كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة
حين تنبه العرب قبل غيرهم إلى ما ستؤول إليه الأمور في سورية لم يتعاون معهم المجتمع الدولي للتعجيل بإنهاء الأزمة قبل أن تبلغ حد الكارثة، وحين أعلن الغرب خشيته من تغلغل تنظيم القاعدة إلى سورية لم يكن هناك أي حركات أصولية في البلاد.. غير أن التقاعس الدولي وتردد القوى الكبرى ولعبة المصالح الروسية أخّرت وما زالت تؤخّر الحل حتى وقع الفأس في الرأس، وبعد أن أنهك الجيشُ الحر النظامَ جاء الأصوليون ليسيطروا على الوضع في كثير من المناطق، ومنهم من أعلن ولاءه لـ”القاعدة”، مما يعني أن الحال من سيئ إلى أسوأ.. والقادم لن يكون بأفضل مما مرّ خلال العامين الماضيين. بل وربما تكرر سيناريو العراق بصورة أشد خطورة، ففي المناطق التي يقول الثوار إنهم حرروها يروي شهود عيان أن أعضاء الجماعات الإسلامية ممن يقولون إنهم “مجاهدون” احتلوا كثيراً من البيوت التي غادرها أصحابها، ولدى عودة بعض إلى بيوتهم رفض هؤلاء “المجاهدون” المغادرة وبقي أهلها في الشارع.
في بعض المدن السورية صار “أمير الجماعة” هو الآمر الناهي، وما كان له ذلك لو أن المسألة حسمت منذ بدأ النظام في قتل المتظاهرين، فحينها لم يكن هناك سوى صوت الناس البسطاء الحالمين بالتخلص من الطغيان.. أما اليوم فالأصوات كثرت والمطامع كبرت، وحلم دولة الخلافة عاد إلى أذهان الحالمين به، و”الأخوان” يتربصون ليعملوا مثل نظرائهم في دول “الربيع العربي” فإن كانت لهم الغلبة ديموقراطياً فهذا يعني أن المساحات الإخوانية تزداد اتساعاً، غير أن “القاعدة” كما يلوح في الأفق سوف تكون منافساً شرساً، وكل ذلك يشير إلى أن استقرار سورية لن يتم في المدى المنظور، ولعلي أفصح عن تشاؤمي انطلاقاً من حيثيات كثيرة فأقول إن عودة الاستقرار تحتاج عقدين على الأقل. وخلالها كم ستحدث من كوارث وكم سيكتب أصحاب القلم ليؤرخوا لأسوأ مرحلة مرت بها الدولة عبر تاريخها.
وسط تلك الأزمة ضاع المبدعون الحقيقيون.. فلا النظام أعطاهم فرص التعبير بحرية عن مكنوناتهم طوال أربعة عقود، واليوم جاء الأصوليون ليقمعوا إبداعاتهم.. كما في حالة صديق روائي وتشكيلي ونحات حطموا له أعماله النحتية والفنية فصار يترحم على أيام نظام على وشك السقوط.
ربما ما زال ثمة أمل لتدارك ما يمكن تداركه قبل أن يكبر شأن التطرف أكثر فتنضم سورية إلى قائمة الدول التي ترتع فيها “القاعدة” من غير حسيب أو رقيب.. فإن كان العالم جاداً في القضاء على التطرف، فالساحة أمامه.
المصدر: الوطن أون لاين