يتزايد النقاش في أبوظبي حالياً حول التأثيرات المتوقعة لتراجع النفط على القطاع العقاري في أبوظبي خاصة مع اقتراب موسم الصيف، ويتساءل الكثيرون هل ستؤدي الأسعار الحالية للنفط إلى تراجع الإيجارات السكنية وتباطؤ الاستثمار العقاري، حيث يرى الخبراء والمتخصصون أن الاستثمار العقاري في أبوظبي محصن ضد أي تأثيرات سلبية كبيرة جراء تراجع النفط نتيجة لنجاح السياسات الحكومية بشأن التنويع الاقتصادي، حيث قلصت الإمارة اعتمادها على النفط ليصل مساهمة القطاع في الناتج المحلي إلى نحو 30% فقط حالياً.
وتتباين وجهات نظر الملاك المواطنين والخبراء العقاريين حول حجم التأثيرات، فهناك من يجزم بأن وتيرة الاستثمار العقاري والإيجارات السكنية لن تتأثر مطلقاً بينما يري آخرون بأن الإيجارات ستتراجع لكن هذا التراجع سيكون محدوداً ما سيؤدي إلى تباطؤ الاستثمار العقاري إلى أن تتضح الصورة كاملة خلال أشهر الصيف المقبل.
وتخصص الدورة العاشرة لمعرض سيتي سكيب أبوظبي من 12 إلى 14 أبريل المقبل مؤتمرها لمناقشة التأثير المحتمل لاتفاق تجميد إنتاج النفط على القطاع العقاري، والدوافع الاقتصادية الأخيرة في العاصمة، والقدرة الاستيعابية لسوق الوحدات السكنية فيها.
وكشف فاوتر مولمان، مدير مجموعة سيتي سكيب لدى إنفورما للمعارض، الجهة المنظمة لمعرض سيتي سكيب أبوظبي في تصريحات لـ«البيان الاقتصادي» أمس، عن أن الدورة المقبلة لمعرض سيتي سكيب أبوظبي ستكون أضخم دورة للمعرض خلال السنوات الخمس الماضية، مؤكداً أن أكثر من 100 شركة محلية وعالمية ستشارك في المعرض وما زال الباب مفتوحاً لشركات أخرى.
ونوه بأن المعرض سينعقد في القاعات من 3-6 في مركز أبوظبي الوطني للمعارض بالإضافة إلى الممر الفاصل فيه، مشيراً إلى أن المعرض سيتميز بالإعلان عن العديد من المشاريع الجديدة المثيرة من قبل بعض شركات التطوير العقاري الرائدة في أبوظبي، بالإضافة لمشاركة عدد من المطورين للمرة الأولى في المعرض. وبالنسبة للمستثمرين المهتمين ومشتري المنازل، فلا شك في أن المعرض سيوفر لهم الكثير من الخيارات مرة أخرى هذا العام.
وشدد على أن تأثيرات تراجع أسعار النفط على القطاع العقاري في أبوظبي ستهمين على مناقشات المؤتمر العلمي للمعرض وكل الزائرين والشركات.
تأثير محدود
ورأى فاوتر مولمان أن تأثيرات تراجع النفط ستكون محدودة على الاستثمار العقاري والإيجارات السكنية، مشيراً إلى أن أبوظبي تنفذ منذ سنوات رؤية اقتصادية ناجحة تقوم على تنويع مصادر اقتصادها وتقليص حجم اعتمادها على النفط في ميزانيتها، كما أن المعروض السكني في أبوظبي العام الماضي كان محدوداً بعض الشيء، ولم تشهد الإيجارات انخفاضاً كما حدث في دبي، وفي الواقع، واصلت الإيجارات بالزيادة طوال 2015، موسعة الفارق بين الإيجارات في دبي وأبوظبي بالنسبة للوحدات القابلة للمقارنة.
وأضاف «مع بقاء أسعار النفط منخفضة، هناك تأثير واضح على السيولة في السوق والتي من شأنها أن تؤثر على الاستثمار العقاري في 2016 وهذا بدوره أسهم في تحديد المعروض وبالتالي أسهم في استقرار السوق إلى حد ما، وعلى الرغم من هذا، لقد حصلنا على تأكيد من عدد من المشاريع الجديدة التي سيتم إطلاقها في معرض سيتي سكيب أبوظبي هذا العام تتراوح بين مشاريع صغيرة وضخمة في مختلف المناطق الحرة والتملك في أبوظبي،
العرض والطلب
ونوه فاوتر مولمان بأن أداء السوق العقاري في أبوظبي كان مستقراً نسبياً طوال 2015، مشيراً إلى أن الانخفاض البسيط في الطلب رافقه محدودية في العرض وبالتالي ظل السوق متوازناً طوال الـ 12 شهراً الماضية، أما بالنسبة لـ 2016 من المتوقع أن يستمر في هذا الاتجاه لجميع أنواع العقارات مع تحسن محتمل في قطاع الضيافة وبعض المشاريع السكنية والتجارية الكبيرة.
الاستثمار مستمر
ويجزم عمير الظاهري رئيس مجلس إدارة شركة مدائن القابضة، عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة أبوظبي السابق، بأن الاستثمار العقاري والإيجارات السكنية لن يشهدا تراجعاً على الإطلاق بسبب تراجع أسعار النفط.
وقال «حتى الآن لم نسمع عن قرارات حكومية بإغلاق شركات أو تسريح موظفين بل هناك تطمينات كبيرة بأن الإمارة سترشد إنفاقها ولن تتخلى عن موظفي شركاتها فضلاً عن أن أسعار النفط عادت للارتفاع مرة أخرى وهناك توقعات قوية بأن يصل سعر البرميل إلى 70 دولار بنهاية العام الجاري».
المشاريع الضخمة
ويشير إلى أن أبوظبي شهدت سابقاً ظروفاً اقتصادية أصعب وخاصة إبان الأزمة المالية العالمية 2008 ورغم ذلك لم تتراجع الإيجارات واستمرت الاستثمارات العقارية الضخمة التي نراها حالياً بشكل جلي في المشاريع الضخمة في مدينة أبوظبي وجزيرة الريم وجزيرة الماريا خاصة وأن غالبية مشاريع هذه الجزر بدأ الإعلان عنها أوائل عام 2007 وتم تنفيذها ودخلت السوق منذ سنوات.
ويلفت عمير الظاهري إلى أنه كمالك مواطن يصعب أن يصدق بأن تتراجع الإيجارات، مشيراً إلى أن أي شقة في بناياته لا تظل شاغرة لعدة أيام وهناك طلب كبير على الإيجارات السكنية لأن أبوظبي ما زالت تضخ مشاريع ضخمة توفر الآلاف من فرص العمل.
وينوه بأن أبوظبي قلصت اعتمادها على النفط بشكل كبير وحالياً لا يشكل أكثر من 30% من الناتج المحلي ولديها حالياً مشاريع ضخمة في قطاعات الألومنيوم والموانئ والصناعة وغيرها وكلها قطاعات يتنامى دورها بشكل كبير.
ويقول «الاستثمار العقاري مستمر بقوة والطلب ما زال يفوق العرض ونحتاج إلى مساكن جديدة».
التنظيم العقاري
ويلفت خبراء أجانب إلى دور مهم لقانون التنظيم العقاري الجديد في أبوظبي في دفع الاستثمار العقاري والإيجارات إلى وضع مستقر.
ويرى كريس تايلور، الرئيس التنفيذي لأبوظبي للتمويل، أن القانون العقاري الجديد الذي طبقته أبوظبي منذ بداية يناير الماضي سيعمل على خفض تأثيرات العوامل الاقتصادية الدورية مثل تأثير أسعار النفط على أسعار العقارات وخلق بيئة أقل تقلباً وهو ما سيشجع على مواصلة الاستثمار والنمو في القطاع. وأشار إلى أن غالبية المقيمين في أبوظبي والدولة سيتجهون نحو الاستثمار الطويل الأمد في السوق والعملاء غير المقيمين سيستفيدون بشكل كبير من القوانين الجديدة.
وألمح إلى أن التطورات القانونية والاقتصادية الأخيرة التي تشهدها العاصمة ستمهد لممارسات أفضل في القطاع العقاري فيها، خاصة مع وجود العديد من العوامل التي تسهم في ضمان الاستثمارات وتعزيز النمو لاحقاً. وشدد على أن زيادة الوضوح والشفافية، ومركزية تسجيل العقارات والرهن العقاري، وإدارة حسابات الضمان، ووضع قانون الرهن العقاري، جميعها عوامل تسهم بشكل مباشر في التقليل من المخاطر المتعلقة بنقل العقارات لجميع الأطراف.
فرص استثمارية
كما أكدت شركة جيه إل إل الشريك الرئيسي في تنظيم معرض سيتي سكيب، أن الوضع الحالي للسوق العقاري في ظل القانون الجديد سيفتح العديد من الفرص إلى جانب تحقيق الأمن المالي للمستثمرين.
وأشار ديفيد دودلي، المدير الدولي ورئيس مكتب «جيه أل أل مينا» في أبوظبي، إلى أن التشريعات الجديدة التي تتناول حسابات السندات المعلقة، وتسجيل الأراضي والعقارات، وترخيص النشاطات العقارية والعمولات الجديدة، كلها عوامل ستساعد في خلق سوق أكثر تنظيماً في الوقت الذي ستسهم في تعزيز الشفافية والمساعدة في حماية العملاء والمستثمرين.
وأوضح أن القوانين الجديدة تضع المزيد من المسؤولية والتنظيم على المطورين، والذي بدوره سيحدد النمو في المعروض، وسيسهم هذا في خفض مخاطر الزيادة في العرض في الفترة الحالية التي تشهد ضعفاً في الطلب، والحل هنا سيكون بالسماح لعدد محدد من المعروض بالدخول للسوق للحفاظ على توازن صحي بين العرض والطلب للحفاظ على الأسعار والإيجارات ضمن مستوى تنافسي.
ونوه ديفيد دودلي بأن الأخبار الجيدة حالياً في سوق أبوظبي هي أن نمو الطلب يستمر من المشاريع الكبيرة في العاصمة، والتي بدأت عندما كانت أسعار النفط قوية، موضحاً أن المشاريع الضخمة مثل توسعة المطار، ونمو شركة الاتحاد للطيران وغيرهما من نقاط الجذب السياحي، بما فيها متحف اللوفر أبوظبي، لها تأثيرات متعددة على الاقتصاد، ضامنة استمرار النمو في الناتج المحلي الإجمالي.
تصحيح الأسعار
يرى الدكتور محمد نعيمات رئيس مجلس إدارة شركة الحصن العقارية أن تأثيرات تراجع النفط على القطاع العقاري في أبوظبي ما زالت غير واضحة، مشيراً إلى أن الحكومة والشركات الكبرى لم تخفض مخصصات السكن لموظفيها حتى اليوم فضلاً عن قوة اقتصاد الإمارة وتنوعه.
إلا أنه أوضح أن الأيام القليلة الماضية شهدت ظهور لافتات «شقة للإيجار» على العديد من البنايات السكنية في أبوظبي، كما أن إيجارات هذه الوحدات السكنية أقل من إيجارها السابق بفارق يتراوح بين 5 آلاف إلى 10 آلاف درهم، وبلا شك فإن الإيجارات في أبوظبي مرتفعة.
المصدر: صحيفة البيان