فاقمت الأحوال الجوية السيئة التي تشهدها أماكن اللجوء السوري في الأردن ولبنان وتركيا، بالإضافة إلى الداخل السوري نتيجة موجة قطبية باردة محملة بالثلوج من معاناة اللاجئين السوريين.
وفي السياق، دعا الناطق الرسمي للائتلاف الوطني السوري لؤي صافي المجتمع الدولي والدول العربية خاصة إلى «تحمل مسؤولياتهم تجاه اللاجئين السوريين في الدول المجاورة»، معتبراً أن وفاة طفلين سوريين من البرد في مخيم عرسال اللبناني وآخرين في كل من الرستن وحلب «مسألة لابد للدول أن تقف عندها». وقال في بيان نشر على الموقع الإلكتروني للائتلاف «إن الإمكانيات الاقتصادية للائتلاف لا تكفي لحل كافة المشكلات التي يعاني السوريون منها، لذا لابد من موقف عربي وإقليمي جاد تجاه العاصفة الثلجية والبرد القارس الذي يهدد اللاجئين في الأيام المقبلة».
وفي السياق ذاته، قال ناشطون ميدانيون داخل مخيم عرسال بلبنان والزعتري بالأردن إن «مئات الأطفال مهددون بالموت برداً داخل المخيمات». وطالب الائتلاف العالم بتوفير المساعدات العاجلة والسريعة والأساسية للسوريين لتجنيب الأطفال والنساء والشيوخ الموت برداً بعد أن فروا من التوترات في سوريا. وأعلن الائتلاف «الجاهزية الكاملة لوحدة تنسيق الدعم في توصيل المساعدات العاجلة إلى المناطق الأكثر تضرراً بالتنسيق الكامل مع كتائب الثوار في المناطق المحررة». وأدت الأحوال الجوية السيئة إلى إغلاق مدارس وزيادة الصعوبات في حياة النازحين السوريين وخصوصاً في لبنان.
وتتأثر سوريا ولبنان والأردن ومصر وإسرائيل وتركيا والأراضي الفلسطينية بعاصمة ثلجية ترافقها أمطار غزيرة وتدن كبير في درجات الحرارة. وتوفي طفلان أحدهما في شهره السادس برداً في حلب التي تساقط فيها الثلج خلال الساعات الماضية.
وقال مسؤول في المكتب الإعلامي للائتلاف سونر أحمد ،إن الطفل «كان في منزل متضرر على الأرجح بسبب المعارك، ولم يتمكن من الصمود»، مشيراً إلى أن «طفلاً آخر توفي في مدينة الرستن» الواقعة في محافظة حمص في وسط البلاد، من دون أن يتمكن من إعطاء تفاصيل إضافية.
وبث ناشطون أمس شريط فيديو يظهر جثة طفل بدت ذراعاه مرفوعتين في الهواء، مجلدتين على الأرجح. وقال المصدر تعليقاً على صور الطفل الملفوف ببطانية «الأطفال يموتون برداً في الرستن». وإذا كانت مثل هذه العاصفة أمراً عادياً في مثل هذا الفصل، بحسب الأرصاد الجوية، إلا أن تداعياتها أكثر قسوة من السنوات العادية بسبب غياب الحماية والمأوى المناسب لمئات آلاف السوريين المتضررين بسبب حرب مدمرة مستمرة منذ نحو ثلاث سنوات، والنازحين واللاجئين الذين يعيشون في مخيمات هشة ومنازل غير مجهزة بوسائل التدفئة.
وأعلنت وزارة التربية السورية تعطيل المدارس في كل المحافظات السورية «نظراً للظروف المناخية والعاصفة الثلجية».
وفي لبنان، حيث يعيش آلاف اللاجئين السوريين في خيام هشة في مناطق لبنانية مختلفة، عبرت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة عن قلقها على أوضاعهم.
لكن على الرغم من كل هذه الجهود، تقول ليزا أبو خالد من المفوضية «نحن قلقون لأن البرد قارس في منطقة البقاع، ونحن قلقون خصوصاً على اللاجئين الذين يعيشون في خيم، لأن بعض هذه الأمكنة تفتقر إلى الحد الأدنى من الحماية». بين المساعدات التي تقدمها المفوضية بطانيات من الصوف وفرش بلاستيكية وفرش عادية للذين تضررت فرشهم نتيجة العاصفة.
وقال صقر (13 عاماً) في مخيم بالقرب من سعد نايل شرق لبنان «عندما يذوب الثلج يتحول إلى طين داخل الخيام والخيام تنهار تحت ثقله». وأكد مدير مصلحة الأرصاد الجوية في لبنان مارك وهيبي أن «الأمطار ستصبح أكثر غزارة وسيستمر كذلك اليوم الجمعة قبل أن يتحسن الطقس السبت».
وفي الأردن، قررت الحكومة تعطيل الوزارات والدوائر الحكومية بسبب سوء الأحوال الجوية والتساقط الكثيف للأمطار والثلوج، على ما أفاد مصدر رسمي. كما قرر البنك المركزي تعطيل دوام المصارف في المملكة.
وكان النسور قرر الأربعاء تعطيل الجامعات والمدارس الحكومية والخاصة «نظراً للظروف الجوية التي تسود المملكة وحرصاً على سلامة الطلبة ولتوفير الظروف والأجواء المناسبة للجهات المعنية للتعامل مع الحالة الجوية».
ودعت مديرية الأمن العام المواطنين عبر التلفزيون الرسمي إلى أخذ الحيطة والحذر وعدم الخروج من المنازل إلا للضرورة القصوى خصوصاً في المناطق التي تشهد تساقطاً كثيفاً للثلوج و«رؤية شبه معدومة».
وتتوقع دائرة الأرصاد الجوية في الأردن استمرار التساقط الغزير للأمطار والثلوج اليوم الجمعة مع درجات حرارة حول الصفر المئوي.
من جهة أخرى، قال مدير إدارة شؤون مخيمات اللاجئين السوريين العميد وضاح الحمود لوكالة فرانس برس إنه «حتى الآن لم تقع أي حوادث تذكر في المخيمات، نحن جاهزون للتعامل مع أي طارىء» نظراً للظروف الجوية.
وأضاف أن «كارفانات جديدة وزعت على اللاجئين السوريين بحسب الدور بحيث وصل عددها الآن في المخيم إلى 20 ألف كارفان، إلا أن هناك ثلاثة آلاف خيمة لم تستبدل بعد لكن سيتم ذلك بالتعاون مع المنظمات الإنسانية العاملة بالمخيم». وقال هيثم صياد، من المخيم، لفرانس برس «الوضع هذا الشتاء أفضل من العام الماضي، لحسن حظي أملك كارفان الآن بعد انتظار دام أكثر من 300 يوم لتسلمه».
وأضاف وأولاده الأربعة يتحلقون حول مدفأة كهربائية صغيره داخل الكارفان «نحتاج مدفأة فالجو بارد جداً هنا، اشتريت هذه المدفأة الصغيرة لأن أولادي لا يحتملون البرد ولازلت أنتظر تسلم مدفأة أفضل من المنظمات الإنسانية».
وأكد أن عدداً من جيرانه في الخيام تركوها ليسكنوا مع أقارب لهم في كارفانات أو في عمان ومدن أخرى، بينما عاد البعض لسوريا لتفادي الأوضاع المزرية. وقال أحد سكان المخيم ويدعى أبو محمد الدرعاوي، إنه يعاني داخل الزعتري من تسرب المياه إلى خيمته وتلف محتوياتها، مضيفاً أن التدفئة لا تشعرهم بالدفء هو وأسرته المكونة من خمسة أشخاص.
وأوضح الدرعاوي أن هناك تردياً في الأوضاع الإنسانية داخل المخيم، وسوء تصريف للمياه مطالباً بزيادة كمية الطعام الموزعة وعدد الوحدات الصحية، خصوصاً مع تفاقم إصابة الأطفال بالزكام والرشح.
وأكدت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأردن، بالتعاون مع الحكومة الأردنية والمنظمات الإنسانية سعيها للحد من تأثير الأحوال الجوية السائدة في المملكة على اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري، وتزويدهم بمواد إغاثية وإنسانية خلال فصل الشتاء. ونقلت وكالة الأنباء الأردنية (بترا) عن مساعد الإعلام والاتصال العام في المفوضية القول، إن المفوضية عملت ضمن برنامج لاستقبال فصل شتاء آمن على اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري، حيث تم العمل بالبرنامج مع بداية نوفمبر كمرحلة أولى بتوزيع 24 ألف ساتر بلاستيكي تنصب فوق الخيام لمنع تسريب مياه الأمطار بمعدل ساتر لكل عائلة في المخيم. وبين أن المفوضية وزعت بطانيات «شديدة الحرارة» بمعدل بطانية لكل شخص في المخيم إضافة إلى توزيع ملابس شتاء، بدعم ياباني، ضمن صندوق يحتوي ملابس وأحذية شتوية للمرحلة العمرية من (صفر – 5 سنوات)، لافتاً إلى أنه تم توزيع بطانيات للأطفال من عمر (صفر – سنة) بمعدل بطانيتين لكل طفل بالتعاون مع منظمة اليونيسيف، حيث تم الانتهاء من توزيعها الأسبوع الماضي. وأكد أنه مع مطلع العام الجديد سيتم استبدال كافة الخيام بكرفانات. ولفت إلى أن الحكومة الأردنية منحت تراخيص لإعادة تأهيل الطرق في المخيم وتهيئة نظام صرف المياه والمجاري في المخيم للتقليل من معاناة اللاجئين السوريين في المخيم. وهطلت ثلوج كثيفة فوق المناطق الحدودية لتركيا مع سوريا.
وقال مسؤول تركي لوكالة فرانس برس، إن «الإجراءات اللازمة» اتخذت لمساعدة نحو مئتي ألف لاجئ سوري في مخيمات في المنطقة.
وأشاعت الثلوج الفوضى في أنحاء المنطقة وأوقفت الجسر الجوي الإنساني الذي كان من المفترض أن يبدأ في جلب الإمدادات من العراق إلى المناطق الكردية بشمال شرق سوريا حيث لا يمكن الوصول براً لعشرات الآلاف من الأشخاص.
الثلوج تفرض عطلة رسمية في فلسطين
رام الله (الاتحاد)- قرر رئيس الحكومة الفلسطينية رامي الحمد لله صباح أمس تعطيل العمل في جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية العاملة في الأراضي الفلسطينية بسبب سوء الأحوال الجوية. ونقلت وكالة “معا” الإخبارية الفلسطينية المستقلة عن مصادر حكومية أن “الحكومة قررت التعطيل أمس باستثناء وزارة الصحة والطوارئ وكافة الأقسام الأخرى التي تقدم مساعدات مباشرة للفلسطينيين في هذه الظروف الجوية السائدة”. وطبقاً للمصادر، فإن الحمد لله دعا الفلسطينيين إلى الالتزام بالإرشادات واللوائح التي تصدر من الجهات المختصة حول كيفية التعامل مع الظروف الجوية الماطرة والعاصفة. وأغلقت المدارس والجامعات في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة بسبب عاصفة ثلجية تضرب المنطقة. وغطت الثلوج مدينة القدس وقبة الصخرة والمسجد الأقصى وكنيسة القيامة والقبب القديمة وصعد الاولاد الى أسطح منازلهم للعب في الثلج. كما أعلنت السلطة الفلسطينية تعطيل المدارس والدوائر الحكومية في الضفة الغربية باستثناء مؤسسات الطوارئ لنفس السبب. وقررت حركة حماس التي تسيطر على غزة تعطيل المدارس في القطاع.
وتساقطت الثلوج منذ ساعات الصباح الباكر في القدس ورام الله وبيت لحم والخليل ونابلس التي غطتها طبقة ثلج من عدة سنتيمترات، بحسب ما أفاد خبراء الأحوال الجوية. ووصلت درجة الحرارة في الليل إلى صفر أو -1 درجة مئوية. ومن المتوقع هبوب المزيد من العواصف الثلجية. وأعلنت وزارة المواصلات الإسرائيلية أنها اتخذت استعدادات كاملة لمواجهة الأحوال الجوية من ثلوج وعواصف. وقالت إن “طواقم الاسعاف والإنقاذ منتشرة في كافة انحاء البلاد وحركة المواصلات بين المدن تسير كالعادة”. وأفاد الدفاع المدني الفلسطيني أن الطرق في الاراضي الفلسطينية سالكة لكنه اوضح ان “بعض البيوت غمرتها المياه في مخيم عايدة في مدينة بيت لحم ولحقت بها أضرار”، كما سقطت بعض الأشجار وتكسرت في بيت لحم. وتسود المنطقة أحوال جوية سيئة جراء عاصفة قطبية تجتاحها لعدة أيام.
وبسبب الأحوال الجوية قطعت خطوط الكهرباء التي تغذي قطاع غزة من إسرائيل ومصر. ونتيجة المنخفض الجوي، جرح خلال الساعات الـ24 الأخيرة 30 مواطناً في قطاع غزة وتضرر أكثر من 190 منزلا إضافة الى اقتلاع أكثر من 40 شجرة وسقوطها في الطرقات مما أدى الى إغلاقها وإغلاق بعض الطرق بسبب مياه الأمطار ومياه الصرف الصحي.
كما ارتفع منسوب مياه وادي غزة نتيجة قيام إسرائيل بفتح بعض السدود المائية الموجودة على الحدود شرقاً وفقاً للدفاع المدني. وقال الدفاع المدني بإجلاء عشرات الأسر التي غمرت المياه منازلها في قطاع غزة الى مدارس مجاورة.
المصدر: عواصم (وكالات)