«الإمارات لتموين الطائرات».. خلية نحل لا تهدأ

منوعات

تبدو الأطباق كأنها قطع هندسية ملونة. مستطيلة، مربعة، مستديرة، تتكرر في شكلها ومحتواها لمئات المرات، على صواني كبيرة مفرودة على طاولات معدنية، فتخال لوهلة، أنها أجزاء من تشكيل “لوغو” عملاق يرسم بمجمله لوحة بديعة.. وشهية.

موائد مطبخ “مركز الإمارات لتموين الطائرات” دوماً عامرة، صباحاً ومساءً. لا يمكن أن يرتبط إيقاعها بتواقيت محددة، لأن الطائرات تقلع كل دقيقة، والمسافرون بعد أن يفكوا أحزمة الأمان على المقاعد الخاصة بهم، سيفكرون على الفور، بعد تصفح سريع للمجلة المخبأة في ظهور الكراسي، ماذا سيأكلون بعد قليل؟ من هذا المكان، “مركز التموين”، تتم تلبية رغبات المسافرين، بأبهى صورة.

تشرق شمس الصباح على موظفين في نهاية دوام عملهم، فيما آخرون يتوجهون بكل تنظيم ومعرفة الإجراءات الواجب اتخذاها لدخول ما يعرف بأنه “أكبر مطبخ بالعالم”.

أكثر من 4300 عامل وطاهٍ، يتحركون بنشاط في خلية نحل على مدار الساعة، لإنجاز نحو 137 ألف وجبة طعام يومياً، ليصل ما يتم تصنيعه إلى 50 مليون وجبة سنوياً.

كل ما تشتهيه النفس حولك، وبكميات ضخمة، فلا عجب أن يتم تحضير 10 آلاف سلة فاكهة في اليوم يتم تجهيزها بعناية ومهارة فائقة. وهذا يعني 3 ملايين و650 ألف سلة فاكهة في السنة، كل سلة تضم ما لا يقل عن 5 ثمرات، أي ما يقارب 17 مليون ثمرة فاكهة سنوياً.

هذا رقم كفيل أن يجعلك تتخيل بستاناً مثمراً يغطي الكرة الأرضية، أو تتخيل كوكباً كاملاً على شكل ثمرة. الأرقام تشحذ المخيلة وتطلقها إلى آفاق من الدهشة والغرابة. بوسعك أن تتخيل الشمس وهي ترمي بأشعتها الذهبية فوق سهول وجبال ووديان عامرة بالخير والطاقة.

يقول شريف العيط، مساعد نائب الرئيس للإمدادات اللوجستية: يتم تزويد الطائرات يومياً بـ150 ألف قطعة من 196 صنفاً من السوق الحرة.

جهود تشغيلية خارقة تسيّر المطبخ العملاق، وخبرات متراكمة على مدى سنوات طويلة، ومجمعة من كل دول الأرض.

إنها مدينة متكاملة فيها كل ما تتمتع به المدن: بشر ومكائن وطعام وطاقة وسكن ومواصلات وحتى ترفيه.

كل شيء ضخم وعملاق كثير وكثيف، مرصوص بعناية، يلمع، يسطع، يتحرك على عربات، أو أحزمة كهربائية معلقة، يبدأ وحيداً في طبق صغير، ثم يضاف إليه شيء آخر، فثانٍ وثالث، ثم إلى صندوق، يتم الإغلاق والتغليف، ثم إلى صندوق أكبر، مثل كرة الثلج، كل شيء يبدأ صغيراً لكي يتعملق، شاحنات تدور عجلاتها مئات المرات في اليوم لإنتاج أشهى الوجبات التي يستمتع بمذاقها المسافرون فوق السحاب.

يقول الشيف برونو تروش من سويسرا أن كل الطعام يتم طهوه يومياً، حيث يتم طهي 1500 كغ من لحم التونة الطازج يومياً على متن درجة رجال الأعمال .

أما الطاهي ساتو من اليابان الذي يتخصص بإنتاج السوشي فيقول: نحن لا ننتج هنا وجبات فقط للطائرات، ولكن أيضاً للفعاليات والأحداث الضخمة التي تحصل في دبي مثل مهرجان الجاز وبطولة الركبي.

ويشرح الطاهي السوري إباء أن حلوى المافن التي تقدم على كل الدرجات في طيران الإمارات، تخرج 5.5 ملايين قطعة تخرج من هذا المطبخ سنوياً أي بمعدل 7500 قطعة يومياً.

ويبلغ طول الحزام المتحرك الذي ينقل المعدات التي يتم غسلها في المطبخ لتحميل الطعام 1.1 كم ويحمل 10 آلاف قطعة في عملية دوران مستمرة.

الخامسة والنصف صباحا في هذا المكان، مثل السادسة او السابعة او الثانية عشرة، لأن المكان لا ينام لكي يصحو ولا يصحو لكي ينام. إنه تجسيد حي لمدينة تعرف جيداً كيف تمد العالم كله، على الأرض وفوق السحاب يما بتوجب من طاقة

المصدر: البيان