه الإقليمية، وربطها بعملية صنع القرارات المتعلقة بالإجراءات المبكرة لمنع ارتكاب الفظائع والتصدي بطريقة فاعلة لمخاطر الجرائم الفظيعة مشيرة إلى إمكانية تطوير هذه الترتيبات بشكل أكبر من خلال مراجعة وتعزيز القدرات الوقائية وتبادل أفضل الممارسات مع الدول الأعضاء.
وثالثاً: الالتزام بنظام قوي لحقوق الإنسان باعتباره عنصراً أساسياً في جدول أعمال الوقاية، موضحة أن هذا الأمر يشمل التأكيد على المؤسسات القوية والإدارة الرشيدة على المستويين الإقليمي والدولي.
المصدر: الاتحاد