التهجير والإخفاء في السجون السرية والتعذيب، ثلاثي الرعب الذي تمارسه ميليشيا الحوثي الإيرانية بشكل يومي على المختلفين معها فكرياً أو سياسياً في مناطق سيطرتها، مما جعل الكثيرين يغادرون قراهم ومدنهم إلى المناطق المحررة هرباً من بطش جماعة إرهابية تمتهن العنف كوسيلة وحيدة لإطالة أمد حكمها الجائر.
يروي الناجون من الموت في سهول تهامة عن انتهاكات وجرائم ضد الإنسانية ترتكبها الميليشيات بحق مواطنين كان ذنبهم الوحيد أنهم مسالمون، لم ينصاعوا لرغباتها الطامعة في تحويلهم إلى وقود لجبهاتها أو داعمين لها على الأقل.
نجيب محمد سعيد، أحد سكان شارع التسعين بمدينة الحديدة، وواحد ممن كتب لهم القدر حياة جديدة، حيث نجا بأسرته قبل أن تتمكن جرافات الميليشيات من هدم المنزل على رؤوسهم أثناء نومهم. يروي نجيب قصته بألم ومرارة، إذ لم يدر بخلده يوماً أن يجبره أحد على ترك مدينته، حتى تفاجأ بمسلحين حوثيين يداهمون بيته وبيت شقيقه ويطالبونهم بكل بساطة بإخلائهما.
يضيف نجيب: «لم أصدق الأمر في البداية خاصة أنني شخص مسالم ولم يصدر مني ما يؤذيهم أو يجلب لهم الشك، لكنهم رغم ذلك عادوا في منتصف الليل وداهموا بيتي وأطلقوا النار على أطفالي وزوجتي وعندما رفضنا الخروج جاءوا بالجرافات وبدأوا بهدم البيت فما كان منا إلا أن هربنا ونجونا بأنفسنا تاركين بيتنا وأرضنا وكل ما نملك».
دروع بشرية
حولت ميليشيا الحوثي الإيرانية منزل المواطن نجيب محمد سعيد ومئات البيوت في كل مناطق تهامة إلى مخازن سلاح وثكنات عسكرية للاختباء من ضربات طيران التحالف العربي عامدة بذلك إلى تحويل المواطنين العزل لدروع بشرية وتعريض حياتهم للخطر، الأمر الذي استدعى قيام منظمات حقوقية محلية ودولية بإصدار عدة تقارير موثقة ومدعمة بالأرقام تدين الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها ميليشيات الحوثي بحق المواطنين في الحديدة، معتبرة أن تلك الانتهاكات تعد جرائم ضد الإنسانية.
وفي تصريح لـ«البيان» أشار عضو اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان المحامي، غالب القديمي، إلى أن ميليشيا الحوثي قامت بتهجير مئات الأسر قسرياً من شارع التسعين بمدينة الحديدة خلافاً للقانون.
وأضاف القديمي: هناك أيضاً قرى بأكملها تم تهجير سكانها من قبل جماعة الحوثي خاصة في مديرية بيت الفقيه مثل قرى الكيدية والقوقر والعباسي والخضري والدمنة وتم تفجير عشرات المنازل في هذه القرى والاستحواذ على مزارع المواطنين ومواشيهم ومصادرة ممتلكاتهم وسلبها منهم بالقوة دون مبرر يذكر. بالإضافة إلى تهجير عشرات الأسر من حيس والجراحي وتلغيم منازلهم حتى لا يتمكنوا من العودة إليها وتحويل معظم المزارع التي يعتمد عليها السكان في جلب لقمة عيشهم إلى معسكرات لتدريب عناصر الميليشيا الحوثية وهذا ما فاقم الحالة المعيشية الصعبة أصلاً وتسبب في فقدان الكثيرين لأعمالهم وأصبحت المجاعة واقعاً يتهدد حياة الناس.
المصدر: البيان