محمد خميس روائي صدر له من أمريكا رواية لفئة المراهقين بعنوان "مملكة سكابا" ، وله باللغة العربية مسرحية أدبية بعنوان "موعد مع الشمس"
يذكر الكاتب الإنجليزي، كولن ويلسون، في كتابه “الإنسان وقواه الخفية”، أسطورة تدور حول قسيس يدعى ثيوفيلوس، رفض عرضاً قدم إليه ليكون أسقفاً بسبب خوفه من المسؤولية، ليقبل المنصب رجل آخر الذي ما إن استلم منصبه، حتى راح يعذب ثيوفيلوس أشد العذاب، إلى أن أشرف على الموت، فيتواصل معه يهودي عجوز شرير، استطاع أن يستحضر الشيطان، ويعرض على ثيوفيلوس إنكار عقيدته التى يؤمن بها، فينكر مريم ويسوع، اللذان قال عنهما الشيطان بأنهما يعذبانه وبمقابل ذلك يخلصه الشيطان مما هو فيه من عذاب. يوافق ثيوفيلوس على العرض، لتنقلب حظوظه، فيخلع منافسه ويصبح هو أسقفاً في مكانه. ولكنه بعد حين، بدأ يخاف من خلاصه الأبدي، فتاب وعاد الى إيمانه، وفي الأخير يحرق الشيطان.
لن نذكر في هذا المقام، أولئك اللذين تعاقدوا مع الشيطان لأجل خلاصهم الفردي دون أن يلتفتوا للآخرين، فمصيرهم ومسألة بقائهم هي الأهم، وليموت، من يموت بعدهم، “أنا ومن بعدي الطوفان”، أمثال هؤلاء يحملون معهم دائماً مبررات قوية لأنفسهم يعتقدون أنها تكفي لبيع أرواحهم للشيطان.
ولكن سنأتي على ذكر أولئك، الذين لا يهدد بقائهم أي خطر، بل يمتلكون كل شيء، ويتمتعون بكل متع الحياة، ورغم ذلك يلجأون الى التعاقد مع الشيطان، حتى أن الشيطان نفسه يستغرب من رغبتهم بالتحالف معه، فالشيطان، قد تعمد على مر العصور، بإيضاح طبيعته الشريرة، وأهدافه بنشر الفساد، والسيطرة على البشر.
التعاقد مع الشيطان يعني بكل وضوح محاربة الآخرين، فشعار الشيطان: “إما معي او ضدي”، ومن يمتلكون كل شيء تقريباً، ويحيون حياة كريمة، لا تعكر صفوها سوى بعض هفوات الحياة الصغيرة التى لا بد أن تمر على الإنسانية من حين لآخر، ثم يسعون إلى وضع يدهم بيد الشيطان بمحض إرادتهم، فلابد أن تكون طبيعتهم هم بذاتهم شريرة، وما هم إلا امتداد للشيطان نفسه، دون وعي منهم، لذلك تراهم يستميتون لفرض آرائهم على غيرهم ويبذلون الغالي والنفيس، ليعزى المجد لهم وحدهم، لا يهمهم إلغاء الآخر، وتهميش إنجازاته، فهذه الحياة لم توجد إلا لهم، والعظمة والمجد لا يستحقها سواهم، والغاية دائماً وأبداً تبرر الوسيلة، وما القيم والتمسك بالأخلاق و مظاهر التدين إلا ستارة أو قناع يظهرون به أمام العالم، وإلا ما معنى أن يسخروا كل شيء، بما في ذلك ثروتهم لزرع الفتن؟ أو يستعملوا صوتهم ليشجعوا على الفوضى؟ ما معنى أن يعاضدوا معنوياً ومادياً كل من يسعى لهدم ما بناه أشقاؤهم أقرب الأقربين إليهم؟
ألم يروا كيف فعل الشيطان بكل من سبق وتحالف معه! ألا يدركون بأن من عاداته وتقاليده خيانة ومذلة حلفائه! وبأنه حالما ينتهي من أشقائهم الذين سلطوه عليهم، سيعود ليبتلعهم وينهيهم.أم أنهم قد باعوا عقولهم و قلوبهم للشيطان؟
خاص لـ ( الهتلان بوست )