رئيس تحرير صحيفة الرؤية
لا جدوى من التصريحات النارية للساسة اللبنانيين بمختلف توجهاتهم حول انتماء لبنان العروبي ووقوفه مع الإجماع العربي، لأن هذه التصريحات مع كل التقدير لمن صدرت عنهم، تبقى فردية ومعبرة عن وجهة نظر شخصية أو حتى حزبية، وذلك كله في غياب تام لموقف حكومي لبناني واضح، وقرارات مجلس التعاون الأخيرة جاءت رداً على مواقف رسمية لبنانية متخاذلة ومتناقضة بشأن القضايا العربية والإجماع العربي، ولا يمكن الرجوع عن قرارات مجلس التعاون الخليجي من خلال تصريحات فردية وشخصية جيدة لبعض الساسة اللبنانيين، فالقرارات فرضتها مواقف لبنانية رسمية، ولن تلغيها إلا مواقف لبنانية رسمية قوية وواضحة، وهذه القرارات الخليجية القوية لا أظن أنها كانت مفاجئة للحكومة اللبنانية، ولا أظن أنها جاءت وليدة انفعال أو غضب خليجي عارض، فقد سبقتها جهود دبلوماسية متواصلة لإعادة لبنان الرسمي إلى المنظومة العربية، وهذا ما أكده وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي الدكتور أنور قرقاش.
صبر دول مجلس التعاون الخليجي على تجاوزات مليشيات نصر الله وتخاذل الموقف الرسمي اللبناني إزاء هذه التجاوزات، نفد تماماً، ولم تفلح الجهود الدبلوماسية في حلحلة هذا الموقف الرسمي الباهت، لذلك كان لا بد من وقفة قوية مع الشقيق من أجل أن يعود إلى صوابه، ويدرك خطورة المنحدر الذي ينزلق إليه لبنان بسبب وقوعه فريسة للهيمنة الإيرانية من خلال مليشيات نصر الله التي اختطفت لبنان الرسمي من شعبه وأمته، وجعلته رهينة للأطماع الإيرانية.
تجاوزات نصر الله ومليشياته لم تقتصر على التصريحات العدائية ضد المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون والأمة العربية كلها، بل امتدت، كما ورد في ملف متخم ستقدمه الحكومة الشرعية اليمنية للأمم المتحدة، إلى تدريب الإرهابيين ودفعهم لارتكاب عمليات إجرامية في المملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى واليمن، وذلك كله برعاية ودعم مباشر من المقاول الإيراني الذي يعد نصر الله أبرز صبيانه، وأكثر طاعة وولاء وخضوعاً له، وهكذا أصبح عداء نصر الله ومليشياته لكل ما هو عربي واضحاً لكل ذي عينين، تنفيذاً للأجندة الإيرانية، فالمسألة ليست صراعاً سنياً شيعياً، كما يتم تسويقه لدى البعض، لكنها صراع فارسي عربي، حيث لا يتورع النظام الإيراني عن قتل وإبادة كل ما هو عربي بغض النظر عن مذهبه أو دينه أو انتمائه السياسي.
كل ذلك العبث الإيراني من خلال السيناريو الذي ينفذه نصر الله في سوريا واليمن والعراق، يتم تحت سمع وبصر الحكومة اللبنانية التي وقفت عاجزة بلا حراك، وتركت القرار اللبناني في يد نصر الله الذي يأخذ لبنان إلى المجهول!!
المصدر: صحيفة الاتحاد