الإمارات تختتم عام القراءة بنجاح وإنجاز ومشاريع

أخبار

أكد وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل ، رئيس اللجنة العليا لعام القراءة محمد بن عبدالله القرقاوي، أن توجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة بإعلان 2016 عاماً للقراءة أحدثت تغييراً دائماً في بناء الشخصية الإماراتية والأجيال الجديدة ، وأن الرعاية المباشرة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله لعام القراءة سترسخ الإمارات عاصمةً معرفيةً نشطة ومستدامة ، لافتاً إلى أن الإمارات راهنت على جعل القراءة خلال عام نشاطاً مجتمعياً شاملاً، ونجحت في الرهان بامتياز .

وقال القرقاوي ان ” عام القراءة ، بدعم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ، تخطّى في نتائجه وآثاره الإمارات ليكون نشاطاً عربياً متكاملاً، وحظي بتفاعل غير مسبوق، من خلال مشروع “تحدّي القراءة العربي الذي تحول إلى أضخم أولمبياد معرفي لنشر القراءة وتعزيزها في العالم العربي، من خلال مشاركة أكثر من 3.5 ملايين طالب وطالبة من مختلف مدارس الوطن العربي، قرأوا خلال العام الدراسي أكثر من 150 مليون كتاب”.

هذا وقد شكّل “عام القراءة 2016” تظاهرة معرفية اتسمت بالزخم والتنوع، تحولت الإمارات خلالها إلى خلية عمل يومية لنشر المعرفة وتعزيز القراءة ، وتم استقطاب أكثر من 1500 فعالية قرائية ، شارك فيها مختلف فئات المجتمع الإماراتي ، كما تمت بلورة خطة استراتيجية لجعل القراءة أسلوب حياة في المجتمع الإماراتي ، علاوة على إطلاق صندوق وطني لدعم مشاريع ومبادرات القراءة إلى جانب إصدار القانون الوطني للقراءة ، كأول تشريع من نوعه في الدولة والمنطقة يعتمد القراءة كقيمة حضارية ، ويحولها إلى صيغة تشريعية ملزمة لها آليات تنفيذ ومتابعة وتقييم ، كما يرتقي القانون بالتعليم، من خلال تطوير المناهج والأنظمة التعليمية لتعزيز مهارات القراءة لدى الطلبة، وإلزام المدارس والجامعات بتطوير مكتباتها، وتشجيع القراءة بين الطلبة، عبر خطط سنوية تضعها كافة المؤسسات التعليمية.

كذلك شهد “عام القراءة” إطلاق مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم كأضخم مكتبة من نوعها تضم أكثر من 4.5 ملايين كتاب ما بين ورقي وإلكتروني وسمعي، حيث تهدف المكتبة إلى دعم وتعزيز الاستراتيجية الشاملة للدولة في القطاع الثقافي والمعرفي، ورفع مستوى الثقافة المعرفية في العالم العربي، بالإضافة إلى غرس شغف المعرفة وحب الاطلاع لدى النشء.

وعلى مدار السنة ، كان هناك حشد للجهود الوطنية والمؤسسية والمجتمعية المتكاملة لجعل القراءة سلوكاً راسخاً ونشاطاً مستداماً.

وأكد القرقاوي أن “هذه الجهود انطلقت من توجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، بأن يكون عام القراءة بداية لاستراتيجية طويلة الأمد ترسخ القراءة كعادة ثابتة، وإيمان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بأن القراءة تمثّل المدخل الأساسي لتكوين الأصول الفكرية والذهنية للمجتمع الإماراتي، وأنها الأداة الرئيسية لبناء مجتمع معرفي يشكل أساس لبناء اقتصاد المعرفة”.

وفي نهاية العام الماضي، وبينما كانت دولة الإمارات تقطف النتائج الباهرة والطموحة لعام “الابتكار” ، أعلن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، العام 2016 عاما للقراءة ، وذلك استكمالا لخطط الإمارات الساعية إلى إرساء ثقافة المعرفة والابتكار والإبداع ، وخلق جيل جديد من الباحثين والمفكرين ، ودعم توجهات الدولة لبناء اقتصاد قائم على المعرفة ، وبذل الجهود من أجل ترسيخ القراءة ، بوصفها مصدراً لتحصيل العلم والمعرفة وبناء الشخصية الواعية، وهو ما يعدّ شرطاً أساسياً في مسيرة التنمية والتقدم.

وبناء على هذا الإعلان، تم عقد “خلوة المائة” كلقاء اجتمع فيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، مع شخصيات وطنية معنيّة بالقراءة، بهدف وضع مبادرات وبرامج مستدامة يمكن من خلالها غرس القراءة كعادة أصيلة في المجتمع وتجذير فضيلة المعرفة والكلمة النيرة في نفوس الأجيال الجديدة.

وفي مايو من العام الجاري، وعلى هامش فعاليات معرض أبوظبي الدولي للكتاب، تم الإعلان عن السياسة الوطنية للقراءة في دولة الإمارات، التي تستند إلى سبعة محاور لعل أبرزها الاستراتيجية الوطنية للقراءة (2016 – 2026)، التي تم اعتمادها والبدء بتنفيذ معطياتها.

وتنطلق الاستراتيجية الوطنية العشرية من رؤية تسعى إلى أن تكون القراءة أسلوب حياة في المجتمع الإماراتي بحلول العام 2026 ، وتتضمن الاستراتيجية 28 مبادرة وطنية تتولى تنفيذها ستة قطاعات، هي: التعليم، والصحة، والثقافة، وتنمية المجتمع، والإعلام، والمحتوى.

وتهدف الاستراتيجية العشرية إلى تعزيز دور الأسرة والمجتمع في تغيير سلوكيات القراءة لدى الأفراد ، وتحسين مستوى الأنظمة التعليمية والتقييمية في دعم القراءة ، وتوفير بيئة داعمة ومحفزة للقراءة في مجال العمل ، وتفعيل دور الإعلام ، وإثراء محتوى القراءة الموجود في الدولة ، وبناء الأنظمة والبنية التحتية اللازمة لدعم القراءة على المدى الطويل.

ومن أهم مستهدفات هذه الاستراتيجية العشرية أن تصبح القراءة سلوكاً راسخاً لدى 50% من الإماراتيين البالغين بحلول العام 2026، ولدى 80% من طلبة المدارس ، وأن يقرأ الطالب 20 كتاباً في المتوسط سنوياً بصورة اختيارية ، وألا تقل نسبة الآباء المواطنين الذين يقرأون لأطفالهم عن 50%، وهو ما ينسجم مع الهدف الأول من الاستراتيجية والساعي إلى تعزيز القراءة وترسيخها كنشاط عائلي يشارك فيه كل أفراد الأسرة ، كذلك، من مستهدفات الاستراتيجية رفع المحتوى الوطني من 400 كتاب سنوياً في الوقت الراهن إلى 4000 كتاب في العام 2026.

هذا وتعتبر الاستراتيجية الوطنية للقراءة منهج عمل شاملاً تمت صياغته بالاستناد إلى العديد من المدخلات والمعطيات، التي استلزمت جهداً بحثياً لافتاً، تمثَّل في الاطلاع على أكثر من 100 دراسة عالمية حول القراءة، ومعاينة استراتيجيات في سبع دول، وإجراء مقابلات مع 47 جهة محلية واتحادية معنية بالموضوع، بالإضافة إلى إجراء مسح وطني شامل، هو الأول من نوعه، شمل 12 ألف شخص لرصد عادة القراءة لدى الإماراتيين بمختلف شرائحهم العمرية والتعليمية.

ولقد جاءت نتائج المسح الوطني متوافقة مع التوقعات الأولية بوجود تحديات حقيقية ، إذ تبين أن الإماراتي يقرأ 1.5 كتاب في المتوسط سنوياً، وأن 78% من الإماراتيين البالغين لا يقرأون، كما أن متوسط عدد الكتب في بيوت الإماراتيين يبلغ 20 كتابا ، هذه الأرقام استدعت تدخلاً حكومياً عاجلاً، من منطلق حرص الدولة وقيادتها على تدارك أي خلل في مسيرة النهضة والبناء التي تقوم أولا وأخيراً على الاستثمار في الإنسان.

كذلك، شكلت “خلوة المائة” مدخلاً أساسياً لصياغة الاستراتيجية الوطنية للقراءة حتى العام 2026 ، فقد ناقشت الخلوة، التي عقدت مطلع العام 2016 بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم و100 شخصية وطنية معنية بالقراءة، أكثر من 100 فكرة ومبادرة في ستة قطاعات أساسية، كانت بمثابة الأرضية العامة للاستراتيجية التي تمت صياغتها لاحقاً.

وإيمانا بدور أفراد المجتمع في المساهمة في بلورة استراتيجية القراءة بما يحقق آمالهم وطموحاتهم، تم تسخير مواقع التواصل الاجتماعي كمنصة للعصف الفكري، مع استقبال أكثر من 4000 ألف فكرة عكست آراء عدد كبير من الناس وتصوراتهم بشأن المبادرات التي يتطلعون إليها لتحفيز القراءة، كسلوك يومي.

هذا ومن المحاور الأساسية للسياسة الوطنية للقراءة إطلاق “الصندوق الوطني لدعم القراءة” بقيمة 100 مليون درهم، وذلك لدعم كافة المشاريع المبتكرة المتعلقة بالقراءة المقدمة من المؤسسات المجتمعية والأفراد، وخاصة للمتطوعين وجمعيات النفع العام والشباب.

ولعل من أبرز محاور السياسة الوطنية للقراءة “القانون الوطني للقراءة”، الذي صدر في نوفمبر 2016، وهو الأول من نوعه في الدولة والمنطقة ، ويشكل القانون سابقةً في إضفاء صيغة تشريعية ملزمة لمأسسة النشاط المعرفي في الدولة وتفعيله في إطار قانوني وممنهج، حيث يجعل كل مؤسسات الدولة المعنية مسؤولة بشكل أو بآخر في صناعة مجتمع معرفي، بحيث تصبح القراءة جزءاً لا يتجزأ من النهضة التنموية والمعرفية الشاملة في البلاد.

وشهد التحدي مشاركةً لافتةً على صعيد العالم العربي لملايين القراء الأطفال والشباب في ماراثون معرفي، استمر على مدار عام، وكان النصر فيه حليف المعرفة الجادة والفكرة الأصيلة، مع تخطي حجم مشاركات الطلاب المتنافسين في التحدي 3.5 ملايين طالب، من 21 دولة، 15 منها عربية، قرأوا خلال عام دراسي أكثر من 150 مليون كتاب.

وقد أظهر الطلبة – ومنهم لم يزل طري العود – شغفاً، وفهماً، وحماسة، وبعضهم بطولة استثنائية، قاهرين الصعاب، متخطين كل أنواع العقبات والتحديات في حياتهم لبلوغ التصفيات النهائية من التحدي حيث تم تتويج الطالب محمد جلود من الجزائر بلقب “بطل تحدي القراءة لعام 2016″، ومُنحت مدرسة “طلائع الأمل” من فلسطين الجائزة الكبرى وقيمتها مليون دولار أمريكي في احتفالية حاشدة استضافتها دبي في أكتوبر الماضي، على مسرح “دبي أوبرا”.

ولقد نجح تحدي القراءة العربي في دورته الأولى في إخراج الطلبة من حصار الكتاب المدرسي ومحدوديته، وجعل المطالعة اللامنهجية شغفاً حقيقيا ، ومن المتوقَّع أن يجتذب التحدي في دوراته المقبلة أعداداً متزايدة من الطلبة والمدارس، ضمن خطة تنفيذ ومتابعة وتقييم تعزز استمرارية التحدي واستدامته.

هذا وقد قدمت مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية دعماً لدور النشر الإماراتية بقيمة 25 مليون درهم من خلال شراء مجموعة من إصدارات هذه الدور، لدعم مشروع تحدي القراءة العربي في دوراته المقبلة.

وفي سياق الزخم القرائي والمعرفي على مستوى الدولة، وتحت مظلة مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، تم الإعلان في فبراير من هذا العام، عن إطلاق مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم، كأكبر مكتبة عربية من نوعها، حيث ستضم أكثر من 1.5 مليون كتاب ورقي ومليون كتاب إلكتروني ومليون كتاب سمعي و8 مكتبات متخصصة.

وستكون المكتبة منبراً لأكثر من 100 فعالية ثقافية ومعرفية سنوية ، وتسعى إلى توفير ملتقى للأدباء والمثقفين والمترجمين والباحثين من مختلف الجنسيات والثقافات من كافة دول العالم، والمساهمة في الحفاظ على اللغة العربية وإثرائها، والمساهمة في تنشيط حركة التأليف والترجمة وإرساء ثقافة التسامح والحوار والتفاعل والتلاقي الفكري.

ومؤخراً، أصدر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد القانون الخاص بإنشاء المكتبة، وشكّل مجلس إدارتها، موجهاً سموه بالبدء بالبناء الثقافي للمكتبة، قبل الانتهاء من بنائها المعماري، متطلعاً إلى أن تكون المكتبة، التي سيتم تدشينها في العام 2018، أكبر حاضنة عربية معرفية ومركزاً ثقافياً وحضارياً في المنطقة.

ومع اختتام فعاليات عام القراءة، وبمناسبة احتفال دولة الإمارات بعيدها الوطني الـ45، خصصت مبادرة “أوائل الإمارات” دورتها الثالثة لتكريم 45 شخصية إماراتية وجهة ومؤسسة رائدة ومتميزة في محور القراءة، والاحتفاء بجميع الإنجازات والمشاريع والمبادرات التي تحققت في عام القراءة، على مختلف المستويات، وأسهمت في صنع نشاط قرائي ومعرفي محلي وإقليمي وعربي اتسم بالتنوع والزخم.

وفي “عام القراءة 2016″، استعاد الكتاب ألقه، معززاً قيمته التثقيفية، وانحنت الهامات تقديراً للكلمة، لتذكِّر الإمارات العرب والعالم بأن سر نجاحها وتفوقها هو سعيها الذي لا يكلّ ولا يملّ لجني قطاف المعرفة بأي ثمن، إدراكاً من قيادتها، وشعبها الذي يقف خلف هذه القيادة الحكيمة، أن سر منعتها يكمن في تحصين مواطنيها فكرياً ومعرفياً.

إن نجاح التجربة الإماراتية الرائدة في حشد الاهتمام المؤسسي والمجتمعي بالقراءة من خلال مئات المبادرات والمشاريع والبرامج والفعاليات القرائية في مختلف أنحاء الدولة لم يأت من فراغ، كما أنه ليس وليد اليوم، فمنذ تأسيسها، أظهرت الإمارات اهتماماً ملحوظاً بالفكر والمعرفة كمقوّمين أساسيين في بناء الإرث البشري الأصيل، فاحتضنت العديد من الفعاليات الثقافية العربية والإقليمية مثل معرض أبوظبي الدولي للكتاب ومعرض الشارقة الدولي للكتاب، اللذين يُعدّان علامتين فارقتين على الصعيد الثقافي عربياً وعالمياً، كما تحتضن دبي مهرجان طيران الإمارات للآداب، وهو أضخم مهرجان للقراءة والكتابة في الشرق الأوسط، وهناك جائزة الشيخ زايد للكتاب، الأرفع من نوعها في المنطقة، وجائزة الرواية العربية “البوكر” التي شكلت – ولا تزال – ظاهرة أدبية وأسهمت في إحداث ما يشبه الطفرة في الكتابة الروائية، بالإضافة إلى العديد من المهرجانات والملتقيات والمؤتمرات التي جعلت الإمارات مركزاً للثقافة والمعرفة، ومنارةً عصريةً للفكر، وملتقى الإبداع والمبدعين، معيدةً الاعتبار لمفهوم الحاضرة العربية ذات الوهج المعرفي، في زمن تخضع فيه هويتنا وتراثنا وحضارتنا العربية والإسلامية لتحديات جمة، ومحاولات متعمَّدة للتهميش أو الإقصاء أو التشويه.

المصدر: الإمارات اليوم