الباجاو.. شعب يسكن البحر وتتعبه اليابسة

منوعات

في البحار المرجانية الزرقاء قبالة السواحل الماليزية، يعيش شعب «الباجاو»، أو ما يعرفون محلياً بـ«غجر البحر»، حيث يقضون يومياتهم بكل تفاصيلها في البحر،حتى أصبحت الحياة على اليابسة بالنسبة لهم شبه مستحيلة.. كالأسماك تماماً.

أسطورة البحر

تعددت الروايات حول أصول شعب «الباجاو»، حيث يقول بعضها إنهم شعب منع من العيش في الأراضي الماليزية، بعد هجرتهم من الفلبين، فيما تقول قصة قديمة إن رجلاً ضخماً جداً، يدعى «باجاو»، أمر شعبه باللحاق به، خلال رحلاته البحرية، لأن البحار ستفيض ببركتها وجودها، ما سيسهل عملية الصيد بالنسبة لهم، وقد سمع سكان المناطق القريبة بقصته، فخططوا لقتله بالسهام، إلا أنه نجا منها، وبقيت سيرته متداولة ومتوارثة عبر الأجيال، حتى قيل إن أثره نقش على حجر، يحمل اسمه، ولا يقوى أحد على حمله، ولايزال أفراد القبيلة يهابون حجر الملك «باجاو» إلى الآن.

كما يتداول أهل «الباجاو» أسطورة أخرى، تحكي أنهم ينتمون إلى شعب كان يسكن اليابسة، ويحكمهم ملك له ابنة ابتلعها البحر في عاصفة شديدة، فأمر الملك شعبه بالبحث عن ابنته، فرحلوا إلى البحر باحثين عنها، ولمّا فشلوا في العثور عليها، قرروا البقاء في البحر، وعدم العودة إلى اليابسة، خوفًا من غضب الملك.

غجر البحر

يعتمد أهالي «الباجاو» على ما يصطادونه من البحر من أسماك وأصداف اللؤلؤ وخيار البحر (تريبانج) غالي الثمن، في تأمين احتياجاتهم المعيشية، فيقايضون صيدهم مع سكان اليابسة الأقرب إليهم في بلدة «سيمبورنا» الماليزية، لتأمين احتياجاتهم من الأرز والطعام.

ولا يذهب أبناؤهم إلى المدارس، ويكتفون بدراسة حسابات وأبعاد شبكة الصيد، التي ستساعدهم في اصطياد الأخطبوط، وأخطر أنواع الأسماك.. ويحترف صغارهم صناعة القوارب الفريدة، التي تشكل مسكنهم.

ويتدرب طفل «الباجاو»، منذ نعومة أظفاره على صيد الأسماك، حتى يصبح قادراً على اصطياد أخطرها، والغوص 20 متراً تحت سطح البحر عند بلوغه سن الثامنة، إذا اقتضت فريسته ذلك.

وتلاءمت عيونهم مع ملوحة البحار، حتى باتت رؤيتهم أكثر وضوحاً تحت الماء منها على اليابسة.. وكما يعاني كثيرون من أهل اليابسة ما يعرف بـ«دوار البحر» عند الخوض فيه، يعاني سكان «الباجاو» دوار اليابسة، عند قضاء فترة أكثر من المعتاد فيها.

ويتميز شعب «الباجاو» بمعرفته العميقة بالمحيطات والبحار، ويعتمد حركة المد والجزر مقياساً للوقت، بدلاً من الدقائق والساعات، ولايعرف شعب الباجاو عمره بدقة.

ويعاني معظم شعب «الباجاو» تمزق طبلة الأذن، بسبب تعلمهم الغوص في المحيطات في سن مبكرة، ما يجعلهم عرضة لتحمل ضغط المحيطات الكبير في الأعماق.

تحمي فتيات شعب «الباجاو» بشرتهن من الشمس بمستحضر يصنعنه منزليا بطحن أوراق ثمرة الجوافا مع جذور نبتة تدعى “الكسافا مع الماء.

ويتحدث شعب «الباجاو» أكثر من لغة، ويشكلون مجموعات أشهرها «سيناما» و«باهاسا»، ويمكن لمجموعات شعب «الباجاو» أن تفهم لغة بعضها بعضاً. وتتناقص أعداد شعب «الباجاو»، الذين يولدون ويعيشون في الماء كأسلافهم، بسبب الاندماج الثقافي مع الشعوب المجاورة، حيث أدى ذلك إلى انتقال جزء من شعب «الباجاو» للعيش على اليابسة، وتخليه عن نمط معيشته القديم، الذي يعتمد على صيد الأسماك، فبدأوا العمل بالزراعة، وتربية المواشي، وبعض الحرف اليدوية.

المصدر: الإمارات اليوم