تحت شعار «معاً-أبداً» تحتفي دولة الإمارات باليوم الوطني السعودي، الذي يمثل ذكرى مرور 90 عاماً على توحيد المملكة العربية السعودية، ويصادف اليوم الأربعاء 23 سبتمبر، ويشمل الاحتفال العديد من الفعاليات التي تنظمها الدولة كل عام بهذه المناسبة.
ويعكس شعار «معاً-أبداً»، عمق العلاقات التي ربطت بين البلدين، والروابط الوثيقة التي تجمع بين الشعبين في مختلف المجالات، الثقافية والتاريخية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها، هذه العلاقات التي أسسها المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، طيب الله ثراهما، لتكتسب منعةً ومتانةً أكبر بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، من خلال البناء على القيم المشتركة والمصير الواحد.
علاقات تاريخية
لم تبدأ العلاقات بين السعودية ودولة الإمارات حديثاً، بل تمتد طوال تاريخ الدولتين، بل قبل قيام كل من الدولتين في شكلها الرسمي الراهن، فقبل إعلان اتحاد الإمارات عام 1971 كانت حبال الصلة بين إمارات الاتحاد السبع والسعودية ممدودة، خصوصاً أن السعودية هي أرض الحرمين الشريفين، والشقيقة الكبرى لإمارات الخليج عموماً، فدعمت الرياض الاتحاد، منذ كان تساعياً، من أجل ملء فراغ الانسحاب البريطاني، حفاظاً على استقلالية هذه الإمارات، وحماية لترابها من المطامع الإيرانية في المقام الرئيس، وفق ما يذكر سفير المملكة العربية السعودية لدى دولة الإمارات، تركي الدخيل، في كتابه «العلاقات السعودية – الإماراتية في ضوء التحديات المشتركة»، الصادر عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، موضحاً أن التنسيق السعودي – الإماراتي قد بُني على رصيد من الواقعية المستمدة من الخبرة السياسية للدولتين، وتجاربهما الداخلية، وهو ما يمكن أن يطلق عليه ذاكرة الأخلاق السياسية للتحالفات في عقل صانعي القرار، ولهذا فإن فهم التحالف وتفسيره لا يقتصران على سرد المصالح الراهنة فقط، بل العودة إلى المعطيات التاريخية التي تكشف عن قيمة فكرة «الأحلاف» في العقل السياسي والاجتماعي للدولتين. وقد انطبعت محطات متشابهة من تاريخ البلدين في الذاكرة الجمعية لشعبيهما؛ إذ يتوحد في النموذجين التاريخيين لمسار تأسيس الدولة فكرة التعاون والتحالف ضد الخطر، والتوحد لخدمة الشعب، ويتشكل العقد الاجتماعي فيهما على مفهوم الاستقرار، والرضا به بشكل تدريجي، ويضاف إلى هذا تشابه مدخلات القيم الدينية والاجتماعية في الدولتين، بل حتى الظروف الاقتصادية والإنتاجية، سواء من نفط ومعادن في باطن الأرض، أو زراعة وتجارة برية وبحرية.
تحالف وشراكات
وأضاف: «كل هذا ينشئ أخلاقاً سياسية واجتماعية متشابكة تؤثر في التخطيط السياسي للدولتين، ويدفع بها إلى تبني خيار التعاون مع الأصدقاء، والدخول في تحالف وشراكات، عوضاً عن التصرف المنفرد، والخروج عن الجماعة، ولاسيما أن تاريخها ينبذ تصرفات الدول المارقة، ولكلتا الدولتين واقع تاريخي يتشبع بقيم تمجد مثل هذه التحالفات القبلية والسياسية، فما أكثر التحالفات في التاريخ الإماراتي، وكانت تعبّر عن الحلفين القبلي والسياسي، ومنها مثلاً حلف بني ياس، والحال نفسها تنطبق على النموذج السعودي الذي احتوى على أحلاف قبلية ومصالحات متعددة، وخطوات امتدت لثلاثة قرون، مرت خلالها بثلاث دول سعودية، ويمتد عُمر الدولة السعودية الثالثة (الحالية) نحو 90 عاماً، وحينما تنشأ الدولة في حاضنة هذه الأحلاف، التي يعززها الدين والنسب وتقارب العادات والقيم، إضافة إلى المصالح المعنوية الأخرى، فإن ذلك يخلق مزاجا مشتركاً»، موضحاً أن الدولتين مرتا بمرحلة تأسيس برز فيها قادة مؤسسون مميزون، يملكون تصوراً مستقبلياً واضحاً وطموحاً لبلادهم، يمثلهم في المملكة العربية السعودية المؤسس الملك عبدالعزیز بن عبدالرحمن آل سعود، موحد الوطن وجامع شتات مناطقه ومواطنه، الملك الذي طوت البلاد في عهده مرحلة التفتت والتحارب والتنازع بين مكونات ما أصبح، بكفاح التوحيد، كيان المملكة العربية السعودية، التي صارت بعد جهد وجهاد مملكة موحدة، بميثاق أخلاقي وديني، يعزز الاستقرار، ويختار منهج النظام، وفكرة الدولة، وتنمية الإنسان النابعة من احترامه، على حساب كل فكرة أخرى، وبعده بسنوات نجح المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وإخوانه حكام الإمارات، في إرساء وعي تصالحي تحالفي مماثل، عبر بالإمارات السبع نحو اتحاد صنع دولة الإمارات العربية المتحدة، التي حققت – بناء على أساسات الوحدة ولبنات الانطلاقة الأولى، وجهود المؤسس في لم الشمل، وتوسيع رقعة الائتلاف، ودرء أفكار الاختلاف، وتجاوز المصاعب – دولة باتت خلال بضعة عقود تُعرف بالتطور والنماء والتقدم والتسامح.
اليوم الوطني السعودي
يعود تاريخ الاحتفال باليوم الوطني السعودي لتوحيد أراضيها في 23 سبتمبر، إلى المرسوم الملكي رقم 2716، الذي أصدره الملك عبدالعزيز في ذلك اليوم من عام 1932، الموافق 17 جمادى الأولى عام 1351هـ، والقاضي بتحويل اسم الدولة من مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها إلى المملكة العربية السعودية.
وكان الملك عبدالعزيز آل سعود، مؤسس المملكة العربية السعودية الحديثة وأول ملوكها، قد تمكن في 15 يناير 1902 من استعادة الرياض، مواصلاً مسعاه من أجل توحيد المملكة، حيث نجح في توحيد العديد من المناطق على مدى 30 عاماً، أهمها: جنوب نجد وسدير والوشم، والقصيم والأحساء، فعسير وحائل، تلا ذلك ضم منطقة الحجاز، قبل أن يكتمل توحيد منطقة جازان، أخيراً، في عام 1930.
تعاون مشترك
شهد عام 2014 تشكيل اللجنة العليا المشتركة بين الإمارات والسعودية، التي من مهامها تنفيذ الرؤى الاستراتيجية لقيادتَي البلدين لتعزيز العلاقات الثنائية، في إطار كيان قوي متماسك يعود بالخير على الشعبين، ويدعم مسيرة العمل الخليجي المشترك.
وفي عام 2016 تم إنشاء مجلس التنسيق السعودي الإماراتي، بهدف تحقيق الرؤية المشتركة بين البلدين، وترسيخ مكانتيهما في مجالات الاقتصاد والتنمية البشرية، بما يحقق الرفاه المجتمعي في البلدين.
علاقات متينة أسّسها المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود.
التنسيق السعودي – الإماراتي بُني على رصيد من الواقعية والخبرة السياسية للدولتين، وتجاربهما الداخلية.
206
مشروعات سعودية في الإمارات.
114
مشروعاً إماراتياً في السعودية.
«ذاكرة الوطن»
صفحة أسبوعية تقدمها «الإمارات اليوم»، بالتعاون مع «الأرشيف الوطني»، التابع لوزارة شؤون الرئاسة، بهدف التعريف بشكل الحياة في الإمارات قبل الاتحاد، وخلال بداياته الأولى، والجهد الكبير الذي بذله الآباء المؤسّسون للدولة من أجل قيامها، وربطها بما يحققه قادة الإمارات اليوم وأبناؤها من إنجازات شهد لها العالم.
المصدر: الامارات اليوم