خاص لـ هات بوست:
“التديّن الإماراتي منسجمٌ مع هويته، تديّنٌ منسجمٌ مع إرث الشيخ زايد طيّب الله ثراه، تديّنٌ منفتح على الآخر ومتشبّعٌ بقيم الأخوة الإنسانية والتسامح والتعايش”، هكذا عبّر الدكتور عمر حبتور الدرعي، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة، عن واقع الحال، في كلمةٍ ألقاها مؤخرًا ضمن الاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات.
في فترةٍ زمنيةٍ عانت فيها المنطقة من مآلات وويلات سوء استغلال الخطاب الديني، وتوظيفه لتمرير أفكارٍ تخريبيةٍ تطعن ظهور الأوطان، وتدمر المجتمعات، وتحرف المقاصد بتأويلاتٍ أفسدت سلامة الصدور، وأقصت المختلف، وأمعنت في العزلة الدينية، رفعت بلادنا راية تجديد الفكر الإسلامي؛ من خلال رؤى ومبادرات وإنجازات وقوانين تمحو ما طاله من تشويه، في خطوةٍ شجاعة حملت على عاتقها مسؤولية تحقيق أهم أهداف الدين: كرامة الإنسان وعمارة الأرض.
خطوةٌ واعية جعلت من الرحمة بوصلتها، والإنسانية هدفها الأسمى، تصحبها في ذلك النية الصالحة والعزم الجاد.
ما كان ذلك ليحدث لولا قيادةٌ فهمت مراد الله وصحيح الدين، بدءًا من الباني المؤسس والدنا الشيخ زايد – رحمه الله – مرورًا بخليفته الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان – رحمه الله – وصولًا لأخينا البار بوخالد وإخوانه؛ في محطاتٍ عدّة ترجمت استنارة العقل وفهم روح الدين وضرورة استعادة صورته النقية؛ فكان مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي بعلمائه المؤهلين لتعزيز صورة الإسلام السمحة، وفتاواه الرصينة التي تمد يد السلام وحب الخير للبشرية جمعاء، وتنظر لمستجدات المجتمع والعصر بعين الوعي والواقعية، والاهتمام بالتفسير الحضاري للقرآن الكريم انطلاقًا من المبادئ الكلية لتفسيره وبما يراعي تحقيق الكليات والمقاصد، بالإضافة إلى إنشاء وزارة التسامح لإبراز الصورة الحقيقية للاعتدال، والتأكيد على قيم التعددية الدينية والثقافية وقبول الآخر، كذلك تعزيز تمكين المرأة كإنسانة مكلَّفة وفاعلة، ومدّها بكل الأدوات التي تؤهلها للقيام بدورها – بجانب الرجل – في عمارة الأرض وبناء وتنمية المجتمع، وصياغة القوانين التي تحترم كيان الفرد وكرامته الإنسانية – ذكرًا وأنثى – بالإضافة للاستفادة من التطور العلمي لتحقيق بعض المقاصد الشرعية.
إلى جانب ذلك، جاء قانون مكافحة التمييز والكراهية والتطرف، والتأكيد على الحرية الدينية، ووثيقة الأخوة الإنسانية ومن ثَمّ البيت الإبراهيمي، وقبله دور العبادة لغير المسلمين.
كل ذلك وغيره من أكثر الصور تعبيرًا عن التديّن الإماراتي المنسجم مع النفس ومع الآخر، والذي يوازن بين الروحانية الفردانية والعمارة المجتمعية والوطنية في ترجمةٍ واعية ودقيقة لمفهوم العمل الصالح.
وعلى خطٍ موازٍ، ضربت القيادة الإماراتية على كل يدٍ أساءت للإسلام بأفكارٍ مغلوطة وفتاوى هدّامة، فحرفته عن مساره السلمي الرحيم، واستغلته ستارًا للإفساد وتحقيق المطامع، واستهدافًا للدولة الوطنية. لقد كانت الإمارات عازمة كل العزم على وأد كل فكرٍ متطرّفٍ وسلوكٍ متشدّدٍ ينال من طُهْر الإسلام ونقائه، ويهدم البناء المستقر والمزدهر للدولة والمجتمع.
التديّن الإماراتي احتضن الجميع منذ البداية، رفع راية القبول فجمع ولم يفرّق، أدرك أن أرض المشترَكات رحبةٌ وفسيحة، فغادر حيّز الاختلافات والخلافات، أطفأ جذوة التمييز والاستعلاء، وبذر بذور الأخوة والإنسانية، لتنمو شجرةً وارفةً يستظل بها الجميع “دون النظر إلى دين أو عرق أو لون” كما قال سيدي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
وآخر القول:
من أعظم سمات التديّن الإماراتي أنه لا يتحدث باسم طائفة أو فرقة، بل يتحدث باسم (الإسلام).
