باحث سعودي
الجدل بين جوازات جسر الملك فهد وهيئة مكافحة الفساد الذي نشرته ”الاقتصادية” نهاية الأسبوع الماضي كشف عن قلة اكتراث بالمشكلات التي يواجهها المواطن، حتى لو وجد نصيرا في هيئة رسمية مثل ”نزاهة”. نقلت الهيئة في تقريرها انطباعات سلبية لمواطنين يستعملون الجسر. المشكلات التي ذكرها تقرير الهيئة يعرفها جل من عبر الجسر، فضلا عن إدارته. نتذكر تصريحات رئيس مجلس إدارة الجسر صالح الخليوي في آذار (مارس) 2009 الذي قال للصحف ”إن كبائن العبور ستزداد إلى 48 قبل نهاية 2012 لاستيعاب الزيادة المتنامية في عدد المسافرين”. وتكرر هذا الوعد خلال العام التالي، مما يؤكد أن الوضع الذي انتقدته ”نزاهة” ليس جديدا ولا مجهولا.
لهذا السبب فإن رد إدارة الجوازات مستغرب جدا؛ فهي بدلا من إطلاع الناس على الأسباب الكامنة وراء ضعف خدماتها، ركزت على أن الهيئة لم تتواصل معهم. حسنا، لا يهمني كمواطن أن تتصل الهيئة بالجوازات أو لا تتصل. ما يهمني هو معالجة المشكلة التي شرحها التقرير. وهي مشكلة أعرفها ويعرفها كل الناس. ولذا فإن مجادلة إدارة الجوازات للجانب الشكلي من الموضوع مخيب للأمل، وقد يشير إلى قلة اهتمام ببحث المشكلة.
سألني أحد الزملاء: هل كان تدخل هيئة مكافحة الفساد في هذه المسألة مناسبا وصحيحا؟ هذا سؤال يخفي وراءه سؤالا أسبق، فحواه: هل يعتبر تخلف جهاز حكومي عن الوفاء بمهامه نوعا من الفساد؟
افترض أن الجواب نعم. ومبرره أننا نفترض أن إقامة جهاز حكومي مثل جوازات الجسر مسبوق بدراسة لموضوع عمله وحاجاته البشرية والمادية، وبناء على هذه الدراسة تتقرر ميزانيته وعدد العاملين فيه. أي قصور يظهر بعد بدء العمل يدل على واحد من اثنين: إما أن التقديرات السابقة كانت خطأ، أو أن التقديرات صحيحة لكن إدارة الجهاز أو موظفيه لا يقومون بواجباتهم كلها.
فلنأخذ بحسن النية ونقول إن التخطيط الأولي لخدمات الجسر لم يتوقع زيادة كالتي ظهرت منذ 2009 ”وذكرت هذه السنة تحديدا لأن إدارة الجسر أعلنت يومها أنها تعلم بالقصور كما أشرنا في أول المقال”. حسنا، لقد انقضت خمس سنوات على ذلك التاريخ، أفلا تكفي هذه المدة لعلاج المشكلة المعروفة؟
أعتقد شخصيا أن المشكلة متعددة الأبعاد والأسباب. وإدراك أيضا أنها قديمة، فكلنا يعرفها منذ عشر سنين على الأقل. ونعلم أيضا أن معظم الشكوى تتعلق بالجانب السعودي من الحدود، فالأمور في الجانب الآخر أفضل بكثير.
إذا كانت المشكلة في القانون المنظم لعمل الجوازات والجمارك، أفلا يمكن إصلاحه؟
وإذا كانت المشكلة في عدد الموظفين، أفلا يمكن زيادتهم؟
السؤال الأكثر أهمية: هل يجب على السعوديين أن يجربوا المعاناة مع كل دائرة رسمية؟ ألا يعتبر التعسير على المواطنين هنا أو هناك فسادا؟!
المصدر: الإقتصادية