انسجام عظيم جمع الزعيمين الراحلين المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والمغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم في صناعة حاضر ومستقبل الإمارات.. انسجام كان له الأثر الواضح في جعل دولة الإمارات تنافس كبريات الدول حضارة ونهضة وتميزاً، فضلاً عن الحضور الدولي الذي لا ينكره أحد.
أربعة وعشرون عاماً مضت على رحيل المغفور له الشيخ راشد ولا تزال بصماته البيضاء تؤتي أكلها كل حين لأنها شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، بعد أن غادرنا المغفور له في السابع من أكتوبر من عام 1990م.
ولد المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم – الشريك في بناء دولة الإمارات وإرساء قواعد الاتحاد -عام 1912م، في العام الذي تسلم فيه والده المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ سعيد بن مكتوم، زمام الأمور في دبي وتلقى الشيخ راشد دراسته الأولى في علوم الفقه واللغة العربية التي كانت توفرها الكتاتيب في ذلك الحين ثم التحق بالتعليم النظامي في مدرسة الأحمدية في ديرة فتفقه في العلوم الدينية إلى جانب علوم اللغة العربية والتاريخ والحساب والجغرافيا. وكان الشيخ راشد أصغر تلاميذ هذه المدرسة والتي كانت المدرسة الوحيدة في دبي.
وإلى جانب تفوقه في الدراسة فقد أولى الصيد وخاصة صيد الصقور اهتماماً خاصاً، «منذ سن مبكرة كان الشيخ راشد هدافاً ماهراً بالبندقية. وإذا كان لوالدته دور كبير في تنشئته؛ فقد كان لهواية صيد الصقور دور كبير في مصاحبته لوالده الشيخ سعيد إذ شغفا بها معاً؛ مما وطّد علاقته بوالده»، ولما لم يكن قد تقلد مهام الحكم بعد في تلك الفترة؛ فقد كان ينعم بشيء من الحرية في رحلات الصيد، وكانت طيور الحبارى والغزلان والأرانب وطيور الطيهوج من طرائده المفضلة.
تولى الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، رحمه الله، مقاليد الحكم في إمارة دبي في العام 1958 عقب وفاة والده الشيخ سعيد بن مكتوم، ولم يكن الشيخ راشد بجديد على الإدارة السياسية للإمارة فقد شارك والده في تسيير أمور الحكم منذ عام 1939، وانخرط في العمل السياسي منذ نعومة أظفاره؛ لكونه الولد الأول للشيخ سعيد، رحمه الله، إذ اعتاد أن يحضر مجلس أبيه، وكان يبدي اهتماماً بالغاً بما يدور في المجلس، ويصغي لكل الآراء والأفكار التي يطرحها الحضور. وإذ كان حريصاً على فهم دقائق حكم الدولة، كان يقضي الساعات الطوال يسأل أبويه عن أحداث اليوم.
متابعة
منهج مباشرة الأعمال بنفسه اتبعه الشيخ راشد خلال فترة حكمه، ويتطلب ذلك جدولاً يومياً منضبطاً؛ فكان يقوم بجولتين في مدينة دبي يومياً يتابع فيهما المشروعات. وكان من عادته ألا يكتفي بالشرح الموجز؛ بل كان يتابع أدق التفاصيل لأي مشروع قيد التنفيذ، وكان يتابع كل شيء بنفسه خطوة خطوة، ولقد وفرت له جولاته تلك فرصة الالتقاء بعامة الناس عن قرب.
رؤية موحدة
اتفقت رؤية المغفور له الشيخ راشد بن سعيد مع رؤية إخوانه حكام إمارات الخليج العربي أنه لابد من قيام الاتحاد بين الإمارات التي تجمعها سمات مشتركة تمثلت في وحدة التاريخ والجغرافيا والثقافة والعادات والتقاليد والملامح السياسية، فكان الإعلان رسمياً عن قيام دولة الإمارات في الثاني من ديسمبر 1971 برئاسة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والمغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم نائباً له.
في الثلاثين من أبريل 1979 قرر المجلس الأعلى للاتحاد تكليف المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم نائب رئيس الدولة وحاكم دبي بتشكيل مجلس الوزراء الجديد.. وأعلن سموه عقب تشكيل الحكومة في الأول من يوليو عام 1979 الخطوط العريضة للسياسة التي تنتهجها الحكومة فقال: إنني إذ أقدر ضخامة المسؤولية أرى لزاماً عليَّ أمام أهلي وبلدي أن أكون واضحاً بما أنادي به وبما أعتقد أنه كفيل بتحقيق الأهداف التي من أجلها تقبلت حمل الأمانة. إنني والوزراء لا نعد بتحقيق المعجزات ولكننا سنبذل أقصى ما نستطيع للسير باتحادنا قدماً في شتى الميادين.
ضاحي خلفان: زايد وراشد أكبر من الخلافات الطارئة
لا يخفى على كثيرين أنه مرت فترات وفي ظل المشاورات لقيام الاتحاد كانت فترات قلقة، وذات يوم حدثت أزمة طارئة على صعيد الساحة الاتحادية وكان للمغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم وجهة نظر تختلف عن وجهة نظر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، واشتدت الأزمة وكان الناس يتحدثون في هذا الأمر، ورأيت بعيني وسمعت بأذني وتعلمت درساً لن أنساه ما حييت، (وأشهد الله أنني لم أتعمد الاستماع إلى هذا الحديث وأن وجودي في هذا المكان كان بحكم ترددي الاعتيادي على الشيخ راشد) ودار الأمر في مجلسه في زعبيل وسمعته يقول، رحمه الله، لأحد رفاقه المخلصين تعليقاً على تلك الأزمة: «إن زايد إنسان مخلص وصادق ولا يعمل إلا لخدمة الاتحاد»، وأردف: «أنا أستطيع حل هذه المشكلة مع رجل كزايد»، يومها تمنيت أن أولئك الذين لا يفهمون راشداً ولا يعرفون زايداً أن يعرفوا الحقيقة التي اكتشفتها، فالخلاف في وجهات النظر لا يفسد للود قضية وعلمني الشيخ راشد أنه يقدر ويجل زايد قولاً وفعلاً.
ولقد شاءت المناسبات أن أكون متواجداً في مجلسه الكريم، وسمعت من يقول لراشد: إن ذهابك باستمرار إلى أبوظبي وفي كل المناسبات أمر غاية في الصعوبة، لماذا لا تستقبل ضيوفك هنا في دبي بدلاً من قطع هذه المسافة الطويلة؟ فردّ بكل قوة: «إن أبوظبي هي العاصمة».
وسمعت من يقول: يا راشد أن تذهب إلى أبوظبي لوداع أو استقبال زايد حينما يقوم بزيارة رسمية إلى الخارج فهو أمر بديهي ومنطقي ومعقول، فهو رئيس الدولة، ولكن أن تذهب لوداعه أو استقباله حينما يقوم بإجازته الخارجية فهذه مسألة لا تدخل في نطاق الرسميات، فلماذا تذهب؟ قال، رحمه الله: «إن زايد ليس رئيساً لدولة الإمارات فقط ولكنه أخي»، وجعلني هذا الرد أقف إجلالاً وتقديراً واحتراماً للقائد، هكذا كان راشد.
حمد بن سوقات: استشرف المستقبل بحنكة ونظرة ثاقبة
الحنكة والنظرة الثاقبة واستشراف المستقبل سمات بارزة في شخصية المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، بهذه الكلمات بدأ حمد بن سوقات الذي رافق المغفور له الشيخ راشد بن سعيد منذ أن كان في الخامسة عشرة من عمره قائلاً: كان شخصية متميزة ، ومثالاً فذاً للرجل الصلب الذي لا يغير معدنه، حاله في ذلك حال الرجال العظماء.
ويعود الفضل له في وضع أسس النهضة الاقتصادية والعمرانية في الإمارة، حيث كان يعمل بلا مستشارين أجانب وجميع التجار المواطنين والوافدين كانوا يستشيرونه نظراً لحكمته وسداد رأيه وقدرته على قراءة المستقبل، وكان يطلب من الكل دوماً مراجعته بعد ثلاثة أيام لإعطائهم المشورة إما بالمباركة أو التأني أو الرفض.
ويضيف كان الشيخ راشد يحملنا دائماً مسؤولية تتبع أحوال المواطنين ويقول: هذه أمانة في أعناقكم، فقد سخرنا الله لخدمة الوطن والمواطنين.
أهالي رأس الخيمة: ذكراه لا تفارق وجداننا
«إرث خير تشهد عليه الشعبيات السكنية التي بناها على نفقته وموانئ الصيادين في مناطق الرمس وشعم، والمساجد التي يذكر فيها اسم الله عز وجل في كل لحظة وتحمل نقش فكره».. بهذه العبارة لخص أهالي رأس الخيمة معاني الجود التي لمسوها في حياة المغفور له بإذن الله الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم.
يقول محمد حسن التاجر: كان المغفور له الشيخ راشد بن سعيد، طيب الله ثراه، حريصاً ليس فقط على توفير المسكن الآمن للمواطنين، بل على تأمين أسباب الرزق عبر بناء موانئ للصيادين في رأس الخيمة، ونشر دور العبادة التي تحمل اسمه.
الأيادي البيضاء
وبيّن محمد كاسين أن سيرة المغفور له الشيخ راشد، رحمه الله، هي صورة من سيرة أبنائه، فقد أورث سموه أبناءه الإحساس بالآخرين وحب العطاء والبذل في سبيل إسعاد الآخرين، فقد كان رحمه الله صاحب الأيادي البيضاء على العديد من أهالي رأس الخيمة.
وقال حسن إبراهيم الطنيجي إنه مازال يذكر زيارات المغفور له الشيخ راشد إلى منطقة الرمس في رأس الخيمة، حيث كان يتفقد بنفسه بناء أكثر من 180 مسكناً في شعبية راشد التي بنيت في الثمانينيات، والتي سدت حاجة العديد من العائلات.
رؤية اقتصادية أسست مطار دبي وميناء جبل علي
رؤية ثاقبة حكيمة للتطورات والمتغيرات التي يشهدها العالم، كلها من صفات المغفور له بإذن الله الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم.
وكان نتاج رؤيته الاستشرافية البعيدة وجود معلمين من أكبر وأهم معالم المنطقة وهما مطار دبي الدولي وميناء جبل علي.
ولميناء جبل علي قصة يسجلها التاريخ، ويرويها شهود عيان؛ حيث كانت منطقة جبل علي شاطئاً رملياً مهجوراً، وفي عام 1976 خطط المغفور له بإذن الله الشيخ راشد بن سعيد آل مكتومو لإنشاء ميناء بحري، وتم إنجازه في فترة قياسية لم تتجاوز أربع سنوات، أصبح ميناء جبل علي الآن من أكبر الموانئ العالمية، وأكثرها شهرة وحصداً للجوائز العالمية.
في جبل علي تنتشر نحو 7 آلاف شركة؛ لأنها منطقة حرة؛ حيث يمكن نقل البضائع منها إلى بعض أسواق الشرق الأوسط في فترة قياسية لا تستغرق سوى 24 ساعة، وإلى أبعد ميناء في المنطقة أكثر من 48 ساعة. كذلك لا يستغرق الوصول إلى موانئ جنوب شرقي آسيا سوى 9 ساعات.
ويمكن الوصول إلى الموانئ اليابانية خلال 20 يوماً. ومن هنا تأتي أهمية جبل علي، حيث تتعامل أكثر من 120 شركة بحرية، من ضمن أغنى 500 شركة كبرى في العالم.
تطوير الميناء
إن الميناء لا يتوقف عند هذا الحد، فعمليات التطوير جارية على قدم وساق، وهنا أشار المهندس سكوت ويلسون إلى أنه «من المؤمل أن تنتهي توسيعات المنطقة الحرة بحلول 2030 وهذه كانت رؤية الشيخ راشد التي سار عليها أنجاله من بعده وترجمها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، في حقيقة واقعة باتت اليوم مشروع دبي ورلد سنترال الذي سيكون مستقبلاً أكبر مطار في العالم».
ستكون الطاقة الاستيعابية لمطار جبل علي الدولي أكثر من 120 مليون مسافر سنوياً، ناهيك عن الحجم الضخم للشحن. وكان غرايم ويلسون، من جانبه، قد وصف في كتابه «راشد بن سعيد آل مكتوم الوالد والباني» ميناء جبل علي بأنه «أضخم ميناء من صنع الإنسان، وثاني أضخم مشروعين أنجزهما الإنسان على وجه الأرض، بعد سور الصين العظيم، يمكن رؤيتهما من على سطح القمر.
حصاد الأمس
وللحديث بقية فميناء جبل علي يحصد اليوم ما غرس بالأمس؛ فها هو وللعام الثامن عشر على التوالي يفوز بجائزة أفضل ميناء بحري في الشرق الأوسط؛ حيث تم اختياره؛ لما تميز به في مجال البنية التحتية المستدامة؛ والمبادرات المبتكرة المعتمدة على التكنولوجيا، وتحسين كفاءة سلسلة التوريد استجابة للاحتياجات المتغيرة للعملاء.
ويأتي هذا التكريم في حفل توزيع جوائز الشحن، وسلسلة التوريد الآسيوية الـ26 الذي أقيم في شنغهاي في الصين.
ميناء راشد
بدأت في عام 1959 عملية تجهيز الخور للملاحة عن طريق تجريفه وسحب الطمي منه وذلك لأنه في الخمسينات تراكم الطمي في مياه الخور بشكل متسارع مما أدى إلى انخفاض كبير في حركة الملاحة فيه، وكان على السفن انتظار المد حتى تتمكن من دخول الخور وبقيت بعض قوارب الصيد تعبر الخور بين فترة وأخرى.
وبعد أن تم الوصول إلى العمق المطلوب تم رصف جانبي الخور بالصخور والتربة الرسوبية ليرتفع مستوى جانبي الخور عن مستوى المياه.
وسمح للتجار فيما بعد باستثمار الأراضي الجديدة على جانبي الخور للاستفادة من عوائد الاستثمار في تسديد تكاليف المشروع، وبحلول نهاية عام 1960 تم إنجاز مشروع خور دبي, ولقد بدأت بعد ذلك خطوط الملاحة تتوافد إلى دبي معتمدة خور دبي كميناء رئيس، و تسببت هذه الحركة المتزايدة في الخور في زيادة الطلب على الخدمات. واستجابة للحاجة الملّحة تم البدء مباشرة بالعمل على إيجاد أرصفة بحرية ومستودعات وتوسيع الخدمات الخاصة بتحميل وتفريغ السفن، كما تم توسيع وتطوير مرافق الخدمات الأخرى بالميناء.
وكان افتتاح ميناء راشد عام 1972 تتويجاً لرحلة عريقة في مجال الملاحة البحرية والتجارة العالمية؛ فهو أول ميناء في المياه العميقة، استمر العمل فيه أربع سنوات، حيث انطلق عام 1967، ليبدأ تشغيله عام 1972، سار العمل في الميناء بناء على توجيهات المغفور له بإذن الله الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم الذي أمر «بإنشاء ميناء في المياه العميقة بطاقة استيعاب تصل إلى أربعة مراسٍ كما هو مخطط له أصلاً، وقد تقرر بعد ذلك مضاعفة عدد المراسي ليصل إلى 15 مرسى عند إنجاز المشروع، وارتفع عدد الأرصفة ليصل إلى 35 في العام 1978 بما في ذلك خمسة أرصفة كبيرة وعميقة لمناولة أكبر سفن الحاويات، في حينه».
تطوير ميناء راشد
يوجد الآن مخطط لتطوير ميناء راشد، حيث «سيجعل منه واحدة من أفضل محطات الرحلات البحرية على مستوى المنطقة، كما سيعزز الاقتصاد المحلي لدبي، ويزيد التدفق السياحي إلى الميناء التاريخي في قلب المدينة».
وأعلنت موانئ دبي العالمية خلال 2011، عن نيتها تحويل رصيف بطول 1860 مترا و70 هكتارا من المساحة يستخدمان حاليا كمرسى للشحن العام إلى محطة حاويات جديدة ضمن الميناء، ما يضيف أربعة ملايين حاوية نمطية إلى طاقة الميناء الاستيعابية، ويرفع الطاقة الكلية للميناء إلى 19 مليون حاوية نمطية بحلول عام 2014.
مطار دبي
بحلول نهاية عام 1960 ومع إنجاز مشروع خور دبي، بدأت بعد ذلك خطوط الملاحة تتوافد إلى دبي معتمدة خور دبي كميناء رئيسي، وتسببت هذه الحركة المتزايدة في الخور في زيادة الطلب على الخدمات. واستجابة للحاجة الملّحة تم البدء مباشرة بالعمل على إيجاد أرصفة بحرية ومستودعات وتوسيع الخدمات الخاصة بتحميل وتفريغ السفن، كما تم توسيع وتطوير مرافق الخدمات الأخرى بالميناء.
وفي ذات الفترة أصدر المغفور له الشيخ راشد بن سعيد مرسوماً بتأسيس شركة الكهرباء، وأمر ببدء العمل الفوري في إنشاء مطار دبي الذي جاء نتيجة حتمية لتوسيع دبي ونموها بعد أن أدرك المغفور له حاجة مدينة نامية مثل دبي لهذا المشروع المحوري الذي تحول اليوم بفضل رؤية قيادات دبي إلى واحد من اكبر مطارات العالم.
راشد.. مسيرة مجد
تعجز الكلمات عن وصف رجال خطوا تاريخ المجد سطوراً وصولاً للعلياء، كانوا للريادة عنواناً، وفي الإصرار مثالاً تعجبت من صموده البشرية، صنعوا من الأحلام واقعاً يعيشه شعب هو الأسعد في العالم، ونحتوا على رمال صحراء الإمارات أسماء تراها أينما نظرك جال وتشعر بعزهم في كل زمان، هم صناع الاتحاد، أسماء تسمع صداها في كل مكان.
ففي الذكرى الرابعة والعشرين على رحيل المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، لا تزال روحه العطرة تسكن قلوب المواطنين والمقيمين وكل من عاش على أرض الإمارات، ذلك الرجل العظيم صاحب العقل الراجح والبصيرة النافذة، سخّر وقته وجهده وكل ما لديه لنهضة دبي، حتى صارت لؤلؤة الخليج.
في السابع من أكتوبر 1990 رحل رفيق درب المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في تأسيس دولة الاتحاد وتحقيق الحلم الغالي، بعدما أسس اتحاداً صلباً صار اليوم نموذجاً للنجاح على كل الأصعدة، مكرساً مكانته في الصفوف الأولى عالمياً في كل المجالات وعلى مختلف الأصعدة.
المغفور له الشيخ راشد بن سعيد صاحب الرؤية الثاقبة يذكرنا دوماً بأن الأجساد ترحل ولكن الروح تبقى حاضرة في المكان والزمان، حيث بصماته رحمه الله فيما وصلت إليه دبي من تطور وازدهار وعالمية كانت الشاهد الأكبر على ذلك.
إصدارات
كتب رصدت مسيرته بشهادات موثقة
مقولة للشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم «لا تتحدث عن الإنجازات ودع الإنجازات تتحدث عن نفسها»، ولذلك لم تكتب إلا كتب قليلة عنه، وهي من مجموعة خطب وتصاريح المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، والتي تم توثيقها بمركز التوثيق الإعلامي بوزارة الإعلام والثقافة، راشد لم يتحدث مطلقاً عن إنجازاته العملاقة التي تحققت على تراب وطننا، بل ترك لها حرية الحديث والتعبير.دبي – البيان
سيرة
«راشد والمسيرة والبناء»
تحدث كتاب «راشد والمسيرة والبناء» الذي ألفه معالي الفريق ضاحي خلفان نائب رئيس الشرطة والأمن العام بدبي ونصر الدين أحمد في عام 1990 عن طفولته وعن رعاية أبويه اللذين أحاطاه بالرعاية والعناية الأبوية، تعلم في الكتاتيب في البداية وعند ظهور المدارس النظامية انتظم في فصولها فتفقه في العلوم الدينية إلى جانب علوم اللغة العربية والتاريخ والحساب والجغرافيا في وقت مبكر من عمره، لقد كان في شبابه شاباً مثابراً وجاداً وباحثاً عن كل ما يرفع الهامات ويسمو بالهمم، نحو الفضائل وسمو الغايات. ومنذ شبابه كان راشد حريصاً كل الحرص على أن يكون لدبي شأن خاص ومكانة خاصة، واستطاع بكل مقدرة أن يكسب من حوله الرجال كسباً قائماً على الكفاءة التي بدأت تظهر بوضوح على هذا القائد الشاب.
وتحدث أيضاً عن التنمية التي قام بها الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، وفي عام 1957 قام باتخاذ القرار بتوسيع الخور وتعميقه وتنظيم شطآنه، وتسابقت السفن إلى خور دبي، فمنها ما جاءت لتشتري ما طاب لها أن تشتري من البضائع، ومنها ما جاءت لتحتمي بالخور من تلاطم أمواج الخليج الغاضبة، من عواصف الشمال شتاء أو حين اشتداد رياح الكوس صيفاً، وأخرى جاءت لتقف في هذه المحطة الجديدة التي أنشئت على ضفاف الخليج كي يأخذ بحارتها قسطاً من الراحة ثم يواصلون السير بعد ذلك.
وتحدث الكتاب عن دبي وموقعها ومساحتها، وهوايته وهي «رياضة الصيد بالصقور»، وأيضاً عن مواقفه وعن الاتحاد ومكان وتاريخ الانعقاد وكلمته في ذلك الاجتماع، كذلك تحدث الكتاب عن مسيرته وصفاته وحرية الكلمة عند راشد، ولا سيما رحيله.
رؤية
«راشد.. الوالد والباني»
يعتبر كتاب «راشد .. الوالد والباني» – الطبعة الأولى 1999سيرة ذاتية معتمدة للمغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم أنتجته مؤسسة «ميديا بريما».
وقد ألفه الصحافي البريطاني جريم ويلسن، الذي يصف في كتابه «راشد بن سعيد آل مكتوم الوالد والباني» ميناء جبل علي بأنه أضخم ميناء من صنع الإنسان وثاني أضخم مشروعين أنجزهما الإنسان على وجه الأرض بعد سور الصين العظيم.
ويذكر في هذا الكتاب، بقيام الشيخ راشد بالتوقيع على اتفاقية إنشاء الحوض الجاف لإصلاح السفن في أواسط شهر مايو عام 1972، وفي عام 1979 تم افتتاح الحوض الجاف الذي اشتمل على ثلاثة أحواض يستوعب واحد منها سفناً حمولتها مليون طن، وأسندت رئاسة تلك المنشأة إلى الشيخ محمد بن راشد، ويعد ميناء جبل علي الذي انتهى العمل فيه بالكامل عام 1981 أكبر ميناء في الشرق الأوسط، ليضيف بذلك الشيخ راشد إنجازا جديدا لسجل إنجازاته العديدة فقد قال حاكم دبي مرة عن مشروع ميناء جبل علي: «إن إقامة هذا الميناء يأتي تماشيا مع خططنا لجعل هذا البلد مركزا له شأنه في المجتمع العالمي، ولكي نحول بلدنا من بلد يعتمد على التجارة فقط إلى مركز يساهم في الصناعات العالمية المتطورة ويسهل السبل أمام هذه الصناعات لتمضي قدماً في خدمة الإنسانية ومجالات الحياة المختلفة».
دراسة
«مسيرة راشد.. فصول عائلة آل مكتوم وتاريخ إمارة دبي»
يمثل كتاب «مسيرة راشد.. فصول عائلة آل مكتوم وتاريخ إمارة دبي» – الطبعة الأولى 2006 دراسة رائعة للحوكمة الجيدة والرؤية الاستراتيجية والرغبة الشخصية الصادقة التي تطمح لتحقيق التقدم من قبل العائلة الحاكمة.
أصدرت الكتاب مؤسسة «ميديا بريما» ويقول جريم ويلسون مؤلف الكتاب إنه إضافة إلى قصة حياة الشيخ راشد نفسه، ولا يزال هناك تعطش للمعلومات المتعلقة بإمارة دبي بدءاً من جذورها المبكرة وحتى وقتنا الحالي.
ويشتمل الكتاب على 400 صورة لم يسبق نشر العديد منها.
كما يعود بعضها إلى فترات مبكرة من القرن العشرين المنصرم ومن بين الذين دعموا عملية البحث وأجريت معهم مقابلات في هذا الكتاب وزير الخارجية البريطاني الأسبق روبين كوك، ورئيس الوزراء البريطاني الأسبق إدوارد هيث، والمغفور له الشيخ صقر بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم راس الخيمة، وسمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، والشيخ محمد بن خليفة آل مكتوم رئيس دائرة الأراضي والأملاك بدبي.
المصدر: البيان – إعداد: أحمد أمين نمر.. دبي – عمادعبدالحميد – رأس الخيمة – رباب جبارة – دبي – علي الصمادي، وعبد الرحيم الطويل