كاتب سعودي
جميل هذا الحراك الذي تقوم به وزارة الثقافة منذ إنشائها، وهي قد طرحت سابقاً رؤيتها وبرنامجها في احتفالية كبيرة، غاب عنها ـ للأسف ـ بعض المثقفين المهمين كما قرأنا عتبهم على الوزارة آنذاك، نقول إنه حراك جميل ومبشر لا سيما والوزارة تتعاطى مع الثقافة بمفهومها الواسع الشامل، ومن الخطوات الأخيرة المبهجة للوزارة تدشينها برنامج الابتعاث الثقافي في مجالات عديدة وفي جامعات عالمية مرموقة، وهي بذلك تؤسس لمستقبل ثقافي ركيزته الشباب الذين سيديرون المشهد.
ولكن مع ابتهاجنا بهذا الحراك، إلا أنه يلزم التذكير بأننا لم نصل الى هذه المرحلة المشرقة إلا بعد حراك وعراك وإصرار ومثابرة وتصميم وتضحيات تحملها جيل المثقفين في المرحلة الماضية على مدى أكثر من أربعة عقود، الجيل الذي حمل على عاتقه مسؤولية التنوير وتحمل تبعات مؤلمة وأثمان باهظة وهو يواجه تيار الجمود والظلام الذي كان يملك القوة والسطوة، ويحظى بالدعم والشعبية الجارفة. إنه الجيل الذي شكّل الجسر الذي أوصلنا إلى ضفة النور، وجاهد من أجل نقلنا من الحصار الشرس إلى فضاء الانطلاق الفكري الحر.
كتاب ونقاد وشعراء وروائيون ومثقفون كثُر صنعوا تلك المرحلة باعتبار ذلك واجبا أخلاقيا إنسانيا ومسؤولية وطنية لابد أن ينهض بها المثقف بغض النظر عن المتاعب الكبيرة التي تواجهه في مجتمع مختطف فكرياً، هؤلاء يعيش أكثرهم الآن حالة من الشعور بالجحود نتيجة تهميشهم ونسيانهم وعدم تقدير ما قدموه وكافحوا من أجله في ظروف صعبة. هم لا يريدون مزاحمة جيل الحاضر، ولا يطمحون للمنافسة على موقع مسؤولية، أو يريدون الوصاية على حراك المرحلة الراهنة، هم يريدون فقط التقدير المعنوي، والإحساس بأن هناك من يثمّن ما قدموه، بتذكرهم والاستفادة من تجربتهم، ورفع المعاناة عن الذين خذلتهم الحياة منهم.
أي حراك جديد لا يجب أن يؤدي إلى القطيعة مع جيل أسس لحراك مهم، لولاه ما انبثق شعاع النور وتفتحت أكمام الورد وزادت نسبة الأكسجين في هواء الفكر.
وعسى وزارة الثقافة تلتفت إلى هذا الشأن.
المصدر: عكاظ