كاتب سعودي
نحن في الصحافة، يجب أن نكون أول من يطالب بحريات الرأي، ويفترض أن نعمل دائما على دعم كل ما من شأنه أن يطور في هذا، لأن التطور والتغيير والنمو تأتي غالبا من الأفكار، التي تكون بسبب الهامش الحر من الآراء، والتي من ضمنها الانتقاد، الانتقاد وليس التشويه أو السب أو حتى القذف.. وكل هذا يبدو مفهوما، بالمقارنة مع “التشبيح الإلكتروني” الحديث.
حرية الرأي لا تعني مطلقا التعدي على الآخرين، لكن ما يحدث في الشبكات الاجتماعية أخيرا محزن ومرعب، أتحدث عن نماذج وليس الكل، وتحديدا فيما يتعلق بظاهرة “التشبيح الإلكتروني”، التي أعرفها بأنها مجموعة من الممارسات الرقمية، الموجهة تجاه فرد أو منظمة، وبث بعض المعلومات غير الدقيقة، من أجل “الشيطنة” أو التسلية، أو للمشاركة في تحقيق أهداف حزبية معلنة أو غير معلنة.
التعاطي مع مثل هذا يفرض علينا تطوير مسارين متوازيين، توعوي وقانوني، الأول مهم لكنه فضفاض، ويختلف من شخص لآخر، وله ظروف متغيرة، لكن الثاني هو الأهم والأساس، لأن النظام هو الفيصل لأي شيء، بعيدا عن الخلفيات والتباينات، ولذلك يجب أن يكون لدينا عمل حقيقي في الطرفين، ترغيب وترهيب، فمن لا يردعه قانونه الذاتي، يحدث ذلك مع القانون الرسمي.
الشق الأول، ورغم أنه يفترض أن يكون بحسب الشخوص، واطلاعهم واهتمامهم، إلا أن هناك جهات منوطة بهذا لم تقم بدورها الحقيقي، كما أرى، وأفترض أنها “هيئة الاتصالات” و”وزارة الاتصالات”، التي تقوم -على فترات متباعدة- بحملات توعوية خجولة، تأثيرها لا يتعدى حدودها، لكنها توضع في تقاريرها كمنجز. لذلك جرب أن تنزل للشارع، أو تزور مجمعا تجاريا، أو مدرسة، واسأل عن الخلفية القانونية لمثل هذه الممارسات، وتعرف على الوعي “الغائب”!
الجانب الآخر، القانوني أو التنظيمي، فاستنادنا غالبا إلى “نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية”، وهذا جيد، لكن يفترض -من وجهة نظري- أن يتم تطوير النظام، وتحديثه وفقا للمتغيرات، فالممارسات والأدوات والظروف اختلفت منذ إقراره، وصارت هناك ضروريات حديثة، تحتم تشريعات حديثة، تتفهم ضروريات المرحلة.
قبل أيام، صادقت الإمارات على قانون يعاقب على “إهانة” الدولة عبر الإنترنت، ببنود عديدة، تحفظ حقوق الأفراد والمنظمات، أهمها معاقبة بث أي شيء من شأنه تعريض أمن الدولة، ومصالحها العليا للخطر، أو المساس بالنظام العام.. والذي يستوعب التحولات والسياقات الزمانية، وهو الأمر الذي يجب أن نعمل على مثله، من خلال تشريع ما يتفهم احتياجاتنا، للتنظيم وليس التقييد والتضييق. والسلام..
المصدر: الرياض