أعربت دولة الإمارات عن بالغ قلقها ومخاوفها إزاء الأوضاع الإنسانية المأساوية في مدينة حلب بما في ذلك استهداف المدنيين وقصف المستشفيات والمرافق الحيوية شرق المدينة من قبل النظام السوري والميليشيات الطائفية ما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية. ودعت وزارة الخارجية والتعاون الدولي في بيان أمس، إلى تضافر الجهود الدولية لوضع حد لمعاناة المدنيين وضمان سلامتهم وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية لإنقاذ العالقين في خضم العنف الذي يستهدفهم. وذكرت أنها تتابع عن قرب مستجدات الأحداث في حلب والجهود الرامية للتصدي للمعاناة الإنسانية الناجمة، مؤكدة دعم دولة الامارات لأي اتفاق يضمن سلامة سكان هذه الأحياء وخروجهم الآمن. وأكدت دولة الإمارات أن المخرج للأزمة الطاحنة في سوريا وتداعياته الكارثية، يكمن في التبني الصادق للحل السياسي والمستند إلى بيان جنيف 1 والقرار الدولي 2254 للخروج من هذه الأزمة وضرورة استئناف محادثات السلام في أسرع وقت ممكن، كما أكدت قناعتها بأن المسار العسكري لن ينهي الأزمة السورية وسيستمر بتعريض هذا البلد الشقيق إلى المزيد من الدمار.
وعلى مستوى الجامعة العربية، دعت دولة الإمارات إلى الوقف الفوري للهجمات الانتقامية تجاه الشعب السوري، والسماح للمدنيين الذين يرغبون بمغادرة حلب بالحرية الكاملة للقيام بذلك، من دون تهديد أو عوائق، ووقف أعمال الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري التي يمارسها النظام السوري على نطاق واسع.
ودعت الأطراف الفاعلة في الملف السوري إلى بذل جهود فعلية أكبر لحماية المدنيين الأبرياء، ووقف القصف العشوائي، حتى تتمكن الدول من إدخال المساعدات الإنسانية والطبية اللازمة هناك. جاء ذلك في كلمة ألقاها جمعة مبارك الجنيبي سفير الدولة لدى مصر مندوبها الدائم لدى الجامعة العربية أمس خلال الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة على مستوى المندوبين الدائمين لبحث تطورات الأوضاع في حلب، والذي جاء بناء على طلب دولة قطر.
وأشار الجنيبي في كلمته إلى أن هناك أكثر من 270 ألفاً من المدنيين بأمس الحاجة لتلك المساعدات اللازمة لبقائهم على قيد الحياة، داعياً المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته تجاه هذه الأزمة الإنسانية والتدخل الفوري والعاجل لوقف تدهور الأوضاع هناك. وأكد أن الأزمة الحالية في سوريا أصبحت، ولا شك، كارثة إنسانية غير مسبوقة، جراء القصف العشوائي العنيف للمدنيين، والذي أودى بحياة المئات من الأبرياء في أحياء شرق حلب، والحصار المتواصل الذي أدى لنفاد مخزونات الغذاء والماء والوقود والنزوح العشوائي الكثيف لأكثر من 16 ألف نازح من السكان، ومن المرجح أن يفر آلاف آخرون من منازلهم إذا استمر القتال بهذه الطريقة خلال الأيام المقبلة. وشدد على أنه لا يمكن القول بأن قوات النظام السوري حققت انتصاراً بتطهير بلد من سكانه بهذه الطريقة الوحشية، كما أنه لا يمكن تصور هذا الضعف الذي يعاني منه المجتمع الدولي بصمته على تلك الجرائم الإنسانية وجرائم الحرب التي ترتكب يومياً هناك، وهو ما يثبت أن المجتمع الدولي فشل كلياً في احتواء تلك الأزمة منذ بدايتها، ما أدى إلى ما آلت إليه الأوضاع الإنسانية بهذه الصورة التي نشاهدها الآن.
وأكد مجلس الجامعة دعمه لجهود الإمارات والسعودية وقطر لعقد اجتماع عاجل للجمعية العامة للأمم المتحدة على أساس مبدأ «الاتحاد من أجل السلام» لايقاف المجازر الوحشية التي يشنها النظام ومليشياته ضد الشعب السوري. جاء ذلك في قرار صدر في ختام اجتماع المندوبين الدائمين لبحث الوضع المأساوي في مدينة حلب. وشدد المجلس على ضرورة آلا يخضع العامل الإنساني لأي مساومة سياسية أو شروط مسبقة بهدف الحصول على مكتسبات سياسية أو عسكرية، معرباً عن إدانته واستنكاره الشديدين للممارسات التي يقوم بها النظام السوري وحلفاؤه من عمليات عسكرية وحشية ضد حلب وسكانها المدنيين. واعتبر ما يقوم به النظام السوري وحلفاؤه في حلب وغيرها من المدن السورية، جرائم حرب وانتهاك صارخ للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني ومعاهدات جنيف الأربع، داعياً المجتمع الدولي إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتقديم كل من شاركوا وأسهموا في هذه الاعتداءات ضد الأبرياء إلى العدالة الدولية. كما أكد المجلس مجدداً ضرورة تحمل مجلس الأمن مسؤولياته الكاملة في حفظ الأمن والسلم والعمل على تنفيذ قراري مجلس الأمن 2254 لعام 2015 و2268 لعام 2016 بشأن وقف النار في جميع أنحاء سوريا واتخاذ جميع الإجراءات الضرورية والتدابير المناسبة لتحقيق ذلك على وجه السرعة. وجدد المجلس التزامه الثابت بسيادة سوريا واستقلالها ووحدة أراضيها وسلامتها الإقليمية مشدداً على موقفه الثابت بأن الحل الوحيد للأزمة السورية يتمثل بالحل السياسي القائم على مشاركة جميع الأطراف وبما يلبي تطلعات الشعب السوري. وأشار إلى أن ذلك وفقاً لما ورد في البيان الختامي لمؤتمر جنيف الأول وما نصت عليه القرارات والبيانات العربية والدولية قرار مجلس الأمن 2254 لعام 2015 . بالتوازي، أكد السفير نجيب المنيف، مندوب تونس لدى الجامعة العربية، في بدء الاجتماع الطارئ على مستوى المندوبين، أمس، أنه تقرر عقد دورة غير عادية لمجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية مساء الاثنين المقبل، لبحث الأوضاع المأساوية في سوريا، خاصة في حلب، بناءً على طلب الكويت.
«أوقفوا المجزرة».. شعار تضامن العالم مع المأساة
«أوقفوا القتل، أوقفوا المجزرة، إيران أخرجي من سوريا».. بتلك العبارات واللافتات تحركت العديد من المدن حول العالم أمس ومساء الأربعاء، تضامناً مع حلب الجريحة، حيث تعرضت الأحياء الشرقية لما يشبه «الإبادة» تحت نيران قوات النظام والمليشيات المتحالفة معها. فقد تظاهر نحو 2000 كويتي للمطالبة بفك الحصار عن المدنيين في شرق حلب والسماح بإخلائهم. كما نظمت في العاصمة الدنماركية كوبنهاجن تظاهرة بمشاركة نحو 7 آلاف شخص احتجاجاً على القصف على شرق حلب، وتضامناً مع المدنيين. ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها «أنقذوا حلب» و«أوقفوا المجزرة»، بينما قال رئيس الوزراء لارس لوكي راسموسن في تغريدة، «مأساة فظيعة ومروعة تجري في حلب.. الأطفال يتعرضون للإعدام والمستشفيات تقصف، انتهاك لكل أخلاق إنسانية». وفي باريس، تظاهر المئات دعماً للمحاصرين في حلب، كما أطفئت الأنوار في برج إيفل حتى الصباح. وفي إسطنبول، تجمع أكثر من 1000 متظاهر أمام القنصلية الإيرانية للتنديد بما تقوم به طهران في حلب خصوصاً وسورياً عموماً. وشهدت غزة وأوكرانيا وباكستان والجبل الأسود تظاهرات مماثلة شارك فيها الآلاف للتنديد بالمجازر ومطالبة المجتمع الدولي بالتدخل لوقف أعمال القتل في حلب.
المصدر: الإتحاد