إجهاض تشريع قانون «الحرس الوطني» في العراق عام 2015، أدخل البلاد في نفق مظلم، إثر الخلافات التي دارت بين الفرقاء، ابتداء من تحالف «القوى العراقية» السنية والتي تضم من بينها عشائر محافظة الأنبار من جهة، وكتلة «التحالف الوطني» الشيعية التي تضم الأحزاب والفصائل الشيعية وكتلة «الرافدين» المسيحية من جهة ثانية، تحت مبررات متضاربة أضرَّت بمصلحة الوطن والوحدة الوطنية، وبعده بعام أُقر قانون «هيئة الحشد الشعبي» بعد تصويت مجلس النواب العراقي بأغلبية الأصوات لمصلحته، والذي تكونت نواته بعد صدور أمر رئيس الوزراء السابق «نوري المالكي» عام 2014، بتعبئة الجماهير وتشكيل الهيئة لمجابهة تهديدات تنظيم «داعش» لبغداد وأطرافها.
والحقيقة أن هذه الميليشيا بدأت إرهاصاتها منتصف عام 2012، وشاركت في الحرب الدائرة في سوريا وبعض المناطق العراقية قبل ظهور داعش، لكن أتت فتوى السيد «السيستاني» لتشكيل متطوعين وتسليمهم للأسلحة، كتشريع وبُعد سياسي لا أكثر لشرعنة تلك الميليشيا العقائدية القائمة، ولكن يجب التنبيه إلى أن «الحشد الشعبي»، لا يُقلد السيد السيستاني وليس له أي ارتباطات به، بل ارتباطه بشكل مباشر بالمرجعية الإيرانية وهو يعمل تحت إمرته.
إعلامياً .. انتهى وجود تنظيم داعش على أرض العراق، والحقيقة أن التنظيم دُحر من المناطق الكبرى ولكن لا يزال يشكل بعض التهديد لوجوده في بعض الجيوب، وبذلك نحن نعود إلى لحظة ديسمبر 2013 قبل سيطرة التنظيم على «الرمادي» و«الفلوجة» و«الموصل»، لكن نتحدث عن انتهاء العمليات العسكرية الكبرى وليس عن هزيمة نهائية لداعش.
رئيس الوزراء «حيدر العبادي» وفي خطاب إعلان القضاء على التنظيم، دعا إلى «حصر السلاح في يد الدولة»، ومن وجهة نظر أخرى، فإن استخدام «العبادي» لهذا المصطلح، هو تعبير مموّه، ولا يعني به الميليشيات، على الرغم من أن وجودها منافٍ للمادة «9 ب» من الدستور العراقي، والتي تقول «يُحظر إنشاء أي ميليشيات عسكرية خارج إطار القوات المسلحة»، ما يعني أن «الحشد الشعبي» عملية تسليح خارج إطار وزارة الدفاع قانونياً، أي إنه فصيل جماهيري مؤقت، وبذلك يُحل أفراده وتسترد أسلحته، ولا مبرر لاختلاق بعض الأعذار الواهية والتي منها «استمرار الخطر» أو تشبيهه بقوات «الشرطة الاتحادية» أو «الفرقة الذهبية» أو «مكافحة الإرهاب» وغيرها، وبذلك فإن استمراره يعد أخطر على العراق من داعش، لأنه بنية عقائدية طائفية لا وطنية.
المصدر: صحيفة الرؤية