خبير اقتصادي عالمي
قد يكون مسؤولو مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في ورطة بسبب استعدادهم لاجتماع السياسة النقدية المقرر يومي 15 و16 سبتمبر (أيلول) الحالي، حيث يؤدي التباين المتزايد بين اقتصاد الولايات المتحدة الجيد نسبيًا، والاضطراب في أماكن أخرى إلى تعقيد مداولاتهم حول تقرير إما بدء حملة رفع معدل الفائدة أو تأجيل اتخاذ أي إجراء حتى ديسمبر (كانون الأول) أو بعد ذلك.
وستكون الوظائف في الولايات المتحدة هي النقطة الفاصلة، سواء كانت قوية أو ضعيفة أو متوسطة. وإذا كانت البيانات الاقتصادية المحلية هي كل ما ينظر إليه مجلس الاحتياطي الفيدرالي بعين الاعتبار، فإن الرغبة في رفع أسعار الفائدة لأول مرة منذ تسع سنوات لن تُقاوم على الأرجح، حيث يتم خلق فرص العمل بشكل ثابت، ويستعيد النمو المحلي الإجمالي توازنه بعد أن كان مخيبًا للآمال خلال الربع الأول.
ولا تتمثل الصعوبة التي تواجه مجلس الاحتياطي الفيدرالي في ضعف الاقتصاد العالمي فحسب، ولكن أيضًا عدم اليقين بشأن إمكانية أن تؤدي إجراءاته السياسية في نهاية المطاف إلى تقويض النمو المحلي بشكل غير مباشر، ولا سيما عن طريق زيادة عدم الاستقرار المالي الدولي، لأن الخطر السلبي يرتد مرة أخرى من خارج حدود الولايات المتحدة.
وليس هناك شك في أن العالم الناشئ – بقيادة الصين – يتباطأ، بطريقة ليس من المرجح أن يقابلها تسارع نمو في أوروبا والولايات المتحدة. وهناك أيضًا قلق بشأن ما إذا كان الاضطراب الحالي في الأصول المالية بالأسواق الناشئة، بما في ذلك انخفاضات العملة غير المنتظمة بشكل مذهل، قد يمتد إلى الاقتصاد الحقيقي – أولاً داخل الدول الناشئة ذات الأهمية النظامية (مثل البرازيل والصين وكوريا وروسيا)، ثم ينتشر إلى الدولة المتقدمة.
وفي ظل هذه الظروف، سوف يدرس مجلس الاحتياطي الفيدرالي هذا الأمر – لسبب وجيه – بعناية فائقة قبل الشروع في زيادة أسعار الفائدة التي يمكن أن تتسبب في عدم استقرار عالمي.
وبينما يزن البنك المركزي هذه التأثيرات المتعارضة، يمكن أن يكون تقرير الوظائف عن شهر أغسطس (آب) بمثابة النقطة الفاصلة في الأمر.
ويمكن للبيانات التي تشير إلى استمرار التوسع القوي في التوظيف (بتوفير 200 ألف وظيفة جديدة أو ما يزيد خلال شهر آخر)، مع الزيادة الملحوظة في نمو الأجور، أن ترجح الكفة لصالح ارتفاع معدل الفائدة في اجتماع سبتمبر، لا سيما إذا بقي معدل المشاركة متدنيًا بهذا المستوى التاريخي.
وبالعكس، يمكن للبيانات الضعيفة – التي تبين استمرار النمو البطيء في الأجور، مصحوبة بانخفاض وتيرة خلق وظائف شهرية – أن ترجح كفة البقاء على الوضع الراهن.
وأيضًا، إذا كان التقرير متوسطًا – مثلاً بخلق وظائف ثابتة، لكن من دون زيادة في الأجور بشكل هادف – قد يقرر المجلس الانتظار.
وفي عالم أكثر هدوءًا، من الضروري ألا يكون هناك هوس حول توقيت زيادة معدل الفائدة، وبخاصة في ضوء القوة النسبية للاقتصاد الأميركي. وفي مثل هذه الظروف، قد يكون البنك المركزي نجح حتى الآن في تحويل الانتباه إلى الآثار الأوسع نطاقًا (التي تتضمن الزيادات الطفيفة في معدل الفائدة، والنقطة النهائية لمعدل الفائدة التي هي دون المعدلات التاريخية).
لكن الأسواق المالية المضطربة والاقتصاد العالمي الهش لا يعطيان مجلس الاتحاد الفيدرالي خيارًا سوى القلق بشأن الظروف والتداعيات الدولية. وهذا يعني احتمالية أن صدور تقرير قوي عن الوظائف بشكل غير عادي، هو السبيل الوحيد الذي يمنح المسؤولين الثقة للعمل على رفع معدل الفائدة في اجتماع سبتمبر.
* بالاتفاق مع «بلومبيرغ»
المصدر: صحيفة الشرق الأوسط