عاش أهل الإمارات في الماضي ظروفاً صعبة وشاقة تحملوا خلالها متاعب الحياة، إذ تدبّر أهل البحر أمر معيشتهم من صيد الأسماك واللؤلؤ؛ أما أهل البر فقد اعتمدوا على قليل من الأغنام والإبل؛ ما جعلهم في صراع مستمر مع الصحراء الشاسعة والكثبان الرملية المتحركة، بينما أهل الساحل كان صراعهم الأزلي مع البحر الهادر، ولا يفارقهم الخوف من غدره حتى في منازلهم يخشون قدومه نحوهم فجأة إذا فاض وهاج وغمر منازلهم بالماء؛ ما دفع الكثير منهم للابتعاد داخل الصحراء والإقامة وسطها مجبراً، ومن بقي بالقرب من البحر والخيران فهو مثل الأسماك لا يعيش إلا بالقرب من الماء ويموت إذا ابتعد عنه.
يقول المواطن جمعة محمد حثبور الرميثي (80 عاماً): «اعتمد عامة أهل الساحل على صيد الأسماك واللؤلؤ اعتماداً كبيراً، إذ كان البحر كريماً معهم، وجدوا فيه الخير الوفير في وقت الحاجة والعوز حتى أهل الصحراء يترددون عليه من وقت لآخر من أجل سد حاجياتهم».
ويضيف: «كانت مهنة الغوص بهدف استخراج اللؤلؤ أولى المهن التي مارسها أهالي الساحل، وكانت بجانب صيد الأسماك حرفة ومصدر رزق مهماً لكثير من العائلات؛ إذ كانت تعد هذه المهنة هي عصب الحياة بالنسبة لهم، وعمل في هذه المهنة عدد كبير من الناس، لكن مع ظهور النفط فإن صناعة اللؤلؤ تضاءلت إلى أن انتهت كلياً بعد ذلك، وأصبح كل ما يتعلق بها من الذكريات».
ويتابع الرميثي أنه إذا كان أهل الساحل هذا حالهم، وتعلقوا بمهنة صيد الأسماك واللؤلؤ فإن أهل البر لا يقلون عنهم تعلقاً بصناعة الفحم، حيث امتلك أهل البر في زمن ما قبل النفط والطاقات البديلة زمام صناعة الطاقة، ووفروا الفحم كمصدر مهم لها في الإمارات.
ويؤكد أنه كما نشأت المهن التي عرفتها المجتمعات نشأت مهنة صناعة الفحم في صحراء الإمارات نتيجة للحاجة إلى النار في موسم الشتاء، وفي الأماكن التي يندر فيها الاحتطاب، فبدت الحاجة ملحة لوجود بديل عن جذوع النباتات الجافة التي كانت تستخدم في إشعال النار.
ويشير إلى أنه نتيجة لتلك الحاجة ظهرت مهنة صناعة الفحم النباتي، وهو مادة يمكن نقلها وتخزينها واستخدامها عند الحاجة، هذه المهنة التي عرفتها كل مجتمعات العالم ظلت إلى اليوم حاضرة رغم مرور مئات السنين على ظهورها.
وظل شعب الإمارات زمناً طويلاً يعتمد على ماء البحر المالح، ويرزق من خيراته، فكان البحر كريماً معهم ليعوضهم عن أزمنة قاسية عاشوها، وبعيداً في الصحراء القاحلة ظلت الشجرة والرمال سر حياة البداوة حتى تفجرت وسط تلك الرمال آبار الذهب الأسود (النفط).
شيء من الماضي
لم تتغير علاقة الإماراتي الوثيقة باللؤلؤ والفحم إلا بعد اكتشاف النفط في أبوظبي عام 1958 وتصديره عام 1962، وأصبحت من الماضي بعد تصدير أول شحنة نفط لتحل محلها علاقة جديدة «علاقة الإبداع والتحدي» مع المولود الجديد، فانتقلت الإمارات من عصر اللؤلؤ والفحم إلى حضارة النفط.
من جهته، يقول المواطن خليفة بن أحمد السويدي: «قد أدرك المغفور له المؤسس الأول الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان منذ الوهلة الأولى، أن البترول لا يشبه الذهب الأصفر، فهو سائل ولا ينفع معه الاكتناز، ولا يمكن أن يكون زينة وحلياً، فهو عصب الطاقة والصناعة ومحرك التكنولوجيا، ومصدر الثراء السريع، فنظر إليه نظرة رجل مبدع، فباع السائل، وحوّل عائده إلى بناء مشروعات بنى تحتية عملاقة من طرق ومستشفيات ومصانع ومساكن، فعاش الشعب في رفاهية وسعادة، وعوضهم عن سنوات الفقر والحرمان حتى أصبحت الإمارات نموذجاً عالمياً يحتذى».
ويضيف: «أما القيادة الآن وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، وأخوه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، فتدرك أن التحدي قادم ولابد أن تكسب الدولة الرهان عندما ينضب النفط وتصدّر الدولة آخر شحنة بترول».
المزيد من الرخاء
ويؤكد السويدي، أن «دولة الإمارات تسير اليوم على طريق التطور، فهي دار زايد الخير التي لا تعرف المستحيل، وهي التي رسمت صورة واثقة لدولة عصرية متقدمة آمنة تسير في ركب الأمم المتقدمة، وتحقق في مسيرتها التنموية المزيد من التقدم والرخاء والتنافس في كل المجالات، حتى أصبحت محط أنظار العالم».
وبذكاء وحكمة بدأها الراحل الشيخ زايد وعلى خطاه سارت القيادة الرشيدة، أصبحت الإمارات اليوم أول دولة عربية تحوي ثلث عجائب الدنيا المستقبلية؛ فقد سبق أن اختارت صحيفة «التليغراف» خمسة من المعالم المرتقبة في دولة الإمارات بين عجائب الدنيا الـ16 المستقبلية، وبهذا تكون الإمارات قد استأثرت بنسبة تقارب الثلث، أي 31% من هذه العجائب
وحسب تقرير «التليغراف» فإن العجائب الخمس المختارة هي: جزيرة السعديات في أبوظبي، ويجرى تحويلها حالياً إلى حي ثقافي ينتظر أن يكون مركزاً أوسطياً لأبرز المتاحف العالمية، والثانية حديقة الفية في أبوظبي، وهي حديقة متكاملة الخدمات تحت الأرض، وينتظر أن تضم بحلول عام 2017 أرضاً عشبية ونباتات مغطاة بمظلات بارتفاع 65 قدماً، وثالثة العجائب ستكون مبنى إكسبو 2020 في دبي، والرابعة مول العالم في دبي، وسيكون الأكبر من نوعه في العالم، وهو عبارة عن مدينة داخل مدينة تضم 100 فندق ومسرح ومدينة ملاهٍ، أما الأخيرة فهي فندق ووتر ديسكوس المقترح تحت الماء في دبي، وسيضم 21 جناحاً موزعة على مبنيين بتصميم على شكل القرص، كما سيحتوي على مرافق ترفيه فوق الماء وتحته.
المصدر: صحيفة الإمارات اليوم