مع اقتراب العام 2020، يزداد تدريجياً وضوح التأثير الحقيقي لتقنيات الذكاء الاصطناعي على عالم التجارة الإلكترونية.
وتتوقع دراسات حديثة أنه بحلول ذلك الوقت، فإن تقنيات الذكاء الاصطناعي ستكون مسؤولة عن 30% من النمو في عائدات التجارة الرقمية، خصوصاً وأن 60% من شركات القطاع ستوظف تقنية أو أكثر من تلك التقنيات، فكيف يمكن لشركات التجارة الإلكترونية في الإمارات – التي تعتبر أكبر حاضنة لتلك الشركات في المنطقة – تعزيز استفادتها من تلك التقنيات؟
ويقول دريك هينيكي، المدير العام للأسواق الناشئة لدى كريتيو المخصصة في خوارزميات التسويق، بات واضحاً للجميع أن الذكاء الاصطناعي هو أداة قيمة لدعم الخواص التسويقية الجديدة، مثل التخصيص والعروض التنبؤية والبحث الصوتي، حيث تتطلب كل هذه الأدوات تحليل حزم للبيانات لاستخلاص نتائج قيّمة، ويضيف: «مع كل ما تقدمه تقنيات الذكاء الاصطناعي من فرص واعدة في مجال التسويق، فإن معرفة الكيفية التي يتم الحصول بها على أكبر تأثير، تعد ضرورية للمسوقين في هذا الوقت.
ويتوجب على المسوقين في الدولة النظر في قدرات الذكاء الاصطناعي قبل اعتمادها، حيث يتطلب التسويق الفعّال للتجارة الرقمية تحليل كميات هائلة من البيانات وتحديد العلاقات ما بين هذه البيانات للتمكن من اتخاذ القرارات واتباع النهج الأنسب. وتقوم العديد من شركات التجارة الرقمية والعلامات التجارية بتطبيق ذلك بنجاح منذ عدة سنوات.
ولا تهدف تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى أن تحل محل كل العمليات، إنما تأتي لتحسين الأنظمة الحالية وعمليات التحليل باستمرار مع مرور الوقت».
ويضيف: «وعلاوة على تلك المنافع العديدة، فإن الذكاء الاصطناعي يوفر تحليلاً ميّسراً للبيانات. وفي عصر السوق الرقمي المتغير باستمرار، الذي يتوقع فيه التجار الحصول على عرض أنشطة المتسوقين عبر قنوات التسويق المتعددة «الأومني تشانل»، وهي خاصية تربط أنشطة الزبائن خلال اللحظة سواءً كانت متصلة عبر الإنترنت أو غير متصلة، وبالتالي فإنه من المهم جداً التمكن من الاستجابة بصورة سريعة.
ففي نهاية المطاف، فإن هذه الرؤى لن تكون ذات جدوى إذا لم يتمكن المسوقون من اتخاذ القرارات استناداً عليها، فالذكاء الاصطناعي يمكّن نظم الحلول الحسابية من رصد وتسجيل سلوك الزبون تلقائياً، بدلاً من الضبط اليدوي للأنظمة الذي قد يسهو عن هذه الرؤى الأساسية».
ولكن كيف تتمكن تقنيات الذكاء الاصطناعي من مساعدة المسوقين في تحقيق ذلك؟ يقول هينيكي: «يحتاج المسوقون بمجرد تحديد استخدامات ومزايا الذكاء الاصطناعي إلى اتخاذ القرار بخصوص كيفية إدارة عمليات التنفيذ.
فالذكاء الاصطناعي ليس زر تبديل يتم تشغيله ليقوم بإصلاح كل شيء بنفسه، وللاستفادة من قدراته الكاملة يستلزم تزويده بحزم بيانات جيدة ونظيفة للعمل عليها، وإلا فإن النظام سيقوم بتقديم اقتراحات غير دقيقة».
وحتى إن كان الذكاء الاصطناعي قادراً على تحديد العلاقات ذات التأثير على التجارة التسويقية فإن ذلك لا يلغي التقنيات والممارسات السابقة تماماً، وينبغي استخدامه لاستخلاص العوامل القابلة للتنفيذ بسرعة من البيانات التي يتم إدراجها إلى نظم الأهداف والتقييم المتواجدة لضمان بقاء العمليات متوافقة مع أهداف الشركة.
تذكر بأن الذكاء الاصطناعي ليس الحل لإصلاح كل شيء!
فإذاً ماذا تعني ممارسات الذكاء الاصطناعي بالنسبة للمسوقين؟ يضيف: «تتيح حلول الذكاء الاصطناعي للمسوقين التجاريين فرصة تطوير استراتيجياتهم بعدة طرق. ولعل أكثرها فائدة هو تمكين أداة التخصيص الشامل.
بغض النظر على أن هذا المجال متزايد التعقيد ولكنه يعتبر الأهم خلال هذا الوقت الذي أصبحت فيه الصناعة أكثر وعياً بأن بعض المصطلحات مثل «جيل الألفية» تعتبر عامة جداً لتستند عليها الحملات الترويجية.
والذكاء الاصطناعي عبر ما يقدمه من قدرات دقيقة لاستخلاص البيانات، يمكن استخدامه بكفاءة في تحليل المسوقين وتصنيفهم في مجموعات محددة (وفي بعض الأحيان مجموعات من فرد واحد!) لتوفير تصنيف أكثر دقة للفئات المقسمة.
كما يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة المسوقين في مواجهة التحدي الذي يواجههم في فهم سلوك الزبون عبر القنوات المتعددة.
وفي الوقت الذي يتم فيه إجراء 36% من المعاملات عبر عدد من الأجهزة المختلفة، حيث إن ذلك يعد من الأمور التي تسبب الضبابية في استراتيجيات المسوقين وتجعل تحديد المستخدمين أكثر صعوبة نظراً لتنقلهم المستمر عبر الأجهزة.
وبالتالي فإنه عبر الاستعانة بالتقنيات الحديثة للذكاء الاصطناعي فإن عملية تحديد هذه الاتجاهات وتقييم الدور الذي تلعبه القنوات المختلفة في رحلة التسويق تصبح أكثر سهولة عبر مراقبة سلوك المستهلك.
وهذه الأمور تعد عوامل مؤثرة في تكوين أنظمة تنبؤية محسنة تعتمد على نماذج الإدخال والنتائج المستهدفة.
ويمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير النماذج التنبؤية لتحليل سلوك المستخدمين مثل توقع مدى احتمال قيام الزبون بفتح البريد الإلكتروني، أو القيام بعملية شراء أو التسجيل عبر الإنترنت، وكل هذه الأمور تسهم في تقديم استراتيجية تسويق مفصلة على حسب المستهلك، كما يمكنها تطبيق بنية تسعير ديناميكية تتكيف مع البيانات المتدفقة.
ويتوقع المسوقون في مجال التجارة الإلكترونية الاستفادة بشكل كبير من الذكاء الاصطناعي، حيث أشارت دراسة جارتنر السنوية إلى أن أكثر من 63% من المشاركين في الاستطلاع يخططون للاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي بحلول نهاية العام 2017، وبالتالي فإن تقنيات الذكاء الاصطناعي تشهد ذروتها حالياً، وعليه فإنه يتوجب على المسوقين في الدولة تجهيز أنظمتهم الحالية وتحديد توقعاتهم، وإلا فقد يكونون معرضين لخطر الفشل تحت وطأة الموجة الحالية بسبب سوء التنفيذ أو الاعتماد بشكل مفرط على تقنيات الذكاء الاصطناعي.
المصدر: البيان