الزياني : لا نقاش لـ«الاتحاد» في «قمة البحرين»..ولا موقف لدينا ضد «الإخوان».. ولا مبادرة خليجية بشأن سورية
أخبارشدّد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني على أن الأولوية لدى الزعماء الخليجيين خلال القمة الخليجية الـ33، التي ستعقد في البحرين بعد غد (الإثنين) ستتركز على ما فيه مصلحة المواطن الخليجي وأمنه وازدهاره، والحفاظ على استقرار وازدهار الدول الأعضاء ومد الجسور لدعم الدول الشقيقة، وأشار إلى أن القمة تنعقد في ظل أوضاع بالغة الحساسية والدقة. وكشف الزياني – في حوار أجرته معه «الحياة» في الرياض، أن مقترح انتقال دول المجلس إلى مرحلة الاتحاد لن يناقش في قمة المنامة، ولكن قادة دول المجلس سيوضعون في صورة نقاشات الاجتماعات واللجان، وكيف تسير الأمور في هذا الموضوع، موضحاً أن قرار المجلس الأعلى لدول المجلس يقتضي مناقشة هذا الموضوع في قمة خاصة تعقد في الرياض لاحقاً.
وأكد الزياني أن لا مبادرة خليجية في شأن الأزمة في سورية، معرباً عن أسفه حيال الانقسام الحاصل إزاءها في مجلس الأمن الدولي. وأعرب عن أمله بأن تكون هناك حلول واضحة حيال نقل السلطة، وتحقيق تطلعات الشعب السوري، ووقف القتل والتدمير فوراً، وأن تعيد روسيا النظر في موقفها في ما يخص الأزمة السورية. وعند سؤاله عن القضايا والملفات التي ستتم مناقشتها على جدول أعمال القمة، أوضح أنه سيتم تداول القضايا المهمة والمستمرة، كقضية الجزر الإماراتية التي تحتلها إيران، والملف النووي الإيراني، ودعم دول المجلس لليمن، إضافة إلى القضايا المستجدة. ورفض أي تحليلات تشير إلى مواقف خليجية من التعامل مع جماعة «الإخوان» المسلمين بقوله: «ليس لدينا موقف ضد أية قيادة موجودة في أية دولة، طالما الشعب اختارها ورضيها، باعتباره شأناً داخلياً». ونفى أي تفاوت في المواقف الخليجية حيال العلاقة مع مصر وقال: «لا تفاوت في مواقفنا. موقفنا واحد، ونحن ندعم مصر في الوصول إلى استقرارها وازدهارها وأمنها. فمصر بالنسبة إلينا شقيق وأخ نتمنى له كل الخير. ونتطلع إلى أن تقوم بدورها العربي الذي تعودنا عليه». واعتبر ما يجري في بعض الدول الخليجية من مواجهات بين الحكومة والمعارضة شأناً داخلياً، معبراً عن فخره بطريقة المعالجة التي تعاملت بها القيادة والحكومة في تلك الدول للخروج من الأزمات الداخلية بأقل الخسائر، واعتبرتها فرصة للارتقاء بالعمل والتطور.
ووصف الزياني وجود قوات «درع الجزيرة» في البحرين بأنه «طبيعي»، لأن اتفاق الدفاع المشترك بين دول المجلس ينص على أن أي تهديد يطاول أي عضو من الأعضاء يعد تهديداً وخطراً واعتداء على الجميع، وأن وجود قوة «درع الجزيرة» في مهمة واجب يهدف لحماية المواقع الاستراتيجية والحيوية في البحرين فقط. وقلّل من شأن الآراء التي تصف مسيرة المجلس بالبطء، لافتاً إلى أن مسيرة دول المجلس ليست طويلة في عمر الشعوب، وأن البلدان الخليجية تمتلك عناصر النجاح والقوة. واستغرب من ينظر في مسيرة المجلس من خلال الجزء الفارغ من الكأس، وليس الجزء الممتلئ منه.
وحول المفاعل النووي الإيراني، ومحاولة طهران عقد صفقة مع الغرب، أوضح أن المفاعل النووي الإيراني، قضية دولية ومجلس الأمن هو الذي يعمل عليها، وأن دول الخليج تؤمن بضرورة حل الملف بالطرق الديبلوماسية والسلمية.
وفي ما يأتي نص الحوار الذي أجرته «الحياة» مع الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي:
> بداية ماذا عن القمة الخليجية التي تعقد في البحرين بعد غد، ماذا ستناقش؟ وعلى ماذا ستؤكد؟ ومن سيحضر ومن سيغيب؟ وما أهم الملفات المطروحة؟
– القمة الخليجية قمة مباركة، يلتقي فيها القادة على خير ويلتقون على ما فيه مصلحة شعوبهم. ونحاول تقديم الأفضل للمواطن الخليجي. وكيف يمكن أن نجعل المنطقة أكثر استقراراً وأكثر أماناً وأكثر ازدهاراً. صدقني، هذه دائماً الروح التي ألمسها من أصحاب الجلالة والسمو خلال جولاتي عليهم عند البدء في إعداد جدول الأعمال. ألمس الروح الطيبة، والثقة العالية. وهذا دائماً هو التوجه والروح التي ألمسها حقيقة. ونتطلع لنتائج هذه القمة التي تأتي في توقيت تمر فيه المنطقة بظروف صعبة.
وللأسف أشقاؤنا في بعض البلدان العربية يعانون، سواء في سورية أم غيرها، نحن ندعم اليمن للخروج من الأزمة التي مرّ بها، وموقف دول المجلس الداعم لليمن معروف.
> طالما الحديث عن اليمن هل تراقبون ما يحدث فيه عن قرب؟
– حقيقة، قبل المبادرة وقبل الأزمة كان أصحاب الجلالة والسمو القادة وشعوب المنطقة يقدمون الدعم لإخوانهم في اليمن، وكان اليمن عضواً في العديد من المنظمات الخليجية من أجل تنمية اقتصاده حتى يتكافأ مع اقتصاد دول المجلس!
أتت الأزمة الداخلية وحدث ما حدث وتقدمت دول الخليج لمساعدة أهل اليمن جميعاً، وكان يجب على دول المجلس الوقوف مع إخوانهم اليمنيين من أجل إخراجهم من الأزمة وهكذا جاءت المبادرة الخليجية.
> وماذا ستناقشون أيضاً؟
– سيتم تداول القضايا المهمة، هناك قضايا مستمرة مثل جزر الإمارات المحتلة من إيران، والملف النووي الإيراني، والأزمة السورية، والقضايا الراهنة والمستجدة.
> هل سنشهد تغيراً في المواقف الخليجية من موضوع الجزر الإماراتية، فدائماً البيانات لا تتجاوز الإدانة أو الدعوة للمفاوضات، فيما إيران ترفض الحلول والتفاوض أو نقل الملف إلى محكمة العدل الدولية؟ لماذا الموقف الخليجي لا يتجاوز عبارات الشجب والاستنكار والإدانة؟ لماذا لا يوجد تقدم في الموقف الخليجي وعرضه على المنظمات الدولية؟
– الموقف الخليجي ثابت من مسألة أحقية دولة الإمارات في الجزر تاريخياً وقانونياً، ونحن ضد أي تعدٍّ إيراني. موقفنا الخليجي واضح، ونحن ندعو إلى الحل السلمي، وندعو إلى التفاوض أو الذهاب إلى محكمة العدل الدولية، وهذا من صلب إيماننا وعقيدتنا الخليجية والعربية والإسلامية بأن نسعى دائماً إلى الحلول عبر الطرق السلمية والديبلوماسية.
> النقاش في جلسات القمة على ماذا سيتركز – هل الأولوية لمناقشة متطلبات الشعوب الخليجية أم الملفات الإقليمية؟
– الأولوية عند أصحاب الجلالة والسمو دائماً النظر في زيادة المكاسب للمواطن الخليجي، وتحقيق أمنه وازدهاره، والحفاظ على استقرار وازدهار الدول الأعضاء، ومد الجسور لدعم أشقائنا وأصدقائنا، وهذه من الأولويات الراسخة عندنا.
> في سورية هناك نظام متعنت ومصرٌّ على البقاء وسفك الدماء. روسيا بدأت لهجتها تخف أخيراً وأصبح مسؤولوها يصرّحون من فترة إلى أخرى بأن نظام الأسد أصبح عاجزاً.
دول الخليج كانت صاحبة مواقف قوية منذ البداية لمصلحة الشعب السوري. اليوم أين هو موقع الموقف الخليجي؟ هل لا يزال في المنطقة نفسها عند بداية الثورة أم تغيّر؟ هل هناك شيء غير الاعتراف بالائتلاف، وأقصد هنا هل هناك نية لتقديم دعم للثوار؟
– أولاً يجب أن نؤكد أن الملف السوري تتولى الجامعة العربية الإشراف عليه ومتابعته، والمبادرات كانت عربية، وهناك جهود تقوم بها جامعة الدول العربية لإخراج الشعب السوري من هذه الأزمة ودعمه. ودول المجلس أعضاء في الجامعة العربية، وكل عربي اليوم يتألم مما يراه ويشاهده ويحدث لإخوانه في سورية. ولا يمكن فصل مجلس التعاون عن الجسم العربي والوطن العربي، نحن نتألم ونحن نرى القتل في سورية.
> لماذا دول الخليج لا تدعم الثوار؟
– السياسة المشتركة لدول المجلس تجاه الأزمة السورية معلنة.
> هل تقصد أن هذا الأمر هو سياسة تخص كل دولة؟
– سياسة دول المجلس معلنة.
> أليست هناك مبادرة خليجية في شأن سورية؟
– لا ليست لدينا مبادرة!
> كان هناك حديث عن مبادرة خليجية للحل في سورية على غرار مبادرة دول الخليج في اليمن؟
– الظروف في اليمن تختلف عن ظروف سورية، الكثير من السياسيين والمسؤولين رأوا في المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية حلاً مثالياً ومنهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وبعده أيضاً الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، وبعد ذلك تركيا أطلقت مبادرة مشابهة.
ونحن نرى أن الجامعة العربية تقوم بجهود مشكورة في هذا المجال، لكن للأسف مجلس الأمن الدولي منقسم. وعدم توحّد مجلس الأمن وتبنيه لقرار يدعم قرارات الجامعة العربية ومبادرتها لوقف القتل كان عائقا أمام الوصول إلى حل، ولن تحل الأزمة إلا إذا توحّد مجلس الأمن، ونأمل بأن تكون هناك حلول عملية، علماً بأن موقفنا في دول المجلس واضح، وهو نقل السلطة، وتحقيق تطلعات الشعب السوري، ووقف القتل والتدمير فوراً.
> مواقف دول مجلس التعاون الخليجي من مصر ما بعد الثورة متفاوتة، وأي مراقب سياسي يرى هذا التفاوت في السياسة الخارجية الخليجية من مصر. هل ذلك بسبب «الإخوان» وحضورهم في المشهد وتسلّمهم السلطة، أم هي ترسبات موجودة عند بعض دول المجلس بسبب «الربيع العربي»؟
– أنا مستغرب كيف تقرأ الأمر. أنا قراءتي والذي أراه أن موقفنا لا تفاوت فيه. موقفنا واحد، ونحن ندعم مصر في تحقيق استقرارها وازدهارها وأمنها. مصر دولة شقيقة، لها ثقلها الكبير والمهم في المنطقة وفي منطقة الشرق الأوسط عموماً، واستقرارها مهم جداً للمنطقة عموماً وأنا واثق أن مصر ستتجاوز المرحلة الحالية.
> هل لديكم في دول الخليج موقف من الإخوان المسلمين؟
– ليس لدينا موقف من أي قيادة موجودة في أية دولة طالما الشعب يرضاها ويرتضيها. وهذا شأن داخلي.
> أنا أتحدث عن المواقف الخليجية؟
– نحن مع الدول في ما تختاره شعوبها وترتضيه قيادة لها.
> كيف هي العلاقة مع تونس؟ أنتم لا تدعمون الحكومة التي أتت بعد هروب ابن علي؟
– كل مواقفنا واضحة. هم أشقاء أيضاً، ونتمنى لهم الأمن والخير. ونحن نتعاون معهم. ونحن في مجلس التعاون لا ننظر إلى الأمور من هذه النظرة الضيقة.
> هذه إجابة ديبلوماسية. ما أقصده أن دول الخليج ليست داعمة لتونس مثل ما هي قريبة وداعمة لدول كالمغرب ولبنان والأردن، هذا ما أسأل عنه؟
– الجسور ممدودة مع كل الدول العربية ونعمل على تقويتها، ويمكن الرجوع إلى النظام الأساسي لمجلس التعاون وستجد أنه ينص على أن دول المجلس جزء من الوطن العربي، والدول العربية عموماً قوة لدول المجلس ونحن قوة لهم، فهم أشقاؤنا، والجسور ممتدة مع جميع الدول والتواصل موجود، وإن شاء الله نعززه ونقويه.
> نعود للموضوع الخليجي. كيف ترى الأوضاع المستقبلية والراهنة في بعض الدول الخليجية التي شهدت مواجهات كما حدث في الكويت، وفي البحرين بين الحكومة والمعارضة؟
– أنا متفائل. وهذه أمور داخلية. وكمواطن خليجي، أنا فخور بما قامت به الحكومات والقادة. عملوا على معالجة المشكلات، لكن لا توجد دولة لا تمر عليها بعض الأمور التي تحتاج إلى معالجة. وحقيقة تمت معالجة تلك الأمور بأرقى الطرق وبأقل الخسائر، وبالعكس اتخذت كأنها فرصة لمزيد من التطور والارتقاء بالعمل، سواء كان اجتماعياً أم سياسياً أم اقتصادياً.
> لكن مثلاً في البحرين ما جاء في تقرير بسيوني لم يطبق، على رغم أن الملك حمد أعلن في خطوة تاريخية تعدُّ جديدة في العالم العربي عن تشكيل لجنة تقصي حقائق مستقلة، وعقد مؤتمراً رسمياً وضح أخطاء المعارضة وأخطاء الحكومة؟
– أنا فخور بما قام به جلالة الملك حمد، هذه سابقة لم تحدث أن يؤتى بلجنة مستقلة دولية لتقصي الحقائق في ما حدث في البحرين والكل شهد بكفاءة وصدقية هذه اللجنة، وتمت قراءة تقرير اللجنة بحضور جلالة الملك وعلى الهواء مباشرة، وأعلن جلالته أنه موافق على ما جاء في التقرير، وأمر بتنفيذ توصيات اللجنة. الآن بدأت البحرين في تنفيذ تلك التوصيات.
> لكن أيضاً إلى الآن لم ينفذ ما جاء في تقرير بسيوني؟
هذا غير صحيح، نسبة كبيرة من التوصيات تم تنفيذها. هناك أمور كثيرة تأخذ وقتاً، خصوصاً إذا كان هناك تعديل للقوانين، فإنه يأخذ وقتاً، وإذا كانت هناك تجاوزات فإنها تحتاج إلى تحقيقات للتأكد من صحتها، وهذا أيضاً يأخذ وقتاً. لكن كل التوصيات في طريقها للتنفيذ.
> هل هناك التزام من القيادة تجاه التوصيات؟
– نعم، هناك التزام وقد أوضحت مملكة البحرين ذلك، على رغم التدخلات الخارجية والزج بالطائفية وتعنت بعض المتشددين ومحاولات التأثير في مجريات الأمور والوفاق الوطني. إلا أن البحرين بخير.
من المؤسف أن الأحداث التي جرت في البحرين أحدثت شرخاً كبيراً، وجلالة الملك يحاول أن يعزز الوحدة الوطنية بين أهل البحرين (شيعة وسنة)، لأن خسارة ذلك ليست على البحرين فقط بل على دول الخليج والإقليم. لكن نقول، الحمد لله أن الملك حمد موجود، وشعب البحرين واعٍ ومنتبه لما يحاك ضده. والملك قال سنخرج من هذه الأزمة أقوى والشعب سيبقى متلاحماً.
> قوات «درع الجزيرة» تحت مظلة مجلس التعاون الخليجي، متى ستنتهي مهمتها؟
– شكراً على هذا السؤال، قبل شهرين كنت في مؤتمر للجنة برلمانية تابعة لحلف «النيتو»، وطرح مثل هذا الموضوع وهذا السؤال. فقلت لهم: من يقود قوات «النيتو»؟ قالوا الأميركان، فقلت لهم وهل قيادة الأميركان لقوات «النيتو» تعني أنها قوات أميركية تحتل دولة أوروبية. إن وجود قائد أميركي لقوات «النيتو» لا يعني أنها قوات أميركية. وهكذا الأمر بالنسبة لقوات درع الجزيرة، لأن كون قائدها سعودياً لا يعني أنها قوات سعودية. لدينا قوات في كل دولة من دول المجلس مخصصة لمهمات درع الجزيرة ويحملون راية درع الجزيرة. القيادة بحسب العقيدة العسكرية، أن يكون القائد واحداً، ولأن الحجم الأكبر من قوات درع الجزيرة هو من السعودية صار القائد سعودياً، واتفقت على ذلك دول المجلس الأعضاء. ولدينا اتفاق الدفاع المشترك الذي ينص على أن أي تهديد ضد أي عضو من أعضاء المجلس يعد تهديداً وخطراً واعتداء على جميع أعضاء المجلس. إذا حدث اعتداء أو تهديد يتم اتخاذ مواقف دفاعية جماعية ضد أي تهديد خارجي، وهذه كانت مهمة قوة الواجب الموجودة في مملكة البحرين، وكان لا بد من أن يكون قائد القوة قريباً من قوته للتأكد من عملها ومن حماية المواقع الاستراتيجية والحيوية والدفاع عنها.
> أرى أن مجلس التعاون الخليجي يواجه صعوبات تعوق تحقيق الأهداف المرسومة. في كل قمة تقريباً يوافق القادة على مشاريع تكاملية ويطالبون بتنفيذها لكنها تتعثر، مثلاً مشاريع الوحدة الخليجية، المواطنة الخليجية، والاتحاد الجمركي، السوق الخليجية المشتركة والوحدة النقدية، إلى الآن بطيئة، لماذا؟
– أولاً يا أخ جميل إذ ذهبت في رحلة إلى مكان ما، ألا تجد أن هناك أموراً قد تؤدي إلى تأخير وصولك في بعض الأحيان؟ لكن علينا أن نتذكر نية ورغبة الالتزام عند القادة المؤسسين للمجلس، لتنفيذ ما خططوا وسعوا له، ويمكن العودة إلى عام 1981 وتقرأ الهدف الذي رجع إليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – أطال الله في عمره – خلال خطابه العام الماضي عند دعوة دول المجلس للاتحاد. فالمادة الرابعة من النظام الأساسي تؤكد تحقيق التنسيق والتكامل والترابط في ما بين الدول الأعضاء في المجالات كافة، وصولاً إلى وحدتها.
لقد سألت أصحاب السمو والمعالي الوزراء الذين حضروا وقت كتابة هذه المادة، وكيف فكروا آنذاك هذا التفكير؟ وكيف وضعوا هذا النهج؟ أنا الآن كأمين عام للمجلس رأيت سمو النهج، ورأيت الفكر الرامي إلى الاستمرار والاستقرار (نمو وارتقاء)، وتحدث أمامنا أمور كثيرة يجب أن نعالجها ونواصل المسيرة. وأنا أقول إن ذلك هو من أسرار نجاح مجلس التعاون. وبالتأكيد إذا تحقق التنسيق والتكامل في كل المجالات وتحقق الترابط بين الدول الأعضاء سيعود بالخير على الشعوب الخليجية.
> مضت أكثر من ثلاثة عقود على تأسيس المجلس بين دول شقيقة لها اللغة والدين والعادات والتقاليد نفسها وبين شعوبها مصاهرة؟
– العقود ليست طويلة في عمر الشعوب، والعناصر التي تجمعنا (اللغة والدين والعادات) ساعدتنا في الوصول إلى ما وصلنا إليه، ولأن لدينا عناصر النجاح والقوة. نحن للأسف، أحياناً ننظر إلى الجزء الفاضي من الكأس وليس إلى الجزء الممتلئ.
> لكن الشعوب تريد تسريع الخطى؟
أمور كثيرة تحققت. هل نرغب في أن نكون أسرع – نعم. الكل يريد أن نصل بأسرع وقت ممكن. هل أصحاب الجلالة والسمو يقولون هذا يكفي؟ لا، وأنت بينت من سؤالك، أنهم يقولون نفذوا وحققوا أكثر والشعوب تطالب بأكثر، وأنا بالنسبة إليّ كأمين عام أقول، أنا في أحسن وضع، لأن لا أحد عندي يقول خفف، الكل يقول: «خلنا نمشي ونحقق أكثر ونطلب المزيد»، وهذه عناصر تساعد في النجاح.
> أين وصلتم في مشاورات الاتحاد الخليجي، أعلم أن اللجان اجتمعت نحو ثلاث مرات. ولكن لا تزال الأمور تراوح مكانها؟
– مبادرة خادم الحرمين تهدف للانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد في كيان واحد، وقد تشكلت هيئة متخصصة لدرس المقترح، واجتمعت ورفعت تقريراً، وتم تكليف المجلس الوزاري لمواصلة التشاور وأخذ المرئيات من الدول، واستعراض نتائج تلك المشاورات والمرئيات سيتم في قمة خاصة تعقد في الرياض لاحقاً لمناقشة هذا الموضوع.
> هل هذا يعني أن الانتقال إلى مرحلة الاتحاد لن يناقش في قمة البحرين؟
– القرار من المجلس الأعلى يقتضي مناقشة هذا الموضوع في قمة خاصة تعقد في الرياض. طبعاً سيكون القادة في الصورة، مثلاً، أين وصل الموضوع وهكذا. والقادة – سلمهم الله – دائماً حريصون على معرفة كيف تسير الأمور وإلى أين وصلت.
> بحسب معلوماتي، أن هناك دولاً مترددة، ودولاً موافقة وجادة، ودولاً رافضة، وهناك دولاً لا تزال إلى الآن تشاور؟
– هذه معلوماتك أنت. وليست معلوماتي، ومثل هذه المعلومات لا تكون لدي إلا بعد قمة الرياض المخصصة لمناقشة هذا الموضوع.
> كيف تصف ما سبق من اجتماعات وما يُنتظر؟ وهل هو مشجع وباعث على التفاؤل؟
– بهذه الطريقة لن أكون أميناً. لكن تأكد أن كل ما يناقشه أصحاب الجلالة والسمو هو في النهاية شيء إيجابي ولمصلحة البلدان الخليجية، وكل ما يناقشونه وما يتخذونه من قرارات في النهاية هو لمصلحة المواطن الخليجي.
> الخلافات البينية بين دول المجلس في بعض الملفات. لماذا هناك خجل من مناقشتها علناً؟
– الأمانة مهماتها واضحة في النظام الأساسي، ونحن لا نتدخل في هذه الأمور، والشيء الثاني إذا كانت هناك أمور فأنا لا أعلم عنها، فهي بين إخوان ومصيرها الحل. وأنا كأمين عام لا أرى شيئاً يمكن أن أقول هذا بسبب خلاف، أنا أرى المواقف الموحدة كبيرة وكثيرة بين دول المجلس في القضايا الدولية والإقليمية، وفي المشاريع التكاملية التي تمس المواطن الخليجي، وبالعكس هناك حرص على أن نحقق إنجازات أكثر، والقادة يطالبوننا بذلك و«يزعلون» إذا رجعنا وقلنا لهم هذا ما قدرنا على حله، لأنهم يريدون الأفضل للمواطن.
> الإصلاحات السياسية في دول الخليج بطيئة؟
– هذه كلها أمور داخلية وتعود إلى الدول نفسها. والحمد لله الذي أنعم علينا بشعوب وقادة يملكون من الحكمة والوعي الكثير، الشعوب ملتفة حول قادتها. يا أخي انظر إلى ما تم تحقيقه خلال هذه السنين، والمكانة التي وصلت إليها دول المجلس، سواء فرادى أو مجموعة، وهذه الروح تدلك إلى أين نحن سائرون.
> المفاعل النووي الإيراني – إيران تحاول في صفقة مع الغرب – ما فما موقف دول الخليج؟ ولماذا لا تحضر الاجتماعات التي طرفها إيران والدول الغربية، لأن موضوع المفاعل النووي الإيراني تأثيره في دول الخليج أكثر من تأثيره في أية دول أخرى؟
– المفاعل النووي الإيراني قضية دولية، ومجلس الأمن هو الذي يعمل عليها، وموقف دول المجلس واضح وصريح، ومن حق الدول أن تكون لديها طاقة نووية للاستخدامات السلمية وبحسب قوانين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وأن تتم مراقبتها بشفافية، ولكن ليس للاستخدامات العسكرية لأننا موقّعون على اتفاق لمنع انتشار الأسلحة النووية. ونحن نؤمن بضرورة حل الملف بالطرق الديبلوماسية، ونأمل لهذه الجهود أن تصل إلى حل ديبلوماسي، هذا هو موقفنا بالنسبة إلى هذا الموضوع.
> إيران تتدخل في شؤون دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية؟
– دولنا سياستها واضحة وتحترم حسن الجوار، ولا نريد التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين، ولا نرضى أن تتدخل أية دولة في شؤوننا الداخلية، ونؤمن بحل أي نزاع أو خلاف بالطرق الديبلوماسية والسلمية.
> الأمم المتحدة منحت مجلس التعاون الخليجي صفة مراقب في محافلها الدولية. كيف يمكن الاستفادة من ذلك؟
– لدينا الآن بعثة مجلس التعاون في نيويورك، الهدف منها الاستفادة والتنسيق مع المنظمات الدولية، وننظر إلى أنفسنا كمنظمة مكملة لجهود الأمم المتحدة، وهذا المبدأ هو الدافع الأساسي الذي دفع مجلس التعاون إلى أن يتقدم بمبادرة لحل الأزمة اليمنية، وهو ما عرف بـ «المبادرة الخليجية»، فالمجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن داعمة لجهود مجلس التعاون، فلنا دور إقليمي، ولنا دور دولي نال احترام المنظمات الدولية والأمم المتحدة وأشادوا به، وهناك قرارات من مجلس الأمن تدعم جهود مجلس التعاون في حل الأزمات الإقليمية.
> نعود الآن لموضوع روسيا. روسيا استخدمت «الفيتو» لقتل أطفال سورية، في لقاء دول مجلس التعاون الخليجي مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في الرياض، هل تغيّر شيء في العلاقات الخليجية – الروسية؟ وكيف هو المزاج بينكم وبين الروس؟
– روسيا بالنسبة إلينا مهمة، وكانت مواقفها داعمة للقضايا العربية وبالذات القضية الفلسطينية، ونأمل أن يعيدوا النظر في موقفهم في ما يخص الأزمة السورية.
> عبداللطيف الزياني هل هو على تواصل مع الأمناء السابقين؟ هل يستشيرهم بحكم تجربتهم السابقة، هل أنت على علاقة بهم، أم فقط العلاقة لا تتجاوز «أمين ذهب وأمين حضر»؟
– شكراً على هذا السؤال، أوضحت لك في البداية أن مسيرة التعاون بحسب نظرة وعقيدة المؤسسين تهدف إلى النمو والارتقاء، فإذا كان هذا هو النهج، فكيف أقدر أن استمر بالمسيرة نفسها من دون التشاور معهم ورؤيتهم. سبق أن تحدثت معهم وهم كلهم ما شاء الله عليهم أساتذة ومعلمون في هذا المجال، والأمانة العامة أقامت في العام الماضي حفلة كرمت فيها الأمناء العامين السابقين، وهم أيضاً متواصلون، وأحياناً تأتي منهم مكالمات تشجيعية. وهم إخوان كبار ولا أستغني عن نصيحتهم ومشورتهم.
> الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي تغيب عن الإعلام، لماذا لا تتواصل معه، هل تخشاه أم لا تريد التعامل معه؟
– نحن الآن في الأمانة مقبلون على مرحلة إعادة هيكلة، ولا بد من إعادة دراسة استراتيجية الأمانة بما يتماشى مع استراتيجية مجلس التعاون، بما فيها الاستراتيجية الإعلامية للأمانة العامة التي تختلف عن الاستراتيجية الإعلامية لمجلس التعاون.
> هل يعني سننتظر مؤتمراً دورياً للأمين العام لمجلس التعاون يتحدث فيه عن سياسات المجلس وقراراته؟
– نحن كلنا آذان صاغية لأي رأي ونصيحة.