من مشاهدة البطريق إلى وجود دب قطبي شمال السعودية، وليس انتهاء بإعادة تداول فتوى قديمة لرجل دين سعودي يحرّم فيها رجل الثلج (سنومان) كونه من التماثيل، فإنها كلها جزء من مادة يومية يتناولها السعوديون، بسخرية وفرح، احتفاء بتساقط الثلوج بكميات دفعت بعضهم لإخراج مواهبهم الفنية، فقام البعض بعمل تماثيل تحاكي التراث الشعبي، منها امرأة ثلج منتقبة، ورجل ثلج يرتدي شماغا وعقالا، بل حتى رجل ثلج يرقص «السامري» – رقصة شعبية.
«الجنرال الأبيض»، كما يطلق على الثلج، حضر لأول مرة بهذه الكثافة شمال السعودية، وفي حضرته تعسكر الصغار والكبار، بل كان ملهما لجميع الفئات السنية أن تبدع، كل على طريقتها.. من تصوير مقاطع مرئية، إلى القفز على الثلج، أو بناء أشكال من الثلج، فرأينا جملا ثلجيا، رجل ثلج، وامرأة ثلج منتقبة، وشابا يمتطي بعيرا ثلجيا، ومشجعي أندية حاولوا استغلال فرصة العاصفة الثلجية التي شهدوها لأول مرة بتسجيل الحضور وكتابة أسماء أنديتهم الرياضية، أو مذيعين مشاهير كي يكسبوا بذلك عطف «الريتويت».
لكن غير المتوقع هو أن يدخل الجدل الاجتماعي الديني على خط الاحتفاء بالعاصفة، وهو ما كان بعد أن تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي فتوى قديمة لأحد الدعاة السعوديين يحرّم فيها إقامة رجل ثلج في حال كانت هناك ملامح له، فهبت عاصفة انتقادات لا تقل شدتها عن العاصفة الثلجية، مما اضطره للتراجع وتوضيح موقفه ومقصده.
وكان الداعية محمد المنجد قد أجاب ردا على تساؤل حول جواز صنع تماثيل ثلجية كي يلعب بها الأطفال، قائلا «لا يجوز صناعة تمثال من الثلج ولو على سبيل المرح واللعب». لكن موجة الانتقاد الشديدة وتداول الفتوى على نطاق واسع ووصفها بأنها محاولة من المحاولات المستمرة من بعض الدعاة الدينيين لتحريم مظاهر الفرح، دعت المنجد لإصدار توضيح نشره على صفحته الخاصة على موقع التواصل «فيسبوك» قال فيه «إن كان تمثال الثلج لا يتضمن معالم واضحة للوجه من عين وأنف وفم، وإنما هو مجرد مجسم لا معالم فيه، كتمثال الفزاعة الذي ينصبه المزارعون لطرد الطيور، وكذلك ما يجعل في بعض الطرقات للتنبيه على أعمال الطرق.. فهذا كله لا بأس به». وأضاف أنه لا يرى حرجا في الأشكال التي يصنعها الأطفال من الثلج للعب بها.
وبعيدا عن الفتوى، علق صحافي سعودي على بعض الصور المتداولة التي تبين فرحة السعوديين بالثلوج شمال المملكة، بقوله «أفكارهم تتسع كفضاء..». وكتب متعب العوّاد التعليق على صورتين لرجل ثلج يتدثر الزي السعودي، وبجانبه امرأة ثلج منتقبة.
الفوتوشوب كان حاضرا كعامل سخرية، فقد صمّم أحدهم صورة له ومن خلفه دب قطبي، وفي صورة أخرى ظهر رجل يلتقط صورة بالقرب من بطريق.
ومع تنبيهات الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة في السعودية عن استمرار تأثير الكتلة الهوائية شديدة البرودة على شمال وغرب ووسط المملكة، فإن هذه التنبيهات كانت بمثابة دعوات احتفاء واحتفال. وفي جنوب المملكة، يتساقط «البَرَد» (الكرات الثلجية) لتشكل طبقات ثلجية، لكن يصعب تشكيلها على هيئات رجل ثلج أو غيره، بعكس الكتل الثلجية الناعمة. وكانت السعودية قد شهدت عواصف باردة متفرقة الأعوام الماضية، إلا أنها ولأول مرة منذ أكثر من عقدين تشهد عاصفة ثلجية بهذا الشكل.
لندن: عضوان الأحمري – الشرق الأوسط