كاتب إماراتي
يُعد موقع «لينكيد-إن» أحد أهم المواقع الاحترافية في الموارد البشرية، إذ إنه أصبح بوابة حقيقية، سواء للباحثين عن تبادل المعرفة مع من يعملون في مجالهم نفسه، أو الباحثين عن عمل، أو الباحثين عن موظفين يحملون المواصفات التي يبحثون عنها، وأصبح لجميع دوائر الموارد البشرية في المؤسسات الكبرى مواقعها وحساباتها في هذا الموقع، وكميزة إضافية فهو يتيح لك أن تعرف مَن مِن ضمن معارفك يعمل في أي جهة تبحث عن معلومات أو صلة بها، وتعرف من يعرف من في هذه الدائرة، بل ومن يعرف من يعرف من في أي دائرة، باختصار هو كنز صغير للذين لا يقومون بمراجعة دائرة ما قبل البحث عن الواسطة المناسبة لزيارة هذه الدائرة.
هناك بالطبع تلك الميزة الإبداعية وهي «الواسطة – الإلكترونية» أو ربما «التزكية» هي الترجمة الصحيحة للـRecommendation الذي يتيحه الموقع، فإذا كنت قد عملت مع شخص ما في مشروع معين، ولديك خبرة أو تجربة أو رأي أثناء عملك معه، يمكنك إضافة هذه المعلومات في صفحته في الـ«لينكيد-إن».
حلو! أكيد حلو! الأحلى هو الآتي: في الأسبوع الماضي كنا بحاجة إلى موظف بمواصفات معينة للعمل في مشروع بسيط ومؤقت لا تتجاوز مدته ثلاثة إلى أربعة أسابيع، ولأننا محترفون فقد قمنا بالبحث عن المواصفات المطلوبة في الموقع المذكور، وجدنا سيرة ذاتية لموظف في عمر 25 عاماً، ولكن ما استوقفنا فعلاً هو وجود الآلاف من «التزكيات» له، تزكيات من مديرين عامين، تزكيات من رؤساء أقسام، تزكيات من موظفين، تزكيات من إعلاميين، تزكيات من طباخين، تزكيات من «مطهرجية»، جميع أنواع التزكيات ومن مختلف شرائح المجتمع تؤكد أن هذا الموظف متمكن في مجاله و«بروفيشيونال».
وبالدخول إلى صفحة الموظف المذكور تبين أنه نسخة من أي موظف آخر، فهو يشرب اللبن ويذهب إلى دوامه في تلك الدائرة الحكومية ويعود مساء، وليست لديه أي شهادات تدريبية ولا رخصة قيادة، ولا يتقن سوى لغته «الأم». موظف تقليدي وممل، ولكن الفرق الوحيد بينه وبين غيره من الموظفين كان في تلك التاء المربوطة الصغيرة في نهاية الاسم والصفة، وبالطبع كان في تلك الصورة المغرية التي تضعها تلك الموظفـ(ـة)، والتي تظهر بوضوح المؤهلات على اختلاف أنواعها!
حسبي الله عليكم من عرب، تخرفنتم في الحسابات الوهمية في جميع مواقع التواصل الاجتماعي، ثم تخرفنتم في الأرقام الوهمية التي ترسل رسائل في المناسبات السعيدة، ثم تخرفنتم في تقديمهن في كل شيء من دخول الأصنصير إلى دخول مجالات العمل الحساسة، أما أن تصل الخرفنة في البعض للـ«ريكومنديشن» العملي والمهني لمجرد الشكل الخارجي لإحداهن، فالله لا يردكم! كم أتمنى أن تضع تلك الموظفة أسماء المزكين في لائحة تسمى «لائحة الصوف» وتقدمها مع سيرتها المطبوعة بدلاً من العبارة التقليدية: «المراجع متوفرة عند الطلب»، وصدقيني لا أحد يستطيع أن يفتح فمه فتزكيتهم لكِ قانونية تماماً، كما أن خرفنتك لهم «شرعية»!