كاتب اماراتي
كان غريباً عنوان وغلاف كتاب ثروت الخرباوي، القيادي السابق في جماعة «الإخوان»، فقد حمل الكتاب اسم «أئمة الشر.. الإخوان والشيعة أمة تلعب في الخفاء»، وتقاسم الغلاف مع حسن البنّا، مؤسس «الإخوان»، الخميني، المرشد السابق للثورة الإيرانية، في ترسيخ لفكرة أن التشيع تنظيم سياسي يتدثر بحب آل البيت، كتنظيم «الإخوان» الذي يستغل الدين لمآرب سياسية.
وفي الاتهامات المتبادلة في مواقع التواصل بين بعض السُنة والشيعة بشأن ما يجري في سوريا والعراق، يمكن ملاحظة عبارة «جرائم الشيعة» في مقابل عبارة «جرائم داعش». وعند الحديث عن النظام الإيراني، يستبدل بعضهم الشيعة بملالي طهران، فيتحدث مثلاً عن «التقارب الأميركي الشيعي»، وهو في الحقيقة يقصد التقارب مع نظام ولاية الفقيه في إيران.
ورغم أن التشيع مذهب إسلامي، فإنه يتم ترسيخ فكرة أنه تنظيم أو دولة، وليس مذهباً تعبدياً يمكن أن يعتقد به أي شخص ولا يكون له أية صلة بأي تنظيم أو دولة، ليكون حتى المسيحي الذي تحوّل إلى الإسلام على مذهب التشيع، داخلاً تحت واحدة من تلك التصنيفات التي تنضوي جميعها تحت الأيديولوجية الخمينية، رغم أنه يمكن أن يعيش الشيعي منعزلا عن بقية الشيعة، ولا يعترف أساساً بمرجعية الخميني، ويكون في الوقت نفسه شيعياً حسب تصوّره لنفسه.
وما يهم هنا شيعة الخليج والتصوّر الذي يأخذونه عن أنفسهم بسبب تصنيفهم بتلك الطريقة، وكذلك التصوّرات التي تنسج حولهم، والمسؤوليات التي تحمل فوق أكتافهم، باعتبارهم تارة جزءا من تنظيم ما، وتارة بأنهم ضمن قوة الشر المقابلة لأشرار «داعش»، وتارة ثالثة بأنهم جزء من دولة تصادف أن هيمن عليها شيعة متطرفون.
وإذا كان الخليجي السُني المنتمي ل«الإخوان» يعود مواطناً صالحاً في نظر المجتمع إذا ترك هذه الجماعة، فماذا على الخليجي الشيعي فعله ليصبح مواطناً صالحاً في نظر من يعتقدون أن «الإخوان والشيعة أمة تلعب في الخفاء»؟! في الحقيقة ليس أمامه، من هذا المنظور، أي خيار سوى التخلي عن مذهبه!
ولا يمكن في الحقيقة استبعاد الأثر الذي خلقه تصنيف التشيع كتنظيم أو دولة من الاعتداء الآثم الذي وقع في أحد مساجد الشيعة في القطيف مؤخراً وذهب ضحيته عشرات الأبرياء، ولابد من تسمية الأشياء بمسمياتها، كخطوة أولى لمنع تكرار مثل تلك الاعتداءات التي ستحرق المنطقة برمتها، فالتشيع مذهب تعبدي، بغض النظر عما إذا كانت هناك دول تستغله لتتوسع هنا وهناك.
وعلى الرغم من أن بعض الأصوات الشيعية في الخليج، وبعض التصرفات غير المسؤولة من قلة منهم، تساهم بدورها في تحريف مفهوم التشيع في أذهان الناس، وهذا يحتاج إلى مقال آخر، فإنه من المهم ألا نقع في فخ تصوير ملايين الشيعة، العرب منهم وغير العرب، كخمينيين، إذ أن الشيعة الإيرانيين ليسوا جميعهم خمينيين، فكيف بغيرهم؟! بل إنه لا أحد يستفيد من تصنيف الشيعة بأنهم خيمنيون، وبأن التشيع تنظيم وكيان سياسي، سوى النظام الإيراني.
المصدر: الاتحاد
http://www.alittihad.ae/wajhatdetails.php?id=84865