أكد معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر وزير الدولة، أن العلاقات المصرية الإماراتية تمثل نموذجاً فريداً للعلاقات التاريخية بين البلدين، مبيناً أن معالم وأسس العلاقات الأخوية أسسها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، واستمر على نهجه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله»، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
وقال الجابر، في مؤتمر صحفي عقده أمس بالقاهرة حضره الوفد الإعلامي الإماراتي الذي يضم محمد الحمادي رئيس تحرير صحيفة «الاتحاد»، وسامي الريامي رئيس تحرير «الإمارات اليوم» وعلي شهدور مدير تحرير «البيان» وعدد من الإعلاميين، إن المشروعات التي تنفذها دولة الامارات في مصر ضمن حزمة المساعدات في مجالات البنية التحتية تستهدف النهوض بمصر وتحقيق الرفاهية للمواطن المصري.
وأكد أن سياسة الإمارات تنهض على أسس سليمة تركز على السلم العالمي، والمساهمة من خلال دورها في تحقيق السلام والأمان والاستقرار لكل شعوب العالم، واستطاعت من خلال القيادة الرائدة للوالد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الامارات، جعلها مثالاً يحتذى به في العالم، من خلال نظرته الاستراتيجية وعمله الدؤوب مع كافة الدول والشعوب، لإقامة علاقات على أسس قوية متينة تتأسس على الصدق والأمانة والعمل على تحقيق النمو الاقتصادي المستدام.
وقال الجابر إنه بفضل القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، تمكنا من تحقيق وترسيخ العديد من التجارب التي أثبتت مدى نجاح هذه الاستراتيجية التي أسسها المغفور له الشيخ زايد، وظهر ذلك في فوز إمارة دبي بتنظيم «اكسبو 2020»، وحصولنا على أول منظمة دولية لتنظيم الطاقة الدولية، مؤكدا أن دولة الامارات قيادة وشعبا تجني وتحصد اليوم نجاحات ومبادرات الوالد المغفور له الشيخ زايد، وما نقوم به في مصر هو دليل جديد يضاف إلى الجذور العميقة للعلاقات بين الشعبين التي غرسها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد، بكل محبة واحترام وتقدير لإخوتنا في جمهورية مصر.
وأضاف الجابر: نحن في الإمارات فخورون بهذه العلاقات، ولم يحدث أن تغيرت علاقتنا أو نظرتنا في أي فترة من الفترات، ودائما نجد حبا وتقديرا من الشعب الإماراتي لمصر وشعبها، وتقديرا لدورها ومكانتها، مضيفا أن الامارات تعمل لتعزيز مكانة مصر ومساعدتها على القيام بدورها المحوري في المنطقة والعالم، فلا يمكن أن ننسى أربعة عقود من التعاون والود والمحبة عمقت العلاقات بين البلدين والشعبين.
وأشار إلى أن دور أبناء مصر في تحقيق التقدم والنهضة في الامارات في كل المجالات مشهود، ولا يمكن إغفاله ولذلك لدينا محبة خالصة لمصر وشعبها، مبينا أن المرحلة الانتقالية التي مرت بها مصر لم تكن عادية ولكنها مليئة بالتحديات، وهي كانت صعبة علينا جميعا وعندما وجدنا أن مصر وشعبها بحاجة لدعم استثنائي وليس تقليديا كما كان في الماضي، قمنا بإجراءات مدروسة ووضعنا آليات لتسهيل عملنا ومهمتنا في مصر الشقيقة، وهذا لم يأت من فراغ ولكن ينبع من محبة وصداقة وأخوة وجهود منسقة من أعلى مستوى في البلدين.
إنجازات مصرية
أوضح الجابر أن هناك إنجازات حققتها مصر خلال المرحلة الانتقالية الدقيقة والصعبة التي تمر بها أرض الكنانة بكل تحدياتها، ويجب أن نحرص جميعا على تقديم وإبراز هذه الإنجازات وعلى رأسها خريطة الطريق التي اختارها الشعب المصري وتم اقتطاع أشواط فيها والبناء عليها لأنها تعد مؤشرا قويا على قدرة الشعب المصري على تحقيق أهدافه الطموحة، فالشارع المصري والعربي بحاجة لدفعة معنوية إيجابية. وقال إن دولة الامارات وشعبها يمتلكون طاقة إيجابية نابعة من نظرة ثاقبة وأمل متجدد نشهدها من قيادتنا الرشيدة، مطالبا الإعلام بترسيخ هذه الرسالة الطيبة التي تحقق الطاقة الإيجابية المأمولة لمواجهة التحديات والصعوبات. وأضاف: إننا نتعلم من قيادتنا الرشيدة الحكيمة وننقل تجربتنا لإخواننا في مصر، ولا أحد يستطيع إنكار دور مصر المحوري الاستراتيجي على المستويات الأمنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، مؤكدا أن الإمارات تقف بجانب مصر، باعتبارها دولة شقيقة لها دور رائد يعود علينا وعلى المنطقة بإيجابيات كثيرة، خاصة أن أمن واستقرار وسلامة مصر وضمان وضعها يؤثر على الأمن والاستقرار في المنطقة.
تحديات صعبة
وأشار الجابر إلى أن الاقتصاد المصري واجه تحديات صعبة خلال السنوات الثلاث الماضية، على مستوى ارتفاع معدلات البطالة والدين المحلي وانخفاض التشغيل، مطالبا بضرورة إدراك أن مصر تمر بمرحلة انتقالية والأوضاع التي تمر بها، سببها الرئيسي الظروف الاستثنائية التي انعكست على الأوضاع الاقتصادية التي لها أسباب متجذرة، ولهذا يجب أن يكون هناك تعامل مختلف وامتلاك رؤية استراتيجية متكاملة تضمن حدوث تحول جذري شامل وملموس.
وحذر من الانخراط في نقاشات سلبية تضخم من أزمات مصر، مؤكدا أنها تمتلك قدرات ومؤهلات كبيرة ومتنوعة ولديها رصيد لا يملكه غيرها من الدول، وعلينا أن ننظر إلى التجارب والمشاكل التي ظهرت في دول مثل الهند أو البرازيل، فهناك تماثل بين مشاكل هذه الدول ومصر، والشعب المصري أراد تغيير الأوضاع والحكومة تستجيب للنهوض بمصر.
وقال إن المواطن المصري يملك من الوعي ما يمكنه من فهم ما هي الأمور التي تفيد وطنه، مشيرا إلى وجود شفافية ونوايا حسنة من الحكومة لتعديل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في مصر.
دور الإعلام
وشدد على أهمية قيام الإعلام بدوره في مساندة الحكومة والدولة في تحركها الجاد لتحقيق نهضة ومستقبل أفضل لمصر وللمنطقة، مبينا أنه رغم كل التحديات فمصر غنية بأهلها ومواردها والمقومات العديدة والفرص الفتية الموجودة بالمجتمع المصري، ونحن نثق في قدرة مصر على النهوض وتحقيق كل تطلعت الشعب المصري من خلال العمل الصادق البناء والدؤوب.
وأوضح أن توجيهات القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة «حفظه الله» والفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ركزت على التحرك ومساعدة مصر، وعندما توجهنا إلى مصر استُقبلنا كما نُستقبل دائما بكل حب وود، وقدم لنا الأخوة في مصر كافة المعلومات التي نحتاجها للتحرك، وعقدنا ورش عمل ولقاءات ووضعنا معايير واضحة لاختيار المشروعات التي سننفذها في مصر، وكانت تعليمات سمو الشيخ محمد بن زايد، ضمان أن تحقق هذه المشروعات الفائدة القصوى للمواطن المصري، كاشفاً عن حرص المسؤولين الإماراتيين على القيام بزيارات للقرى والنزول الى الشارع المصري والتعرف على الاحتياجات الأساسية للمواطن المصري.
وأعرب عن اعتزازه وفخره ببرنامج العمل الذي تم وضعه وتنفيذه مع الأخوة في مصر، وقال نحن حريصون على أن تكون هذه المشاريع نموذجا تنمويا يستفيد منه كل العالم.
وقال الجابر إن العمل بدأ بلجنة من كافة المسؤولين، وتم تأسيس مكتب التنسيق والمتابعة لإدارة المشاريع المصرية التي ستنفذها الإمارات وله وجود في أبوظبي والقاهرة وهو لم يكن موجودا من قبل ومنحتنا هذه الآلية نموذجا نستفيد منه في المستقبل في كافة تحركاتنا في العالم. وأضاف: نحن نركز على أولويات تحقق الاستفادة القصوى للمواطن المصري وتوفير احتياجاته على مستوى الطاقة والأمن الغذائي والتعليم والرعاية الصحية والتدريب لضمان توفير فرص عمل للشباب.
خطة المشاريع
واستعرض معالي الوزير في المؤتمر الصحفي خطة المشاريع الموجهة للشعب المصري بشكل مباشر، مبينا أن الخطة استهدفت اقامة 50 ألف وحدة سكنية بتكلفة 1.5 مليار دولار، وبدء العمل والتنفيذ في أول أكتوبر 2013 قبل توقيع الاتفاقية، وتم إنجاز 13 ألف وحدة، وباق 37 ألف وحدة سكنية سيتم الانتهاء منها في ديسمبر 2014.
100 مدرسة
وأضاف أنه على مستوى التعليم تم الاتفاق على إنشاء 100 مدرسة بمختلف المحافظات المصرية وكلها تدخل العام الدراسي 2014 – 2015 والإنجاز فيها وصل إلى 50 في المئة، كما اتفقنا على اقامة 78 وحدة صحية بـ23 محافظة وستكون مجهزة بجميع المعدات والتجهيزات الطبية والانتهاء منها في نوفمبر القادم بتكلفة 36 مليون دولار في المناطق الأكثر احتياجا.
وأوضح أن هذه المشروعات وفرت 250 ألف فرصة عمل وبعد التسليم توفر 10 آلاف فرصة عمل دائمة، مؤكدا انه تم بناء 4 جسور وكباري بتكلفة 110 ملايين دولار، و41 مزلقان سكة حديد بتكلفة 11.8 مليون دولار على أن يكون التنفيذ والتصنيع بأيد مصرية.
كما تم الاتفاق على إنشاء 25 صومعة لتخزين الحبوب وانتهينا من وضع التصميمات ويبدأ تنفيذ بعضها في دمياط والشرقية خلال الشهر القادم وسوف تنتهي في نهاية 2015 وتوفر 15 ألف فرصة عمل كذلك اتفقنا على إنشاء خطين للأمصال واللقاحات بتكلفة 12 مليون دولار بدأ بخط الأنسولين لرفع الطاقة الإنتاجية إلى 100 في المئة من الاحتياجات المصرية، وينتهي العمل في وضع الأمصال في ديسمبر المقبل وسيكون أول وأكبر مصنع في الشرق الأوسط وسيصدر إلى الخارج لتحقيق عوائد لمصر.
التأهيل والتدريب
قال الدكتور سلطان الجابر، إننا نملك خبرة عميقة في مجال التأهيل والتدريب والتعليم في مجالات علمية متنوعة من خلال منصات تدريب ومناهج حديثة، لتأهيل وتدريب أبناء الإمارات ونحن ننقل تجربتنا في الامارات لإخواننا المصريين، لرفع كفاءة المواطن المصري لتتناسب مع متطلبات سوق العمل.
وأعرب عن سعادته بما تم إنجازه في كافة المشروعات، مؤكدا أن وتيرة العمل ونوعيته مبهرة وتكشف أن تجربتنا فريدة من نوعها من حيث السرعة والإنجاز وفي نوعية المشروعات.
وقال إن الهيكل الإداري المؤسسي الذي تم استحداثه وتشكيله يعمل باستقلالية وهو نقلة كبيرة منحتنا قدرة على العمل ونستطيع الاستفادة من هذه التجربة في مشروعات أخرى في العديد من الدول الأخرى، مبينا أن بعض الدول الصديقة أعربت عن انبهارها بهذه الآلية والشكل المؤسسي الذي عملنا على إيجاده على ارض الواقع لضمان التنفيذ المباشر لمشروعاتنا.
وقال إن الصعوبة التي واجهتنا كانت تتركز في إيجاد المعايير التي على أساسها يتم اختيار المشاريع، وانصب اهتمامنا على وجود مؤشرات قوية على مدى استفادة الشعب المصري من هذه المشروعات، ولذلك في كل المشاريع كان هدفنا تحقيق أكبر استفادة اجتماعية واقتصادية للمواطن والاقتصاد المصري.
الحكومة المصرية
ورداً على سؤال حول كيفية التعامل مع الحكومة المصرية بعد إنجاز هذه المشروعات، قال الدكتور سلطان الجابر نحن نعمل على خلق آلية جديدة للعمل بالتعاون مع الجهات والهيئات المختصة ونلقى تفاعل واستجابة مميزة، وسنشكل مجلس أمناء لمتابعة المدارس والوحدات الصحية بالشراكة بين مصر والإمارات، لضمان كفاءة العملية التعليمية والكوادر الصحية وصيانة المعدات وسوف نقدم كل الدعم لهذا المجلس للقيام بدوره ومنحه استقلالية في العمل.
وعن مدى وجود مشروطية للدعم الإماراتي لمصر، قال إن دعم الامارات لمصر وشعبها لا يقترن بشروط أو أوضاع معينة وأثناء حكم الإخوان لم نوقف الدعم لمصر وكان لنا وجود دائم وطرحنا مبادرات متعددة ولكن لم يتم تطويرها ونحن ندعم مصر دائما وبصورة متواصلة في كل الظروف ونسعى أن نصل إلى مرحلة تكون فيها مصر قادرة من خلال الركائز الاقتصادية التي تم تأسسيها على العمل والاستمرار والتقدم.
وقال: نحن نحفز بصورة ملحة القطاع الخاص الإماراتي على الاستثمار في مصر وما نقدمه نراعي فيه مصلحة مصر التي لن نتخلى عنها أبداً وعندما نظمنا الملتقى المصري الخليجي، كنا نهدف الى التأكيد على وجودنا ووقوفنا بجوار مصر وإيصال رسالة أننا مع مصر واستطاعنا استقطاب استثمارات من دول عربية وأوروبية وآسيوية عديدة، وهدفنا أن يقف الاقتصاد المصري ويتعافى ويعتمد على ذاته وسنستمر في استقطاب الاستثمارات الخارجية لمصر.
سفارة الدولة
وأشاد بدور سفارة الامارات بمصر، مؤكدا أنها داعمة ومساندة لكل ما نقوم به في مصر وكما توقعنا قدموا كل جهودهم لإنجاح دورنا وهو ما يؤكد أننا نعمل بروح واحدة.
وأكد انه تم الاعتماد على خبراء من أكثر من 50 شركة تضم نخبة من الخبراء والعلماء المصريين والإماراتيين، وقال نحن فخورون باعتمادنا على الخبراء من مصر والإمارات.
إعمار
ثمن الجابر الدور الذي تقوم به شركة «إعمار» في مصر مبينا أنها تمثل مكانة مرموقة وهي تقوم باستثمارات ضخمة ولديها دراسات لطرح مبادرات جديدة، وهذا يفرض علينا أن نبدأ بدراسة السوق المصري بطريقة مختلفة وان نضع نصب أعيننا احتياجات الشعب المصري وظروفه وأتمنى من الشركات العقارية الإماراتية أن تقوم بتوفير مساكن للمواطن المصري محدود الدخل.
تجاوب مصري نحو الاستثمارات الإماراتية
رداً على سؤال حول المشكلات التي يواجهها المستثمرون الإماراتيون بمصر، قال: أتوجه بالشكر إلى سفارة الإمارات وإلى معالي السفير لما بذلوه من جهود ولم يقصروا أبدا في القيام بدورهم ومساندة الشركات الإماراتية وهناك تجاوب من الجانب المصري لحل هذه المشاكل، وأغلبها تم حلها وتسويتها وما يتبقى هي مواضيع قليلة تتم دراسة حلول للانتهاء منها ولن تؤثر على مسار عملنا.
وأضاف أن الجانب المصري كان لديه تجاوب ممتاز نحو الاستثمارات الإماراتية ووضع حلول لكافة المشكلات المثارة لبعض المستثمرين الإماراتيين وهناك اهتمام من جانب الأخوة في مصر لتطوير منظومة القوانين والتشريعات الاستثمارية وهو ما يؤثر بصورة إيجابية، لتعزيز النمو الاقتصادي وعلينا أن نتحلى بالصبر والتعاون. وقال إن الامارات من خلال دعمها ووقفوها بجانب مصر، لا تقوم به لمصلحة شخص أو بناء على فكر معين ونحن نقف بجانب مصر وشعبها ونحترم وندعم إرادته، مبينا أن هناك تفاعلا إيجابيا مع المشير عبدالفتاح السيسي ولا يخفى على أحد الدور الذي قام به المشير مع زملائه في الحكومة للعبور بمصر وتجاوز أزماتها. ونحن داعمون لمصر بغض النظر عن الانتخابات الرئاسية ونتيجتها والشعب المصري عودنا دائما على صدقه وأمانته ووعيه وقدرته على التعامل مع الأحداث.
المصدر: عمرو أبوالفضل (القاهرة) – الإتحاد