كاتب و روائي سعودي
في أحد الأيام استوقفني أحد القراء ودار حديث طويل حول ما يكتبه الكتاب عن مشكلاتنا الاجتماعية وهل تجدى تلك الكتابات أمام المسؤولين أم (حرام) فيها الحبر الذي تستهلكه.
ولا أريد الحديث عما استكملنا به الحديث، وإنما أردت نقل جملة قالها ذلك القارئ الفاضل، قال: أتعرف ما الذي ينقصنا؟
كنت صامتا ولم أشأ أن أحرز ما الذي يود قوله، فقاطع صمتي: الذي ينقصنا الإخلاص.. ولو أن كلا منا كان مخلصا في ما يعمل لما تعطل أي شيء في حياتنا.
نعم، خصلة الإخلاص يمكنها أن تقودنا جميعا إلى أداء كل شيء بإتقان ومن غير تباطؤ.
وكل منا يعرف جزءا من الداء الذي حل أطنابه بيننا، ومعرفتنا بهذا الجزء يوجب علينا بسط المعضلة بيننا بكل شفافية وصراحة.
وسوف انطلق مما قاله الأمير خالد الفيصل في تدشين حملة (وطننا أمانة): «أن القرآن والسنة النبوية ركيزتان مهمتان، ولو طبقهما الجميع ونفذ ما فيهما، لما احتجنا لمؤسسات مراقبة أو مكافحة للفساد».
الانطلاق من أننا جميعا على صله وثيقة بالقرآن والسنة ومع ذلك نمارس كثيرا من المنكرات والنواهي التي نص عليها الدين، وأيضا نغفل عن كثير من الوصايا والتحذيرات التي حث عليها الدين.
حسنا، ماذا يعني أننا ومنذ نعومة أظافرنا إلى الممات ونحن نتلقى تعاليم الدين في البيت وفي المدرسة وفي المسجد ونحفظ الآيات والأحاديث ومع كل هذا نمارس الكذب والخديعة والتجسس والتنابذ وقلة الأمانة والرشوة والتكفير.. كل السلبيات التي نهينا عنها يتم ممارستها من قبلنا من غير استنكار في حياتنا اليومية.
وفي إحدى الشهادات الروائية ألقيت محاضرة عن زيف الواقع، وأن الزيف لا يحدث في المخيلة الروائية عند الكتابة وإنما هو زيف الواقع ذاته، فالواقع الإسلامي للأسف مزيف يحمل كل القيم العليا ولا يعمل بها مما يؤكد على الافتراق الحاد بين النظرية والتطبيق، والذي يجعل النظرية في حالة شك نتائج تطبيقها، والعالم الإسلامي مجتمع يطبق فالنظرية على جملة أخطاء، فيكون الواقع على خطأ أيضا.
إذًا، لا ينقصنا معرفة مسميات القيم العليا بل ينقصنا ممارستها؛ لذلك فإن أي حملة نقودها علينا التذكير بأن لدينا نواقص كثيرة ليس في الاسم ولكن في التطبيق.
لذلك لن أقول كما قال ذلك القارئ الكريم: بأن الذي ينقصنا هو الإخلاص.
بل أقول ينقصنا معرفة الدين نفسه وممارسة أوامره ونواهيه فعليا وليس قوليا.. نعم ينقصنا الدين بالرغم من أننا جميعا نقول أننا على دين، ونعمل من أجل الدين.. فأين روح الدين عن أعمالنا وعن أنفسنا؟
المصدر: صحيفة عكاظ