مع وصول الأزمة التي تشهدها المنطقة، جراء المواقف القطرية المتعنتة والمكابرة، إلى يومها المئة، تواصل وسائل الإعلام العالمية فضح الأساليب المشبوهة التي يتبعها حكام قطر للخروج من حالة العزلة المتفاقمة، التي تعاني منها بلادهم بفعل الإجراءات الصارمة المتخذة بحقها من جانب الدول العربية الداعمة لمكافحة الإرهاب.
فقد كشفت صحيفة «ذا تايمز» البريطانية النقاب عن أن المسؤولين في قطر يعملون حالياً على «شراء» تأييد قادة الجماعات اليهودية في الولايات المتحدة، بهدف دفعهم لدعم موقف الدوحة خلال اجتماعات الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي انطلقت أمس الأول الثلاثاء في نيويورك.
وفي تقريرٍ إخباري مقتضب، أماطت الصحيفة اللثام عن أن الحكومة القطرية خصصت نصف مليون دولار، للحصول على خدمات شركة أميركية تتخصص في مجال العلاقات العامة وتكوين جماعات الضغط، وذلك لـ«مد الجسور مع المجتمع اليهودي» في الولايات المتحدة.
وأشار التقرير، الذي أعده ريتشارد سبنسر، إلى أن هذه المحاولات تأتي في وقت تواجه فيه قطر اتهامات بـ«دعم الإرهاب» الذي ينفذه متشددون، مُعتبراً أن الجهود التي تبذلها الدوحة على هذا الصعيد بالتزامن مع انعقاد الجمعية العامة، تبدو بمثابة فتح لـ«جبهة جديدة» في الحرب الدبلوماسية الدائرة بين النظام القطري من جهة، والكثير من الدول العربية والإسلامية من جهة أخرى.
ونقل التقرير عن صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية قولها، إن قادة منظمات يهودية بارزة في أميركا سُئِلوا عما إذا كانوا يرغبون في الالتقاء مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وولي عهده، خلال زيارتهما إلى نيويورك أم لا. وأشارت «ذا تايمز» إلى أن الشركة الأميركية التي تعاقدت معها الحكومة القطرية – والتي تتخذ من واشنطن مقراً لها – معروفة بعملها لصالح الجماعات اليمينية والمنظمات اليهودية في الولايات المتحدة.
لكن المفارقة تتمثل في أن قطر -التي تربطها علاقات شديدة الحميمية مع إيران في الوقت الراهن- أصبحت عميلة لشركة علاقات عامة، عادةً ما تشن حملات دعائية لصالح مناوئي إيران والمنددين بسياستها في أميركا.
وجاء تقرير الصحيفة البريطانية غداة كشف صحيفة «ذا هيل» الأميركية النقاب عن أن حكومة الدوحة تتعاقد مع 14 جماعة ضغط في الولايات المتحدة، بهدف دعم جهودها لتحسين العلاقات مع إدارة الرئيس دونالد ترامب والقوى المؤثرة في رسم السياسات في الدولة الأكثر نفوذاً وتأثيراً في العالم.
وأشارت الصحيفة إلى ما ورد في أحد هذه التعاقدات من أن هدفه يتمثل في وضع «استراتيجية علاقات عامة لكي تتبعها الحكومة القطرية»، وكذلك مساعدة الدوحة في التواصل مع مسؤولي إدارة الرئيس دونالد ترامب والشخصيات البارزة في الكونجرس، وتحسين علاقات قطر مع أشخاص ومنظمات أخرى، تنخرط في قضايا السياسة العامة أو المسائل المتعلقة بالحكومة الأميركية.
من جهتها، رأت صحيفة «دَيلي مَيل» البريطانية أن «الآمال تتلاشى» في إيجاد تسوية للأزمة القطرية المستمرة منذ مطلع يونيو الماضي، والتي تتواصل الآن لشهرها الرابع. ونقلت الصحيفة عن خبراء ومحللين سياسيين مخضرمين قولهم إن تلك الأزمة المتفاقمة بسبب تشبث حكام الدوحة برفضهم للمطالب المُحقة المطروحة عليهم من «الرباعي العربي المناوئ للإرهاب» قد تستمر خلال عام 2018، وربما إلى ما بعد ذلك.
وحسب تقرير «دَيلي مَيل»، استند الخبراء في هذا التوقع إلى المسار الذي تتخذه الأزمة القطرية في الوقت الراهن، وقالوا إنهم لا يتوقعون التوصل إلى «أي حل قريب.. نظراً لوجود شعور هائل للغاية بالمرارة والخيانة.. ولا يوجد من يرغب في أن يُرى وقد طرفت عيناه أولاً».
وتوقع هؤلاء الخبراء في شؤون الخليج أن تكون الأزمة الحالية أطول أمداً، من تلك التي نشبت بين قطر والإمارات والسعودية والبحرين في عام 2014، والتي استمرت ثمانية أشهر، وأشاروا إلى أن الخلاف الآن أكبر من ذاك الذي اندلع قبل أكثر من 3 سنوات. كما نقل تقرير «دَيلي مَيل» عنهم القول إن الأزمة القطرية «تقوض صورة دول الخليج» في خارج المنطقة.
وتوقع محللون – بحسب «الصحيفة البريطانية» – أن «تُجبر قطر في نهاية المطاف» على أن تنحني أولاً، قائلين إن «الطريق الوحيد المُتاح أمامها هو الموافقة على المطالب الرئيسية» للدول العربية الأربع.
ولم يفت التقرير الإشارة ضمناً إلى المخاوف التي تنتاب حكام قطر من إمكانية سقوط نظامهم الحاكم، وذلك في ظل ظهور بدائل مقنعة بشكل أكبر أمام المواطنين القطريين، المتمثلة بالشيخ عبد الله بن علي آل ثاني، الذي قام بوساطة ناجحة مع الرياض بشأن الحجاج القطريين.
وفي إشارة إلى محاولات التضليل المستميتة التي تقوم بها قطر، قالت «دَيلي مَيل» إن «قطر تُصوّر نفسها على أنها ضحية لانتهاكات لحقوق الإنسان. واعتبر التقرير أن هذا التظاهر يثير حيرة المنظمات (الحقوقية) التي تتخذ موقفاً ناقداً لمعاملة الدوحة للعمال الأجانب، وذلك في ظل استعدادها لاستضافة كأس العالم لكرة القدم عام 2022.
من ناحية أخرى، اعتبرت الصحيفة البريطانية أن الصدع الخليجي الراهن «كشف عجز الغرب عن تسوية هذا الصراع، على الرغم من أن كل أطرافه حلفاء للدول الغربية». وحذرت الصحيفة البريطانية من أن طول أمد الأزمة قد يعود بتأثيرات وخيمة على قطر، خاصة في ظل تواصل استعداداتها لاحتضان المونديال الكروي.
المصدر: الاتحاد