داعية إسلامي من السعودية
إمارة الشارقة لها من الحضور البارز، والتألق المشهود في عوالم الثقافة ما يعرفه المهتمون بجوانب المعرفة المختلفة، ومن هنا جاء تتويجها عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2014؛ في إطار برنامج عواصم الثقافة الإسلامية الذي تشرف عليه وترعاه المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، والمصادق عليه في المؤتمر الإسلامي الرابع لوزراء الثقافة الذي انعقد بالجزائر عام 2004.. الشارقة تاريخ عريق، ومساهمات ثقافية واضحة، وأعمال أدبية وفنية راقية، وجامعات رصينة، ومراكز أبحاث مرموقة، ومعارض مشهورة للكتب وغير ذلك.
حزمة مشاريع وبرامج وفعاليات التتويج الكبير للشارقة استهلته بعرض مسرحي هو الأكبر في تاريخ الإسلام؛ عنوانه “عناقيد الضياء – أعظم قصة رواها التاريخ”، ترجم رؤية سمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي، حاكم الشارقة، بتقديم عمل رفيع يروي سيرة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ويوضح حقيقة الإسلام السمحة، ويعزز قيم العدل والمحبة والسلام، ويبقى أثره محفوظاً للأجيال القادمة.. وأنا أتابع قرب بداية عرض العمل طلبت من صديقي في الإمارات أن يحجز لي تذكرتي حضور للعرض، وفرحت عندما أخبرني أن الصفوف الأمامية كلها قد شغرت، ولم يبق إلا بعض الفراغات في الصفوف الخلفية والجانبية، وقبل التحرك إلى هناك تعذر لصاحب التذكرة الثانية الحضور لظرف صحي، وترددت، ثم عزمت، فتوكلت، وحضرت..
مسرح (جزيرة المجاز) الذي احتضن العرض أكثر من رائع، وتجهيزاته غير مسبوقة ـ مساحته تبلغ 7238 متراً مربعاً، وسعته تستوعب نحو 4500 متفرج ـ، والعرض بكل تفاصيله التي قامت بالتنويه عنه الصحف العالمية قبل المحلية، كان لائقا بالسيرة النبوية العطرة، وبدين يؤمن به أكثر من مليار ونصف المليار إنسان في العالم.. العمل الفني الملحمي “عناقيد الضياء” تضافرت فيه كلمات الدكتور عبدالرحمن عشماوي، وموهبة الملحن خالد الشيخ، وأصوات النجوم حسين الجسمي، وعلي الحجار، ولطفي بشناق، ومحمد عساف، ومعهم عدد يصل إلى مئتي مشارك، في مقاربة إبداعية تحكي السيرة الشريفة، منذ ولادته، وحتى انتقاله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى الرفيق الأعلى.. الملحمة طافت بالحضور من الشارقة إلى الأراضي المقدسة، حيث تفتحت شجرة الإسلام المباركة، مروراً بزمن الجاهلية، وزمن الانتصارات والبطولات التي صنعت فجر الإسلام المجيد.. روح التاريخ كان حاضرا في العرض، وأهم الأحداث والأحوال النبوية كانت حاضرة؛ منذ مولد الهادي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى نزول الوحي، ومن غار حراء، إلى رحاب الأرض كلها.
انتهى العرض، وخرجت مع من خرج، وكل من حولي يحكي لمن بجانبه عن الذي لفت نظره فيما شاهده وسمعه، وبعضهم كان يحكي ودموعه تسبقه، أما أنا ولأني كنت وحدي فصرت أعيد في مخيلتي المشاهد التي شدتني، وتذكرت مقولة الكاتب الشهير، وليم شكسبير: “All the world’s a stage”، ولم أستطع تجاوز الضرورة الملحة في أن نهتم بالمسرح، والحاجة الماسة في أن ننشئ في كل بلد، أو كل مدينة كبرى مسرحا وطنيا لعرض الهادف من الأقوال والأفعال. المسرح ـ وبعد الذي رأيته ـ زادني يقينا في أنه يستطيع صنع وحدة الناس بأكثر مما يستطيعه أي نشاط بشري آخر، وأنه ـ أي المسرح ـ يحمل رسالة ذات تأثير كبير في عملية التغيير، وإصلاح السيئ من العادات والتقاليد.. المسرح أمره أكبر من الترويح عن النفس والتسلية.. المسرح لو أحسنا استغلاله سيكون أداة فاعلة في تحقيق التنمية البشرية.
المصدر: الوطن أون لاين