أكد وزير الخارجية السعودية، عادل الجبير، أمس أنه «لا تفاوض مع قطر حول قائمة المطالب»، مشيراً إلى أنه «بيد قطر قرار التوقف عن دعم التطرف والإرهاب».
جاء ذلك، خلال لقاء أجراه الجبير مع الصحافة في واشنطن، حسب ما نشرته الوزارة على حسابها الرسمي على موقع «تويتر». وشدد الجبير على أن الدول العربية، التي اتخذت قراراً بمقاطعة قطر لا تنوي التفاوض معها بشأن القائمة، التي تضمنت 13 مطلباً من الدوحة لإنهاء المقاطعة. يذكر أن الدول المقاطعة لقطر، الإمارات والسعودية والبحرين ومصر قدمت في وقت سابق قائمة مطالب مكونة من 13 بنداً إلى الدوحة، وأمهلتها عشرة أيام للامتثال لها. وأبرز مطالب القائمة خفض مستوى علاقاتها بإيران، وإغلاق قاعدة عسكرية تركية، وإغلاق قناة الجزيرة، وقطع جميع علاقاتها وروابطها مع جماعة الإخوان وجماعات أخرى.
وجاءت هذه التصريحات متزامنة مع دخول المقاطعة الخليجية – العربية للدوحة شهرها الثاني، حيث ما زالت قطر تستنكر المطالب الموجهة إليها من قبل الإمارات والسعودية والبحرين ومصر التي منحتها مهلة 10 أيام لتنفيذ 13 مطلباً تتضمن وقف تمويل الدوحة للجماعات الإرهابية وإغلاق مكاتب الجزيرة وتقليل التمثيل الدبلوماسي مع إيران. وبعد تسريب الدوحة للمطالب، لم تستغرب الدول المقاطعة هذه التصرفات الطفولية من قطر، فهي تتوقع منها كل شيء.
وقد تعاملت قطر بأسلوب بارد مع مطالب الدول الأربع، حيث اعتبرت الخارجية القطرية اللائحة غير منطقية، والهدف منها الحد من سيادة قطر وسياستها في المنطقة، وأضافت الخارجية أن «الدوحة ستراجع مطالب الدول الأربع، احتراماً للكويت ومن أجل الأمن الإقليمي».
وبدلاً من مراجعة المطالب والعدول عن سياستها، ردت الدوحة بطريقتها، إذ اتصل أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني بالرئيس الإيراني حسن روحاني، وقال تميم «الدوحة منفتحة على التعامل والتعاون مع إيران، والعلاقات بين البلدين قوية ومتنامية».
وأخذت طهران بيد الدوحة، وأظهرت العلاقة القوية التي تربطها بها، إذ صرح روحاني بأن مساعدة قطر تخدم أهداف مشتركة للبلدين، وقال «طهران مستعدة للمساعدة وبذل ما تستطيع من جهود لتهدئة الأوضاع في المنطقة، ونحن لا يمكن أن نقبل بـ«محاصرة» قطر، وهي تفتح كل حدودها البحرية وأراضيها وأجواءها أمامنا».
والتقرب الإيراني من الدوحة لم يأت بنية إنسانية ولا اقتصادية ولا سياسية، وإنما بهدف المنافسة مع تركيا على الظهور بدور المدافع عن قطر، كما الوقوف بوجه دول الخليج واستقرارها، كما سارعت طهران إلى بناء سياستها مع الدوحة وتعديل ما تم التوصل إليه في الفترة الماضية خاصة بما يتعلق بالملف السوري، رغم الخلافات.
وتعول إيران على أن استمرار الضغوط التي تفرضها الأزمة على قطر قد يدفعها إلى توسيع نطاق تعاونها الأمني معها على الصعيد الإقليمي، ولا سيما في سوريا والعراق وربما في اليمن، وذلك نتيجة العلاقات التي تؤسسها الدولتان مع التنظيمات الإرهابية والمسلحة الموجودة في تلك الدول.
وفي ظل استمرار الغياب القطري المتعمد، وقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بصف قطر، وأوضح دعمه الكامل لها وتأييده لرفض الدوحة لمطالب الدول الأربع، حيث اعتبر الدعوة لإغلاق القاعدة التركية في قطر هو عدم احترام لأنقرة.
ومن جانبه أبدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب استعداده لمساعدة الدول المقاطعة بالضغط على الدوحة لوقف رعايتها للإرهاب، فيما قال وزير خارجيته في تصريح رسمي إن «قطر بدأت بالنظر بدقة وتقييم عدد من الشروط التي قدمتها الإمارات والسعودية والبحرين ومصر، وهناك مجال واسع يشكل أساساً لاستمرار الحوار الذي سيفضي للحل».
وعمدت الدوحة إلى الاختباء مجدداً بدلاً من المواجهة، فإلى الآن لم تظهر بصورة رسمية تظهر عزمها على حل الأزمة مع أشقائها في الخليج.
ولم تكترث كثيراً لمطالب الدول المقاطعة، إذ يتجول أفرادها في كل مكان مرة في روسيا، ومرة في العراق، ومرة أخرى في بريطانيا، وأخيراً في أميركا، للبحث عن وسيلة لإنهاء الأزمة دون أن تضطر إلى القيام بشيء يذكر لتغيير سياستها.
وكل هذه التصرفات هي مؤشرات على عدم وجود أي رد فعلي من الجانب القطري يعمد إلى إخماد النار وحل الأزمة مع دول الخليج، بل على العكس جعلت جميع الأطراف المساندة تتحدث بالنيابة عنها، معتمدة جميع أساليب الخداع والكذب.
ويتبقى للدوحة أيام قليلة على انقضاء المهلة المحددة لاتخاذ قرارها، إما بالرجوع إلى الحضن الخليجي، أم الاستمرار بالاستنكار واللجوء إلى حضن الغريب والعدو.
وتتجه الأزمة إلى مسارات أكثر تصعيداً في ظل إصرار قطر على عدم الاستجابة لمطالب الدول الأربع التي اكتسبت دعماً إقليمياً ودولياً كبيراً بسبب إدراك كثير من القوى الإقليمية والدولية لمخاطر استمرار قطر في دعم الإرهاب، فضلاً عن اتساع نطاق التوتر بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، ما قد يدفع طهران إلى الانخراط بشكل أكبر في الأزمة إلى جانب قطر. وتترقب الدول رد فعل الجانب القطري على المطالب. إلى الآن لا جديد، فهل تبقى قطر على سياساتها المتناقضة مع مصالح الخليج والعالم العربي، أم تعود إلى رشدها، إن وجد؟
المصدر: الاتحاد