أخذ برنامج “الراوي” على عاتقه منذ انطلاق نسخته الأولى على قناة دبي الفضائية عام 2010، تشجيع الخليجيين عموماً والإماراتيين خاصة، على توثيق تاريخهم والاعتزاز بجذورهم وتراثهم وعاداتهم وتقاليدهم وأصالتهم.

وها هو ذا في نسخته الثالثة يكمل مسيرة التعريف عن أعلام الوطن الراحلين الذين أثروا بشكل إيجابي في جوانب الحياة المختلفة، وساهموا في تشجيع العلم والتربية والمعرفة وتحسين الاقتصاد ومستوى الثقافة بالمنطقة، ما أهله ليكون واحداً من أهم وجبات الجمهور التاريخية في رمضان.

توجيهات

يقول مقدم ومعد البرنامج، المستشار جمال بن حويرب: نشأت فكرة البرنامج الثقافي بتوجيهات من أحمد الشيخ، عضو مجلس الإدارة المنتدب المدير العام لمؤسسة دبي للإعلام، حيث كان متحمساً لمضمونه، وأراد أن يكون في حدود 30 حلقة، ولكنني اقترحت أن يكون في إطار 15 حلقة يومية، حتى تكون المعلومات التاريخية التي أقدمها للجمهور خفيفة عليهم في رمضان.

مساهمات فعالة

وتابع: يتحدث البرنامج في كل حلقة من حلقاته عن شخصية أثرت بشكل إيجابي على جانب من جوانب الحياة في دبي، والإمارات خاصة والخليج عامة، وتحديداً تلك التي ساهمت في تحفيز وتشجيع المعرفة والثقافة والعلم، أو ساهمت مساهمة فاعلة في الحياة العامة من تجار وشخصيات أثرت الجوانب المختلفة من الحياة الاقتصادية والثقافية للمنطقة بأكملها.

إضافة إلى العديد من الشعراء والقضاة وطالبي العلم، مثل: الشاعر ورجل الدولة أحمد بن سلطان بن سليّم، الذي تلقى العلم على يد كبار علماء الدين واللغة، واشتهر بين أقرانه بالذكاء فلمع في عالم الشعر والسياسة والأدب ونظم الشعر بالفصحى والعامية.

اجتهاد

وحول المصادر والمراجع التي تعينه على إعداد حلقات برنامجه، أوضح بن حويرب أنه يقدم علماً تاريخياً غير موجود، ما يضطره إلى مضاعفة جهده للوصول إلى المعلومات الصحيحة، وقال: شعب الإمارات أصيل ومتمسك بالعادات والتقاليد، ولكنه للأسف لم يتعود على توثيق تاريخه وتراثه والمحافظة على ممتلكات الآباء والأجداد، وهذه واحدة من أبرز الصعوبات التي واجهتني.

لأن شح المعلومات والوثائق والشواهد والأدلة عن بعض الشخصيات، كان يدفعني إلى الاعتماد على معلوماتي الخاصة، والنبش في الأوراق العائلية والصور القديمة والرسائل والمذكرات الشخصية لتلك الشخصيات إن وجدت، بهدف اكتشاف معلومات معينة تدعم المعلومات السابقة وتجعلها أكثر نقاء ووضوحاً، أو اكتشاف علاقات جديدة أو تكميل ناقص أو تصحيح خطأ.

دعوة

واستطرد قائلاً: يحاول “الراوي” أن يجمع التاريخ ويلملم من هنا وهناك كل ما له علاقة بتراثنا وتاريخنا وأجدادنا، وأنا أدعو الجميع إلى الاهتمام بكل ما تركه آباؤهم من صور ومقتنيات ورسائل وكتب و..إلخ، حتى يساعدوا الباحثين والمؤرخين على صياغة التاريخ بشكل جيد، فأنا أضع عدة أسماء لأتحدث عنها في البرنامج، ولكن رغبتي في استكمال جمع المعلومات تجعلني أؤجل الحديث عن بعضها للنسخة القادمة.

تكرار

وحول ما إذا كان يفكر في تكرار الحديث عن شخصية ما، أو التطرق إلى حياة وإنجازات شخصيات لا تزال موجودة، أكد بن حويرب أنه يرغب في التحدث مرة أخرى عن شخصية أحمد بن سليّم، لتوافر معلومات جديدة عنه، وقال: تمنيت أن أتحدث بشكل أوسع عن الشيخ زايد الأول، ولكن ما ذكرته كان كافياً لإدراك جزء مهم من جوانب شخصيته.

ولم أفكر يوماً بالتحدث عن شخصيات لا تزال على قيد الحياة، لأنني أريد أن تتحدث الشخصية عن نفسها، فعلى سبيل المثال تحدثت عن بطي بن بشر في “الراوي”، وبطي بن بشر كان قد تحدث عن نفسه في برنامج “وجوه عربية”، الأمر الذي أفادني كثيراً.

اهتمام كبير

وعن مدى حاجة الجمهور لهذه النوعية من البرامج الثقافية، خاصة في الشهر الكريم، قال بن حويرب: المسلسلات التي تعرضها الفضائيات غير هادفة، وتخلو من الفائدة والقيم ولا تعبر عن مشكلات المجتمع الحقيقية، على عكس المسلسلات الراقية التي أدركناها في الثمانينات، والتي كانت تعرض على مدار السنة.

وأبرزها: “إلى أبي وأمي مع التحية” و”درب الزلق” وغيرها، وما أتمناه من صناع الدراما أن يقدموا أعمالاً تلامس الواقع دون مبالغة، لأنها إن لم تكن كذلك في المستقبل، فإن الجمهور سيملها ويتركها، واتجاه الجمهور العربي نحو مشاهدة الدراما التركية أكبر دليل على ذلك، واهتمام الناس ببرنامج “الرواي” أسعدني كثيراً، لاسيما وأنه يخلد تاريخ شخصيات لها بصمة واضحة في الوطن، وتعد منارات يهتدى بها في مجالات الحياة المختلفة.

أمنية

وجه المستشار جمال بن حويرب، شكراً خاصاً لعتيبة بن سعيد العتيبة شقيق الشاعر مانع العتيبة، على اجتهاده في جمع تراث جده خلف العتيبة، وقال بن حويرب: عندما طرقت باب عتيبة بن سعيد العتيبة، لمعرفة معلومات أكثر عن جده الذي حمل لقب “ملك اللؤلؤ”، وأول من أنشأ مدرسة نظامية في أبوظبي، أعجبت بمدى اهتمامه بتوثيق تاريخ جده وعائلته، لدرجة أنني تمنيت أن يكون عتيبة في كل بيت إماراتي.