صحفي وكاتب سعودي
من أصعب المعارك التي خاضها المؤسس عبد العزيز معركة السبلة التي وقعت صبيحة 30 مارس (آذار) 1929.
الصعوبة ليست عسكرية، على العكس حقّق الملك عبد العزيز انتصارا ساحقا عليهم في تلك الروضة من رياض نجد بالقرب من مدينة الزلفي، لكن الصعوبة كانت بسبب الخطر «الوجودي» والوجداني، الذي شكلته حركة «الإخوان» في السعودية، خاصة وسط البلاد وشمالها، من طرح ديني، في ظاهره، سياسي في باطنه، يزايد في الدين، عن خفة وجهل، ويهدد مصالح الناس وسابلة الطريق، ويفتئت على الدولة في خوض معارك خارجية من تلقاء أنفسهم. إخوان السبلة، هم غير إخوان حسن البنا، وإن كانا سواء في الخطر على الدين والدنيا. وقد نجح عبد العزيز بالامتحان، وعبر بالبلاد والعباد لضفة المستقبل.
من أعمق الكلمات التي علق بها المؤسس عقب تلك المواجهات، السبلة وما بعدها، حتى سجن قادة الإخوان 1930. قال: «من اليوم سنحيا حياة جديدة». ذكرها مستشار الملك عبد العزيز، حافظ وهبة بكتابه «جزيرة العرب في القرن العشرين». هذا النص الخطير الذي أورده الباحث السعودي قاسم الرويس بكتابه المفيد «يوميات الدبدبة» – الذي حقق فيه مقالات المرافق للملك عبد العزيز، ومستشاره السياسي، يوسف ياسين – كاشف. يضيف قاسم واصفا السبلة بـ«الغزوة التاريخية المختلفة في تلك المرحلة الحاسمة».
حافظ وهبة هو من المستشارين المقربين من المؤسس، وصف السبلة بالمعركة الفاصلة «بين الفوضى والنظام».
يوسف ياسين الذي كان بالقرب من الملك عبد العزيز بمعركة السبلة ثم معارك الدبدبة (لملاحقة ذيول الإخوان بعد السبلة) بالقرب من الحدود الشمالية للبلاد، شرح تفاصيل ذلك بمقالات وقعها باسم (كاتب خبير). كما شرح الرويس. بجريدة أم القرى، يقول: «هذا العام 1348هـ والذي قبله 1347هـ كانا من الأعوام التاريخية التي قطعت فيها قلب جزيرة العرب شوطا بعيدا في الحياة».
حول البعد الخارجي في توظيف تمرد الإخوان ضد مصالح السعودية كتب ياسين عن: «ما لقيه هؤلاء الأشرار من البلاد المجاورة من التسهيلات لم يكن يدعو للاطمئنان».
عقد عبد العزيز مؤتمرات شعبية في تلك المرحلة الصعبة، أشهرها مؤتمر الرياض، ثم مؤتمر الدوادمي ومؤتمر الشعراء. ومما ذكره بالدوادمي (20 يوليو/ تموز 1929) تعهده بقلع فتنة الإخوان لأنها جماعة: «تفتئت على دين الله وتقطع السبيل، وتفرق جماعة المسلمين». ملتزما أمام الجميع بعدم تركهم. مقسمًا: «لا والله لا والله». (الإمام العادل، الخطيب ج1 ص 308).
إذن فالسبلة، كانت من مناهج التأسيس السعودي، ليست معارك عابرة بالتاريخ. والمناهج «الصحيحة» لا تبلى ولا تقدم.
المصدر: الشرق الأوسط