باشرت الحكومة اليمنية الجديدة أعمالها أمس، بالتشديد على ضرورة التعاون لإنهاء حالة الفراغ الأمني وتنشيط القطاعات الاقتصادية، وذلك وفق ما قال رئيس الوزراء خالد بحاح بعد انتهاء مراسم أداء اليمين الدستورية التي حضرها 29 وزيرا من أصل 36 بينهم وزراء من حزب المؤتمر الشعبي العام ومقربون من جماعة «الحوثيين» على الرغم من إعلان الجانبين مساء السبت رفضهما لتشكيلتها.
وقال بحاح «إن 6 وزراء تغيبوا عن أداء المراسم 3 منهم في الخارج و3 اعتذروا لكن يُجرى إقناعهم للدخول في الحكومة وهم وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل قبول المتوكل ووزير الدولة لشؤون مجلسي النواب والشورى أحمد الكحلاني ووزير الخدمة المدنية أحمد محمد لقمان»، موضحا أن الحكومة ستخضع للتقييم خلال 90 يوما، ولافتا إلى أن العقوبات التي فرضها مجلس الأمن على صالح والحوثيين تعد قرارا أمميا واليمن سيحترم القرار وسيعمل مع المجلس من أجل تنفيذه.
وأكد بحاح عزم حكومته على استعادة هيبة الدولة من خلال تفعيل دور الوزارات والمصالح والهيئات الحكومية المركزية والمحلية، وشكر الدول الراعية للتسوية السياسية من الدول الشقيقة والصديقة وفي مقدمتها دول مجلس التعاون الخليجي وبقية الدول في إطار مجموعة العشر والى الأمم المتحدة ومساعد أمينها العام ومستشاره لشؤون اليمن جمال بن عمر، وقال «ننتظر من كل القوى السياسية أن تعمل إلى جانب الرئيس عبدربه منصور هادي وإلى جانب الحكومة في التعاطي مع استحقاقات مرحلة الانتقال السياسي وفقا لما تقضي به التزاماتها تجاه اتفاقيات التسوية كلها بدءا من المبادرة الخليجية وانتهاء باتفاق تفويض الرئيس ورئيس الحكومة واتفاق السلم والشراكة وقرارات مجلس الأمن ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني».
وأقر هادي لدى ترؤسه أول اجتماع للحكومة الجديدة برئاسة بحاح أن المرحلة المقبلة لن تكون هينة، وقال «لا مجال للتراخي أو التسويف وعلى الجميع استحضار مشروع الدولة المدنية الحديثة القائمة على الشفافية والحكم الرشيد والعدل والمواطنة المتساوية». وعبر عن ثقته الكبيرة لاستكمال المرحلة الانتقالية بما فيها إعداد الدستور الجديد على أساس مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، مطالبا كافة الأطراف باحترام وتنفيذ اتفاق السلم والشراكة الوطنية بكافة بنوده وآلياته.
وقال هادي «إن الحكومة التي تم تشكيلها من كفاءات نوعية بعد أسابيع من الخلافات السياسية، لا تمثل أي حزب أو مكونات أو مذاهب وإنما تمثل اليمن كله بكل تنوعه»، مشددا على ضرورة أن يكون الأمن والاقتصاد أهم أولويات الحكومة باعتبارهما الدعامتين الأساسيتين في حياة كل مواطن، وحث على محاربة الفساد، متعهدا بتقديم كافة أشكال الدعم والعون للحكومة من أجل العمل كفريق واحد يغلب مصلحة اليمن العليا وأمن الوطن واستقراره ووحدته باعتبار هذه المرحلة تستدعي من الجميع تغليب مصلحة الوطن العليا على ما عداها من الحسابات الأخرى.
واختتم هادي حديثه القصير بالقول «أقول لأبناء شعبنا يا جبل ما يهزك ريح» (في رسالة واضحة إلى صالح الذي تبنى صدور قرار حزبي بإقالته من الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي وأعلن الانسحاب من الحكومة)، بينما قال صالح في اجتماع استثنائي لأعضاء اللجنة الدائمة لحزب المؤتمر «لن نشارك في حكومة أضعف من الأولى». وأوضح المتحدث الرسمي باسم المؤتمر عبده الجندي تعليقا على ما أعلن عن أداء وزراء محسوبين سياسيا على المؤتمر اليمين «إن وزير السياحة معمر الإرياني ووزير الزراعة فريد مجور لا يمثلان الحزب في الحكومة، وإنما دوافع أسرية وشخصية تقف وراء مشاركتهما في الحكومة».
إلى ذلك، دعا أعضاء مجلس الأمن الدولي القوى السياسية في اليمن إلى الاتحاد والمشاركة بشكل سلمي وبناء في السير قدما في العملية الانتقالية، وعبروا في بيان عن دعمهم هادي وبحاح. ودعا المجلس جميع الأطراف إلى السعي لحل اختلافاتهم عبر الحوار ونبذ أعمال العنف من اجل تحقيق الأهداف السياسية، مثمنا الجهود والتعاون المستمر لمجلس التعاون الخليجي وسفراء الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر.
ووصفت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسية فدريكا موغيريني الإعلان عن تشكيل الحكومة اليمنية الجديدة بأنه خطوة هامة لإحراز تقدم في الإصلاحات الاقتصادية والسياسية المطلوبة باتجاه الاختتام الناجح لعملية الانتقال السياسي. وقالت «من المهم الآن أن تنخرط كافة الأطراف السياسية بشكل بناء في دعم الحكومة الجديدة لتنفيذ إصلاحات حاسمة وتحقيق مصلحة الشعب واتخاذ إجراءات لتحسين الاستدامة المالية ومكافحة الفساد في مجال الإدارة العامة»، مؤكدة التزام الاتحاد الأوروبي بمواصلة دعم اليمن في عمليته الانتقالية.
ورحب الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي بتشكيل الحكومة اليمنية الجديدة، واعتبر أنها خطوة إيجابية خاصة في هذه المرحلة الحساسة والمضطربة التي يشهدها اليمن. وأشاد في بيان بالجهود الوطنية لهادي وبحاح وكافة القوى السياسية التي تعاونت سويا من أجل تشكيل حكومة كفاءات وطنية قادرة على تلبية تطلعات الشعب. وأعرب عن أمله في أن تتمكن الحكومة الجديدة من التغلب على التحديات الكبيرة التي تواجه اليمن في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والإنسانية.
وحذر العربي من أية محاولات تستهدف عرقلة سير العملية السياسية في اليمن أو تعمل على تقويضها، مشيرا إلى أن ذلك يتعارض مع مطالب الشعب ويمثل عملا غير مسؤول يضر بأمن البلاد واستقرارها. وجدد التأكيد على تضامن جامعة الدول العربية مع قيادة وحكومة وشعب اليمن، داعيا المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم المطلوب لليمن وتمكينه من التنفيذ الكامل لاتفاق السلم والشراكة الوطنية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني والمبادرة الخليجية التي تشكل جميعها الأساس الحقيقي ليمن مزدهر ومستقر.
المصدر: الاتحاد – عقيل الحلالي، وكالات (صنعاء)