كاتب و روائي سعودي
أيام المناسبات تذكر بعض المواطنين بالمأزق الاقتصادي الذي يعيشونه.
فالإجازة ورمضان والعيد ودخول المدارس التي جاءت وتجيء في أوقات متقاربة ألهبت تلك الاحتياجات، فتناثرت الأمنيات، وكلها تحمل إلحاحا لإعادة النظر في سلم الرواتب، وانبرى الكثيرون للرد على الخشية من ارتفاع الأسعار لو حدث نوع من مراجعة سلم الرواتب أو زيادتها، مخففين من هذه الحجة بمقدرة أجهزة الدولة على مراقبة الأسواق ولجم نفور الأسعار.
وأمنية رفع الرواتب ليست نتاجا لهذه الحملة، إذ إنها أمنية سبقت ميزانية التريليون، فمع إعلانها تقاذف المواطنون البشائر وانحسرت في فلك خاص بكل مواطن وتجلت في زيادة الرواتب، وكلما تم إحباط هذا القول بأن الزيادة في الراتب تعني الزيادة في الأسعار، تراجعت الإشاعة في هذا المضمار، ولكنها انتقلت إلى حلم توفير المساكن، وانتقلت في فترة لاحقة إلى فكرة إيجاد تأمين صحي يعتقهم من ارتفاع الكلفة الصحية، ومع دخول هذا الحلم إلى مجلس الشورى وتباطؤ المجلس في تبنيه تقهقرت تلك الأحلام، خصوصا حينما ظهر للسطح مقولات عديدة عن خطورة زيادة الرواتب، إلا أن كل ما حدث أبقى أمنية زيادة الرواتب حاضرة في ذهنية المواطنين مع انتظار حدوث مفاجأة مفرحة، وهي الفرحة التي لم تغادرهم وهم يغردون عبر التويتر، ويستحضرون الدراسات الاقتصادية والتي تشير إلى تآكل دخل الفرد وعجز هذا الدخل في مواجهة غلاء المعيشة، كما أن دخل المواطن يفترق كثيرا كدخل حقيقي يصرف على الاحتياجات وكدخل اسمي منقوص منه القروض والرسوم الأخرى التي يدفعها المواطن.
ولأن بعض المواطنين يقعون في كماشة القروض الطويلة والمتوسطة يكفي أن نعرف أن قيمة تلك القروض قد بلغ 654 مليار ريال، وهو مبلغ ضخم جدا يستوجب التنبه للخطورة الاقتصادية التي تتسبب في إحداثها على المواطنين، ما يستلزم انتهاج سياسة اقتصادية مغايرة على الأقل تحافظ على سلامة وإبقاء الطبقة المتوسطة متعافية، حتى وإن لم يلتفت إلى مطالبات مراجعة سلالم الرواتب، فإن قيمة قروض المواطنين تحمل إشارات اقتصادية مقلقة، وهي بحاجة ماسة للتنبه.
المصدر: صحيفة عكاظ