ياسر الغسلان
ياسر الغسلان
كاتب و مدون سعودي

التلون في خطاب الدعاة

آراء

كنت أعلم دوما أن هناك دعاة لبسوا ثوب الإعلام، أو هم إعلاميون لبسوا ثوب الدين، فيقومون بصياغة رسائلهم الفكرية وفق طبيعة الجمهور أو القناة التي ينقلون من خلالها رسائلهم تلك، فتجدهم في حين يقومون ببث خطاب متشدد عندما يكون موجها عبر قناة جل جمهورها يشبه ذلك الخطاب، وفي حين آخر تجد ذات الشخص يقوم بإعادة تلوين خطابه ليظهر أكثر انفتاحا وتسامحا، وذلك عندما يأتي عبر أثير قناة عربية مخصصة للجمهور الذي يرى أن الحياة جميلة تستحق أن نحياها بأطيافها المختلفة.

في حديث شيق للزميل عبدالله المديفر في الملتقى الإعلامي العربي الذي اختتم أعماله مؤخرا في الكويت تحدث في جلسة بعنوان “لماذا أغرد”؟ عن كون “تويتر” أجبر بعض الشيوخ على مراجعة لغة الخطاب، وأن المثقف في السعودية عرف وزنه الحقيقي بعد ظهور “تويتر” وباقي وسائل الإعلام الاجتماعية. وهو رأي في تقديري يكشف بشكل واضح أن ما يسميه البعض مراجعة لغة الخطاب يسميه البعض الآخر التلون في الخطاب، خصوصا إذا ما علمنا أن الفاصل الزمني بين تلك المواقف لا يتجاوز الأشهر في أحيان وربما السنوات القليلة في حالات أخرى.

عندما يقول الزميل المديفر إن أحد الدعاة يقوم بتغيير طريقة خطابه حسب الوسيلة الإعلامية فيتحدث في قناة “إل بي سي” بطريقة، وفي قناة “المجد” بطريقة أخرى، وعلى “تويتر” بطريقة مغايرة، فهو لا يقول إن الخطاب قد مر بمرحلة مراجعة، بل هو يؤكد أن الداعية ومن مثله ممن اختلطت هويته بين الشيخ والإعلامي، قد انتهجوا التلون في المواقف لكسب جماهيرية من جهة، وللانتشار من جهة أخرى، وهو دور أقرب ما يكون لدور المسوق الذي يغلف منتجه وفق المخرجات التي تدل عليها دراسات السوق واتجاهات الجماهير.

شخصيا لست ضد أن يكون التعامل مع المنتج الفكري بعقلية المسوق والبائع، إلا أني كنت وما زلت من الرافضين للرأي الذي يبرر بيع الدين باعتباره سلعة استهلاكية، كما يفعل البعض، فبعد أن عشنا عقودا نؤمن بالفتاوى التي أكدت رفض تحويل الدين لبضاعة من منطلق الزهد والدعوة لوجه الله؛ فإننا لن نصدق ونثق بفتوى براغماتية تنسف سابقتها وتبرر التكسب والتلون ومخاطبة الناس على طريقة “الجمهور عاوز كده”.

المصدر: الوطن أون لاين