كاتبة سعودية
كان مقطعا بشعا ذلك الذي تم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول ما حصل في عنبر رقم 7 بـ”بريمان” جدة، والذي نشرت عنه جريدة الوطن قبل أيام، فما تعرض له السجين الحارثي -مهما كانت جريمته- أمر غير مقبول إنسانيا ولا اجتماعيا. أن يُربط سجين خائف وتوثق يداه وقدماه بأيدي مسجونين في ذات العنبر، ويُعلق في الهواء ويُضرب من قبلهم وبهذه الطريقة المهدرة للكرامة، فهذا يعني أن هناك خللا يجب أن تتم معالجته سريعا ومحاسبة المرتكبين له والذين سمحوا بحدوثه نتيجة عدم تطبيق الأنظمة والرقابة الصارمة داخل السجن، وكنتُ أتساءل أين الرقابة عن هؤلاء رغم علو أصواتهم؟ وكيف دخلت تلك الحبال والسجائر وأعواد الثقاب إلى داخل العنبر؟ ألا يمكن لأحد هؤلاء أن يُشعل حريقا داخل عنبر بعود ثقاب واحد؟! أليس الأمر خطرا استخدام تلك الحبال فيما يهدد حياة إنسان ما؟ فدهاليز السجون تجمع أناسا جرائمهم متباينة ومتفاوتة، منهم الخطر وسُجن في جرائم خطرة، ومنهم البريء المغلوب على أمره ممن وضعته الأقدار نتيجة دين أو تعاطي مخدرات كان ضحية لمن أوقعوه بها، فكيف يوضع هذا مع ذاك؟
ثم هل نصدق -بعدما رأينا ما رأيناه عبر ذلك المقطع- أن هناك فعلا من يروج المخدرات داخل السجن ما دامت السجائر والحبال تتوافر لديهم هكذا؟ وهل هناك من أفعال بشعة التي يرتكبها بعض المساجين الخطرين أو الشاذين تجاه آخرين في السجن ممن يمثلون أمامهم حلقة الضعف، والذين يخشون ما قد ترتكبه “مافيات” يكونها الأقوى داخل تلك العنابر ودون أن ينتبه لها المسؤولون ولم تصل للإعلام أو مواقع التواصل الاجتماعية؟
دون أدنى شك، البقاء في السجن ليس بغرض التأديب والعقاب فحسب، بل أيضا من أجل التأهيل وإعادة ترميم الأخلاق والإصلاح النفسي، وهذا ما يجب أن يكون داخل السجن، وكما أوضح شقيق السجين الحارثي فيما نشرته “الوطن” أن أخاه مصاب باضطرابات نفسية، ومثله كان يجب عزله عن المساجين الخطرين في عنبر أكثر أمانا له يساعده على العلاج والإصلاح لا على التأزم! وليس إنكاره لما حدث له، وشاهده الجميع في المقطع إلا دليل على معاناته النفسية وخوفه من هؤلاء الذين عذبوه بأن يصلوا له عبر تهديدات تُشكل خطرا عليه قد تهدر رجولته وكرامته! وما يجب في هذا الأمر أن تُشكل لجنة تحقيق من خارج السجن للبحث فيما حدث وأسباب غياب الرقابة وتمادي المساجين في هذا الاستهتار غير المقبول، كما يجب نقل السجين الحارثي إلى سجن آخر بعيدا عمن عذبوه، فحتى لو أن الذين عذبوه وُضعوا في عنابر منعزلة بعيدا عنه، تبقى لهم أيد قد تصل عبر مساجين آخرين وتصل للحارثي وهو ربما ما سبب خوفه وإنكاره لما حصل.
ما أتمناه فعلا ألا يمرّ ما حصل مرور الكرام، وأن نسمع عن عقوبات لمن فعلوا ذلك وسمحوا به، كما يجب أن يصبح السجن مؤسسة بناء وترميم وإصلاح للمساجين وليس مجرد محطة فندقية رديئة، يقضون فيها عقوباتهم ثم يخرجون للمجتمع أشد شراسة وعنفا!
المصدر: الوطن أون لاين