
العلاقات الثقافية بين الإمارات والكويت الشقيقة ذات جذور تاريخية راسخة، وتجسّد التّعاون الوثيق بين البلدين، والتبادل الفكري والمعرفي على كل المستويات، في ظلال علاقات أخوية وثيقة تحظى بدعم ورعاية القيادتين الرّشيدتين في البلدين الشقيقين. وسجّلت خمسينيات القرن الماضي بداية هذه العلاقات تحت مظلة ثقافية حين بدأت البعثة التعليمية الكويتية عملها في الإمارات في عام 1955، بإنشاء العديد من المدارس وتجهيزها، ثم إنشاء محطة إرسال تلفزيوني في إمارة دبي، بدأ العمل بها عام 1969، وأطلق عليها «تلفزيون الكويت من دبي». وفي سبعينيات القرن الماضي تعمّقت العلاقات الأخوية المستندة إلى روابط الدّم والإرث والهوية والتاريخ والمصير المشترك، والحفاظ على خصائص الشخصية الخليجية، وفي مشهد يؤكد متانة وعمق العلاقات التاريخية والمحبّة تشارك الإمارات سنوياً شقيقتها الكويت احتفالاتها باليوم الوطني، في تأكيد على مستوى العلاقات الأخوية والشراكة الاستراتيجية الرّاسخة بين البلدين، وقد تعزّزت شراكتهما بالتنسيق والحوار الصادق حيث تعرب القيادة الرشيدة في الإمارات عن أمنياتها للشعب الكويتي وقيادته بدوام العزّ والاستقرار، والمزيد من الإنجازات والنجاحات الكبيرة.
تعاون وتضامن
ما بين البلدين يترسخ مفهوم الأسرة الخليجية الواحدة والأخوة والتّوافق والتعاون والتضامن، نظراً للمكانة الخاصة لدولة الكويت في وجدان قيادة وشعب الإمارات، ويبرز ذلك في الكثير من المحطّات، يتصدرها توقيع اتفاقية إنشاء «اللجنة المشتركة للتعاون الثنائي» عام 2006، في مدينة الكويت، حيث تم التوقيع على اتفاقيات ومذكرات تفاهم عدّة، منها البرنامج التنفيذي للاتفاق الثقافي والتعليمي والفنّي بينهما، فقد فتحت الجامعات الخاصة في الإمارات مجالاً واسعاً أمام استقطاب الطلبة الكويتيين، إضافة إلى ما تشهده المعاهد والكليات والجامعات الكويتية من وجود الطلبة الإماراتيين فيها، إلى برنامج تنفيذي للتعاون في مجال المكتبات والثقافة والفنون، ما بين وزارة الثقافة والشباب ودائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الكويتي.
مشاركة نوعية
مشاركة الكويت النّوعية في الفعاليات الثقافية بالإمارات بارزة ومتميزة، ومنها معرض الشارقة الدولي للكتاب في نسخته الـ40، التي منحت الروائي الكويتي طالب الرفاعي جائزة «شخصية العام الثقافية»، ثم المشاركة الدورية في فعاليات معرض أبوظبي الدولي للكتاب بأجنحة ونشاطات ثقافية مميزة تجمع الأدباء والمثقفين من البلدين في حوار تجارب نوعي يعكس مدى أهمية تبادل الآراء والمقترحات في تنمية الفكر الإبداعي.
فضاءات إبداعية
تتنوع محطات التبادل الثقافي بين الكويت والإمارات في أكثر من بوابة وفضاء إبداعي، منها المشاركة الكويتية المتواصلة في مهرجان المسرح الخليجي، بعرض بعنوان «صدى الصّمت»، وعرض آخر حمل اسم «انعكاسات» نص علي العنزي، للمخرج خالد أمين. وأكد عدد من نجوم المسرح الكويتي أن الحدث يمثل فجراً جديداً للمسرح في دول المنطقة، ومنصة للانطلاق في فضاءات الإبداع. كما احتفت الدولة بمشاركتها في تدشين مركز عبدالله السّالم الثقافي في عام 2018، إضافة إلى احتضان متحف الشارقة للآثار عام 2019 لمعرض «روائع الآثار في دولة الكويت» وضم مجموعة نادرة من المكتشفات الأثرية في الكويت تعود إلى الفترة الممتدة بين الألف السادسة قبل الميلاد وحتى نهاية القرن الأول الميلادي.
كويت السلام.. إمارات الوفاء
تتنوّع صور التبادل الثقافي بين البلدين، حيث يحلّق في فضاءات شراكة ثقافية قائمة على هوية ثقافية يرسخها انسجام إبداعي نقرؤه في فعاليات مهرجان «كويت السلام – إمارات الوفاء» 2015، بتنظيم من هيئة دبي للثقافة والفنون، بالتعاون مع القنصلية العامة لدولة الكويت في دبي، ثم استضافة «البيت الكويتي» في معرض سكّة الفني عام 2019، مقابل مشاركة الإمارات ضيف شرف في «مهرجان القرين الثقافي» الكويتي في نسخته الـ16، وتنظيم «منصة كلمات للثقافة والإبداع» الكويتية، فعاليات «يوم الإمارات الثقافي» 2020، وفي معرض الكويت الدولي للكتاب 2019، كانت ندوة «التاريخ الثقافي المشترك بين الكويت والإمارات» عنواناً يعكس حوار التجارب الثقافي الخليجي بلقاء نخبة من الأدباء والمثقفين في البلدين، إلى فوز الكاتب والمخرج الإماراتي صالح كرامة بالجائزة الكبرى في مهرجان الكويت المسرحي، لعام 2014، عن مسرحيته «حاول مرة أخرى». ويكتب الإماراتيون في هذه المناسبة الكويتية الغالية عنواناً للمحبة والوفاء وهم يشاركون أشقاءهم في الكويت فرحتهم بيومهم الوطني.
المصدر: الاتحاد