أكد خبراء دوليون في مجال الموارد البشرية، أن الإمارات نموذج لإسعاد المتعاملين، وتوفير الاحتياجات والخدمات التي يرغبون في الحصول عليها من الجهات التي يتعاملون معها، مشيرين إلى الاهتمام الذي توليه الدولة لرأس مالها البشري وتطويره، وبث السعادة في بيئات العمل وبين المتعاملين، وكذلك في الاستفادة من التنوع الثقافي الذي تزخر به الدولة.
ودعا الخبراء إلى دراسة هذا النموذج والاستفادة منه في العديد من المجالات، والأخذ بمقوماته لتحقيق السعادة، سواء للموظفين أو المتعاملين، على حد سواء.
وحذر الخبراء الذي تحدثوا في الجلسات الصباحية خلال اليوم الثاني لمؤتمر الموارد البشرية الدولي، من خطورة تعامل المؤسسات مع موظفيها على أنهم أرقام، مؤكدين أهمية مشاركتهم في صنع الخطط والاستراتيجيات لجهات العمل، والاستماع إلى وجهات نظرهم لإيجاد بيئة عمل سعيدة.
ونبه الخبراء إلى أهمية القيم الإنسانية والعدالة بين الموظفين، بحيث تكون هذه العدالة مبنية على نتائج الأداء، وليس حسب الانطباعات الشخصية أو العلاقات، داعين إلى إيجاد بيئة عادلة في الأجور بين الرجال والنساء، بحيث تكون الكفاءة، معيار التقييم وليس النوع.
وكشفت دراسات بحثية وميدانية، عرضت خلال جلسات المؤتمر، أمس، وتستمر ورش عمله اليوم، عن أن 60% من الشباب والخريجين الجدد يريدون أن يصنعوا عملهم بأنفسهم، ويمتلكون المواهب التي تساعدهم على ذلك، إلا أنهم لا يعطون الفرصة للقيام بذلك.
وأظهرت نتائج دراسة أخرى، أن 90% من الموظفين نظرتهم للسعادة وتحقيها في بيئة العمل، مرتبطة بالحصول على الراتب المناسب، حتى أن بعضهم يفضل زيادة الراتب على الحصول على درجة وظيفية أعلى، إلا أن هذه الدارسة، أكدت أهمية التحفيز المعنوي وغير المادي، ودوره في زيادة إنتاجية الموظفين، مشيرة إلى أن الراتب أحد أهم 5 عوامل مؤثرة في الحياة الوظيفية للعاملين، إلا أنه ليس الأهم، حيث جاءت عوامل أخرى متقدمة عليه، مثل الراحة النفسية وبيئة العمل المناسبة.
إشراك الموظفين
وشدد المشاركون في جلسات وحلقات المؤتمر الذي اختتم أعماله يوم أمس، على ضرورة إشراك الموظفين وكسب ثقتهم، كمفتاح للسعادة، الأمر الذي من شأنه أن ينعكس بشكل إيجابي على إنتاجيتهم، من خلال منحهم المكافآت والحوافز، على اختلاف أشكالها، لافتين إلى أن السنوات العشر المقبلة ستكون بمثابة عصر الموارد البشرية.
وأكد المشاركون في جلسة إطلاق التنافسية من خلال إدارة المواهب والتنوع، أن مفهوم التنوع والاندماج يجب أن يكون ثقافة مجتمع ورحلة مستمرة تتسم بالإصرار والصبر، وأجمعوا على أن دولة الإمارات نموذج يحتذى في التنوع والاندماج بين الثقافات، وتقديم رؤية يتوافق عليها الجميع ويعمل من أجلها.
وأشار عبدالرحمن صقر، مدير الموارد البشرية في مجموعة الفطيم، مدير الجلسة، إلى أن الإمارات تحتضن أكثر من 200 جنسية، وهو ما ساعد على تميز الدولة وإظهار قدرتها في الاستفادة من هذا التنوع، ومن المواهب المختلفة، مؤكداً أن الإمارات نجحت في تحقيق المعادلة الصعبة.
من جهتها، ذكرت جابرييلي ميتز، رئيس إدارة المواهب لمنطقة روسيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في مجموعة أريكسون، أن التنوع يعني وجود خليط منسجم لديه وعي، مشيرة إلى أن الدول أو جهات العمل الناجحة، تركز على التدريب والاستفادة من قدرات الشباب والموهوبين.
رفاهية العاملين
من جهته، شدد ديفيد ليمان، الرئيس التنفيذي للموارد البشرية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في مجموعة ماريوت، على أهمية التركيز على رفاهية الموظفين وتوفير الراحة لهم. أما راماكرييشتنا كوفيدي، نائب رئيس أول لشؤون التطوير المؤسسي في شركة الإمارات للاتصالات المتكاملة (دو)، فأكد أن الطريق الأسهل لكسب الموظفين، هو جعل كل واحد منهم يشعر أنه شريك في جهة عمله.
وتحدثت جيا جي نائبة رئيس الموارد البشرية في كوكا كولا، حول الممارسات المبتكرة للمكافآت الشاملة، لدعم احتياجات المؤسسات طويلة المدى، مؤكدة أن الباقات الشاملة للمكافأة والتعويضات لم تتغير على مدى السنوات الماضية، ولكن بعض المؤسسات باتت تتطلع لاكتشاف الجيل المقبل من الباقات الشاملة للمكافآت والتعويضات.
قوة العمل العالمية
أكد بيتر فلايد كبير الاستشاريين في مجموعة «جالوب» الذي قدم جلسة بعنوان «الغرض من الموارد البشرية: العمل هو الأساس في تقييم حياتنا واختبارها»، أن العلاقة بين السعادة والإنتاجية علاقة طردية، فكلما زادت سعادة الموظف في بيئة العمل زادت إنتاجيته.
وتطرق للحديث عن الدراسة التي أجرتها مؤخراً مجموعة «جالوب» وشملت ملايين الموظفين من مختلف دول العالم، والتي أظهرت أن 74% من الموظفين المستطلعة آراؤهم تتأثر حياتهم الشخصية بضغوطات العمل، وأن شخصين من كل ثلاثة أشخاص لا يشاركون بفاعلية في بيئة العمل، مرجعاً السبب في ذلك إلى قيادة المؤسسة التي تفتقر إلى عناصر ومقومات إدارة رأسمالها البشري.
وقال فلايد: «لقد كشفت الدراسة أيضاً أنه خلال السنوات التسع المقبلة سيشكل جيل الشباب قرابة 75% من إجمالي حجم قوة العمل العالمية، وأن أفراد هذا الجيل يتصفون بعد صفات منها: حبهم للحصول على التغذية الراجعة والدعم من قبل قادة المؤسسة، وتفضيلهم لمشاركة أدق التفاصيل مع المديرين والرؤساء المباشرين، وسعيهم الدائم للتعلم وتطوير قدراتهم ومهاراتهم».
وفي جلسته، أوضح مايكل بوش الرئيس التنفيذي لـ «جريت بلايس تو وورك»، أن السعادة في البيئة الوظيفية مصدرها الثقة بين الموظفين والقادة، الأمر الذي من شأنه أن يخلق بيئة وظيفية تقود المؤسسة فيما بعد إلى النجاح والازدهار، وبين أن السعادة في البيئة الوظيفية، وبحسب العديد من الدراسات، ساهمت في زيادة الإنتاجية، وتحقيق أرباح مرضية لقرابة 10 آلاف شركة تم استطلاع آراء موظفيها.
ديناميكية الموظفين
قدم روبرت جارسيا نائب الرئيس لشؤون العمليات العالمية في جمعية إدارة الموارد البشرية في الولايات المتحدة الأميركية SHRM جلسة بعنوان «استراتيجيات حديثة للموارد البشرية وممارسات التنمية البشرية التي تتناسب مع الاقتصاد الجديد القائم على المعرفة»، أكد من خلالها على أهمية الدور الذي تلعبه قيادة المؤسسات في خلق بيئة عمل تضمن مشاركة جميع الموظفين وتجعلهم أكثر فاعلية وديناميكية.
وذكر جارسيا أن سوق العمل العالمي يشهد العديد من المتغيرات لعل أبرزها: (هجرة القوى العاملة إلى الدول النامية والأسواق الناشئة، والاعتماد المتزايد على النساء ضمن قوى العمل، والتطور التكنولوجي والثورة الرقمية)، مشيراً إلى أننا نشهد في الوقت الحالي تنافساً شرساً بين المؤسسات على اختلافها حكومية وخاصة لاستقطاب المواهب وأصحاب الكفاءات في مختلف التخصصات لا سيما التقنية منها والتكنولوجية»، لافتاً إلى أن العديد من دول العالم تعي جيداً أن تعزيز تنافسية اقتصاداتها مرهون بمدى وجود اقتصاد قوي قائم على المعرفة.
عصر الموارد البشرية بدأ
في جلسة خاصة بعنوان «الاستراتيجيات الفعالة لإدارة المواهب في أسواق متغيرة ومتنامية»، أكد فن باتيا الرئيس التنفيذي للموارد البشرية في شركة بيبسي كولا انه من العام الجاري، وعلى مدى السنوات العشر المقبلة ستشكل عصر الموارد البشرية، قائلاً مهمتنا كمسؤولي وقادة موارد بشرية التأكد أن مؤسساتنا وموظفينا والمجتمع جاهزون للتأقلم مع المتغيرات والتطورات التي تحصل كل يوم ومواكبتها.
وأشار إلى تحديات تواجه الشركات والمؤسسات، وتؤثر في إدارة رأس المال البشري على مستوى العالم منها: (إعادة توازن الاقتصادات، حيث انتقال قوة العمل من الغرب إلى الشرق، وبحث المستهلكين عن القيمة والجودة بأقل الأسعار، والتطور التكنولوجي المتسارع، والاضرابات السياسية، وخليط المواهب والاجيال، إذ لا بد من التأكد ان الموظف سعيد لتقديم أفضل ما لديه.
المصدر: الإتحاد