نجحت شركة «فورد» الأميركية في خطف الأضواء في معرض ديترويت، أول معارض السيارات الدولية هذا العام، بالكشف عن السيارة السوبر «جي تي» وهي الجيل الثالث لسيارات تاريخية تحمل هذا الاسم وحققت للشركة بطولات مشهورة في الماضي. وفي الجيل الجديد استغنت الشركة عن المحرك القديم ذي الثماني أسطوانات واستبدلته بأحد أقوى محركاتها من نوع «ايكو بوست» بـ6 أسطوانات وسعة 3.5 لتر مع شاحن توربو مزدوج يوفر للسيارة قدرة 600 حصان.
وعلى رغم أن الشركة لم تعلن بعد عن تفاصيل إنجاز هذا المحرك فإن مصادر في عاصمة صناعة السيارات الأميركية ترجح أن يوفر للسيارة سرعة قصوى تفوق 200 ميل في الساعة مع انطلاقة إلى سرعة 60 ميلا في الساعة في غضون 3 ثوان فقط. ومن المتوقع أن يصل ثمن السيارة إلى 300 ألف دولار.
لم يقتصر الابتكار في هذه السيارة على المحرك فقط فالجسم يتضمن الكثير من المكونات الكربونية الصلبة خفيفة الوزن. وتعد «فورد» أن تكون نسبة القوة إلى الوزن في هذه السيارة هي الأعلى في أي سيارة تنتج من على خط إنتاج.
ويأتي التصميم الحاد للسيارة ليعكس درجة عالية من الانسيابية وخصوصا التقدم التقني الذي وظفته «فورد» لمنافسة أفضل ما في السوق حاليا، مثل سيارات ماكلارين وفيراري. كما تخلت «فورد» عن الخطأ التقليدي الذي وقعت فيه شركات أخرى بالعودة إلى القديم وتقليده. فسيارة «جي تي» الجديدة لا تحمل أي ملامح من السيارات السابقة التي حملت الاسم نفسه.
أبواب السيارة تفتح إلى الأعلى مثل سيارات لامبورغيني ونظام التعليق فيها معد للمضمار مع إمكانية التحكم في درجة ارتفاع السيارة فوق سطح الطريق. كما تم التخلص من الناقل اليدوي القديم واستبداله بناقل مكون من 7 سرعات يمكن التحكم فيه من على المقود.
أمضت الشركة نحو 18 شهرا في تطوير مشروع «جي تي» في قبو سري تحت مباني الشركة في ديربورن. وعمل على هذا المشروع فريق تصميم محدود كان يدخل إلى الموقع بمفاتيح خاصة بدل البطاقات الممغنطة التي يستخدمها بقية العاملين لفتح أبواب الأقسام. ولم يكن يعرف بالمشروع سوى 10 مدراء في الشركة.
وعندما كشفت «فورد» عن «جي تي» الجديدة في معرض ديترويت كانت المفاجأة كاملة للإعلام والجمهور على السواء، حيث لم يعرف أحد بالمشروع ولم تتسرب إلى الإعلام أي صور عن تجارب السيارة.. وهكذا تحولت «جي تي» إلى نجم سيارات المعرض بلا منافس.
اعتمدت «فورد» في إنتاج «جي تي» الجديدة على أحدث ملامح تصاميم سيارات السباق بحيث جعلت مقعدها ثابتا لا يتحرك فيما يمكن ضبط وتحريك المقود وبدالات القيادة. كما استعانت الشركة بالأزرار في لوحة القيادة، وهو أسلوب تعتمده شركة «فيراري» في سيارتها.
وتركز «فورد» في الوقت الحاضر على تطوير قطاع الإنجاز الرياضي فيها إلى قسم جديد يحمل اسم «فورد برفورمانس». وتعتقد الشركة أن قطاع السيارات عالية الإنجاز سوف يرفع سمعة الشركة ويوفر لها هوامش أرباح أفضل. وتعرب الشركة عن رغبتها في إنتاج 12 سيارة رياضية جديدة خلال السنوات الخمس المقبلة. وسوف تعمم الشركة أنواعا رياضية فائقة الإنجاز في كل قطاعات سياراتها.
وتقول «فورد» إن «مؤشرات الطلب في السوق مشجعة إذ إن معدلات نمو الطلب على الأنواع الرياضية تبلغ نسبة 70 في المائة منذ عام 2009. ولن يتطلب الأمر تطوير سيارات جديدة وإنما إجراء تعديلات وإضافة قوة لمحركات السيارات العادية».
وتعتقد الشركة أن الوقت الحاضر هو الأمثل لدخول القطاعات الرياضية إلى السوق، فالصناعة منتعشة وهوامش الأرباح جيدة. وكانت صناعة السيارات قد حققت أحد أفضل أعوامها عام 2014 إذ ارتفعت مبيعات السيارات الأميركية إلى 16.5 مليون سيارة، أي بزيادة 5.9 في المائة عن مبيعات العام الأسبق. وهذا هو أعلى رقم مبيعات تسجله صناعة السيارات الأميركية منذ عام 2006، علما بأن «فورد» تتبوأ المركز الأول في السوق الأميركية.
وتبيع «فورد» عالميا نحو 8.5 مليون سيارة بعوائد تصل إلى 6 مليارات دولار سنويا. ومن المتوقع أن تحقق الشركة هذا العام دخلا يصل إلى 8.5 مليار دولار.
ولاحظت الشركة زيادة الإقبال على السيارات عالية الإنجاز في جميع أنحاء العالم كما راقبت ارتفاع المبيعات في قطاع شيفروليه المنافس إذ إن الشركة تبيع واحدة من كل 4 سيارات رياضية في السوق الأميركية. وفيما تنافس سيارة مثل «موستانغ سيارات «كامارو»، لا تنتج شركة «فورد»، حتى الآن، سيارة تنافس «كورفيت».
ويبدو أن التزام «فورد» بسيارات الإنجاز العالي سوف يذهب إلى أبعد من إنتاج طراز «جي تي» إذ إن طراز «موستانغ شيلبي 350 آر» مهيأ للمضمار كما أنه يتوافق مع معايير السير على الطرق العمومية. وهو يستخدم محرك سعته 5.2 لتر بـ8 أسطوانات يوفر للطراز قدرة 500 حصان. والطراز المعدل لهذه السيارة أخف وزنا وأعلى انسيابية.
آخر طراز أنتجته «فورد» باسم «جي تي» كان في عام 2005، وكانت سيارة «سوبر» تحاكي سيارات عقد الستينات التي حملت اسم «جي تي 40». ولا تعتبر الشركة أن من الضروري أن يغطي مشروع «جي تي» الجديد تكاليف تطويره، خصوصا وأن السيارة جديدة بالكامل، ولكنها تعتبره مفيدا لسمعة الشركة وقدراتها الهندسية.
وكان المشروع قد بدأ في أعقاب نقاش داخل أروقة إدارة شركة «فورد» منذ أكثر من عامين حول كيفية الاحتفال بمرور نصف قرن على الإنجاز التاريخي الذي سجلته سيارة «جي تي 40» بتحقيق الفوز بالمراكز الثلاثة الأولى لسباق لومان عام 1966، فتم الاتفاق على تشكيل فريق عمل صغير متحرر من بيروقراطية الشركة لدراسة مشروع السيارة السوبر ومتابعته. ومن أجل الحفاظ على سرية المشروع طبقت الشركة إجراءات غير عادية منها العمل خارج ساعات الدوام وفرض سرية تامة على التجارب التي أخضعت السيارة لها إلى أن خرج المشروع إلى النور في معرض ديترويت.
المصدر: ديترويت: «الشرق الأوسط»