كاتب و محامي إماراتي
ما أن انتهوا من تناول طعام الإفطار كلٌ في منزله حتى تجمع ما يقارب من السبعين شاباً إماراتياً لمراجعة التفاصيل الأخيرة لقافلة الخير التي ستنطلق بعد قليل لإيصال المعونة الرمضانية إلى مستحقيها الذين ينتظرون بفارغ الصبر حلول شهر الخير في كل سنة حتى يتجدد لقاؤهم مع هؤلاء الشباب .
مبادرة بدأت منذ عدة سنوات قام بها مجموعة من الشباب لا تربطهم سوى الصداقة وحب عمل الخير يتبرع كلٍ منهم بما تيسر له وبما يجمعونه من أموال الزكوات والصدقات ويشترون بها مؤونة من أنواع الطعام والملابس التي تحتاجها الأسر. ويتم تحميل كل هذه المواد في سياراتهم والتي يتجاوز عددها أحياناً الثلاثون سيارة وتنطلق القافلة بعد تناول طعام الإفطار في رحلة ليلية إلى المناطق النائية لتزور أسراً تنتظر خروج القافلة كل سنة على أحر من الجمر بما تحمله القافلة من خير وبشرى. وتبدأ القافلة بالمرور على الأسر التي قامت بدراسة حالاتها فهذه تحتاج معونة شهرها من طعام وملابس ، وأخرى تحتاج إلى ترميم أو صيانة منزل ، وثالثة تحتاج إلى من يتكفل بمصاريف دراسة أو علاج لأحد أفرادها وأخرى تحتاج إلى شراء سيارة أو آلة تعمل عليها وترتزق منها وهكذا.
وعند كل منزل يتقدم هؤلاء الشباب فيحمل كلاً منهم بنفسه ما يستطيع أن يحمله من الصناديق ويسلمها لأهل المنزل تستودعهم دعوات الخير على هذا المجهود الإنساني النبيل. ولا تتوقف القافلة إلا بعد أن تنتهي من توزيع كامل حمولتها ثم تعود قافلة فلا تصل إلا قبل أذان الفجر بدقائق لتقوم الأسبوع المقبل برحلة مماثلة إلى منطقة أخرى وإلى عوائل أخرى.
شباب يأتون من خلفيات مختلفة ومن عوائل ميسورة الحال ، لهم اهتمامات جيل الشباب ، بعضهم يعمل في وظائف أو أعمال مرموقة وبعضهم لايزال طالباً على كراسي الدراسة. إلا أن المعدن الأصيل وحب الخير الذي زرعه زايد في قلب كل إماراتي يدفعهم إلى ترك مجالس السمر والسهر وراحة العيش إلى العمل من أجل رسم البسمة على شفاه من يفتقدونها من غير شكوى ولا كلل في عمل تطوعي لا يبتغون من وراءه أجراً ولا شهرة سوى الأجر والثواب. مجهود قل أن تراه في جيل اليوم ولكنه يثبت أن بذرة حب الخير موجودة في قلب كل إماراتي وأن مباهج الدنيا ويسر الحال ليس من شأنها أن تطغى على معدن الخير الأصيل.
هؤلاء الشباب متطوعون في حملة جمعية “تراحم” الخيرية التي تعمل في مجال مساعدة الأسر الفقيرة في الإمارات.
خاص لـ ( الهتلان بوست )