كاتب - مستشار إعلامي
يتثاءب أحدهم، بعد صحوة من المنام، ثم يقرر أن يتحدث باسم الإسلام والمسلمين، ويقدم رأيا شاذا في قضية ما، فتتلقف وسائل الإعلام هذا الكلام نقلا، باعتباره من الطرائف.
هكذا يسهم البعض في رسم صور ذهنية سلبية، عن الدين وعن أهل الدين، وعن بلد كامل، من خلال كلمات يظن أنه يفضي بها لمجتمعه الضيق؛ فإذا بها تتحول من خلال مواقع التواصل الاجتماعي إلى رأي عام عالمي، سرعان ما تتعاطاه وسائل الإعلام الغربية، باعتباره جزءا من الصورة الحقيقية.
إن تحول هذا العالم إلى قرية كونية، يفرض أن يتأمل المرء هذه المسألة بحصافة، فكل شخص من المحسوبين على نخب العلماء والمثقفين، هو مؤسسة اجتماعية وإعلامية؛ وينبغي له عندما يتصدى للكلام أن يستحضر هذه الحقيقة، وألا يتعامل معها باستسهال، خاصة إذا كان يتوخى خدمة الدين والوطن.
وهناك لوم أوجهه إلى بعض فضائياتنا؛ فالآراء المستفزة التي يطرحها بعض الضيوف من المملكة، لا يمكن التعامل معها باعتبارها حرية تعبير، خاصة إذا كانت هذه التصريحات الشاذة، لا تخدم وحدة الصف، ولا تراعي المصالح القائمة بين أفراد المجتمع، وقد تشكل ــــ لا سمح الله ــــ تهديدا للسلم الاجتماعي.
لقد أصبح التسابق على اقتناص وتقديم الآراء الحادة والشاذة فاكهة إعلامية، لا يستحضر الناقل أحيانا أن هذه الفاكهة المسمومة، تكرس صورا سلبية، لا تعكس بالضرورة الصورة الحقيقية للمجتمع.
إن حرص ودأب البعض على تجميل صورة الآخر الغريب، ينبغي أن يواكبه حرص على تقديم الصورة الجميلة للمجتمع. إذ من المعيب ألا يرى العالم من مجتمعنا سوى صور المنتمين إلى “داعش” وبقية عصبة “الأزلاميون”.
مثلما إنه من المعيب هذا التهالك على تقديم الإقصائيين والعنصريين، باعتبارهم يمثلون الرأي العام السائد في المجتمع.
إن الوطن الجميل يستحق أن يتم تقديمه إلى العالم بشكل جميل. هذه ليست دعوة لتزييف الصورة؛ بل هي دعوة لإثراء الصورة بمعطيات الواقع، بكل رحابته الثقافية والمجتمعية والجغرافية.
المصدر: الإقتصادية
http://www.aleqt.com/2015/03/14/article_939934.html