شهد قطاع التجارة الإلكترونية في الإمارات خلال الاثنى عشر شهراً الماضية تطوراً كبيراً وانتعاشاً هائلاً بعدما وضحت معالم طريق هذا القطاع نحو الازدهار، ما يدحض الاعتقاد الشائع بأن ثقافة المراكز التجارية هي السائدة في الدولة والمنطقة عموماً.
ووفقاً لدراسات حديثة فإنّ اثنين من أصل ثلاثة مستخدمين للأنترنت في دول مجلس التعاون الخليجي يقومون بإجراء معاملات شراء رقمية مرة واحدة على الأقل كل ثلاثة أشهر بنسبة تصل إلى (62%)، في حين ما يعادل النصف (45%) يتسوقون رقمياً بصورة شهرية أو أكثر، كما يصل معدل قيمة السلة الإلكترونية لكل عملية تسوق إلكتروني في الإمارات إلى 332 دولاراً، وهو يصنف ضمن أعلى المعدلات حول العالم، وفقاً لبيانات في شركة كريتيو الأميركية المتخصصة بتقنيات تسويق الأداء، والتي تؤكد أن انتعاشاً جديداً ينتظر التجارة الإلكترونية في الإمارات خلال الفترة المقبلة.
ولا شك فإن الأجهزة النقالة هي أحد المحفزات الهامة للتجارة الإلكترونية في الدولة خلال العام السابق، حيث وصلت حصتها إلى 34% من إجمالي عمليات الشراء الإلكترونية عبر الأجهزة النقالة العام الماضي، في حين أن عدداً من اللاعبين المحليين الأقوياء نجحوا في دفع عجلة نجاح التجارة الإلكترونية في الإمارات والمنطقة، ما يعزز المنافسة ويعود بالنفع على المستهلك بالضرورة.
وفي تصريحات خاصة للبيان الاقتصادي يؤكد ديرك هينكه، المدير العام للأسواق الناشئة في «كريتيو» أن آفاق التجارة الإلكترونية في الإمارات واعدة للغاية، مشيراً إلى أن الشركة التي تعمل مع أبرز اللاعبين في مجال التجارة الإلكترونية بالمنطقة قد لمست طلباً كبيراً في كافة القطاعات، على خدمات التجارة الإلكترونية منذ بداية العام الحالي خاصة في قطاعات التجزئة والسفر والإعلانات المبوبة.
ويضيف: «تظهر الدراسات أن السفر يتصدر قطاع التجارة الإلكترونية في الإمارات مدفوعاً بصورة أساسية بعمليات البيع الهائلة لتذاكر السفر، يليه كل من الأزياء والترفيه في تصنيفات متقاربة. وبالتالي فإنّ التجارة الإلكترونية تمتلك أثراً كبيراً على كافة الصناعات، مع سيادة الاتجاه الحالي نحو اندماج كل من التجارة الإلكترونية وعبر المتاجر كمحرّك رئيسي».
وتوضيحاً لطبيعة هذا الاندماج، يضيف هينكه: «يعد فهم احتياجات المستهلك أمراً مهماً للغاية وكذلك أن نكون على قدر توقعاتهم فيما يتعلق بما تقدمه العلامات التجارية. وقد كانت هذه مهمة سهلة نسبياً قبل عقدين من الزمان- فما كان عليك سوى جذبهم للتسوق في متجرك من خصومك.
ومع ازدهار التجارة الإلكترونية، أصبح المتسوقون يتوقعون الحصول على خبرات تضاهي تلك التي يحصلون عليها في المتجر، ولا يزال ذلك يشكل تحدياً على العديد من العلامات التجارية.
ومع كل هذا فإنّ واقع اليوم يعد أكثر تعقيداً: حيث يستخدم المتسوقون من 3 إلى 5 أجهزة لاستعراض الانترنت ويتوقعون الحصول على خبرات شخصية رائعة خلال أي وقت وفي كل مكان عند اتصالهم بنقاط الاتصال مع العلامة التجارية. وبالتالي فإن القدرة على تحديد احتياجات المستخدمين عبر الأجهزة المختلفة يعد أمراً جوهرياً لكافة شركات التجارة الإلكترونية».
اتجاهات
وحول الإتجاهات المحلية والإقليمية للتجارة الإلكترونية والتسوق الإلكتروني، يقول هينكه: «حالياً، يمثل التسويق في ظل تعدد قنوات التجارة أحد أهم التحديات في السوق، علاوة على ارتباط حجم التجارة بمواسم معينة.
ويضيف:»تعد «الجمعة السوداء» التي تطور مفهومها في الولايات المتحدة الأميركية كموسم للتسوق، الأكثر شعبية. واليوم أصبح مفهوم «الجمعة السوداء» الذي يطلق عليه الجمعة البيضاء في دول الشرق الأوسط أحد أضخم أيام التسوق على مدار العام بالمنطقة. فهي تمثل العد التنازلي لانطلاق موسم الأعياد وتقديم الهدايا ويحتفل به التجار عبر تقديم تخفيضات وخصومات هائلة بحسب المناسبة.
وترتفع مبيعات التجزئة قبل عروض يوم الجمعة بنسبة تصل إلى 72%، حيث ينتظر المتسوقون بفارغ الصبر حلول يوم التسوق الأضخم في السنة، ويجهزون أنفسهم للخصومات الكبيرة خلال الأيام التي تسبق فترة الذروة ليوم الجمعة البيضاء بنسبة تصل إلى 370%.
وعلاوة على ذلك، فإن شهر رمضان الكريم يعد من المناسبات الهامة والمقدسة في منطقة الشرق الأوسط، ولذلك على تجار التجزئة ووكالات السفر التكيف بصورة أكبر مع احتياجات المستهلكين خلال شهر رمضان من أجل تحقيق تفاعل أكثر فعالية وكفاءة عبر كافة نقاط الاتصال. ويضيف: تشهد عادات التسوق لدى المستهلكين تطوراً دائماً. ويعد استخدام البيانات التحليلية أساسياً لقياس هذه التغييرات بدقة.
وتساعد البيانات التحليلية في التنبؤ بما سيحدث تالياً، كما تمكّن العلامات التجارية من تلبية احتياجات المستهلكين لتكون على قدر توقعاتهم. فعلى سبيل المثال، مع زيادة استخدام الهواتف الذكية، فإنّ المستهلكين يتوقعون استلام كافة المعلومات التي يحتاجونها والحصول على وصول سهل إلى الخدمات التي تقدمها علاماتهم المفضلة بطريقة سهلة ومريحة.
وقد كان محصلة ذلك إطلاق تجار التجزئة منصاتهم وتطبيقاتهم المحسنة للأجهزة النقالة تلبية لهذه الحاجة لدى المتسوقين، فضلاً عن التعاون مع مزودي الخدمات لدعمهم عبر تقديم أدوات قياس الأجهزة النقالة والحصول على خدمات الإعلان للأجهزة النقالة وغيرها.
المصدر: البيان