دعا الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، أمس، إلى تعزيز التعاون الأمني بين الدول العربية، وتحديث استراتيجيات مكافحة الإرهاب، محذراً من أن «انفجار الأوضاع الداخلية في بعض الدول ينذر بتهديد المنطقة بمخاطر تفشي الفوضى وانعدام الأمن».
وكان الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية، قد وصل إلى تونس أمس على رأس وفد الدولة للمشاركة في أعمال الدورة ال33 لاجتماع مجلس وزراء الداخلية العرب الذي بدأ أعماله أمس في تونس.
وكان في استقبال سموه لدى وصوله مطار تونس، وزير الدولة ممثل رئيس الجمهورية الأزهر الشابي، والهادي مجدوب وزير الداخلية التونسي، والأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب محمد بن علي كومان، وسالم عيسى القطام الزعابي سفير الدولة لدى تونس، إلى جانب عدد من كبار المسؤولين.
يرافق سموه وفد يضم الدكتور راشد لخريباني النعيمي الأمين العام للمجلس الاتحادي للتركيبة السكانية، والعميد جمعة هامل القبيسي، والعميد الدكتور راشد سلطان الخضر نائب رئيس المجلس القانوني بوزارة الداخلية، إلى جانب عدد من الضباط.
وقال السبسي في كلمة خلال افتتاحه الدورة، إن «التحديات التي تواجهها المنطقة العربية غير مسبوقة في تنوعها وخطورتها «وهي تزداد وطأة بفعل ما استجد من تهديدات أهمها تأجيج الفتن الطائفية وتدافع الاستقطاب الدولي والتناحر الداخلي على أساس الهوية والانتماء المذهبي والعقائدي والعرقي والسياسي».
وحذر من أن هذه العوامل تشكل تربة خصبة لتمدد الجماعات المسلحة وخاصة ما يسمى تنظيم «داعش» الإرهابي، الذي أصبح يتصدر قائمة التهديدات للأمن القومي العربي لما يمثله من قوة جذب للمقاتلين في الوطن العربي والإسلامي وفي العالم أيضاً وما يستبطنه من مخططات لإسقاط الدولة الوطنية الحديثة».
ودعا إلى «إعادة ترتيب الأولويات الأمنية العربية، وصياغة نظام أمن جماعي عربي شامل يحفظ دولنا ومجتمعاتنا ومصالحنا من الأخطار الداخلية والخارجية، ويؤمن ويدعم مقومات التنمية لبلداننا».
وشدد على أن الدول العربية مدعوة إلى الانخراط الكامل في تسوية النزاعات التي تخترق مجالاتها الحيوية والمعالجة المتضامنة للأسباب التي يتغذى منها الإرهاب وخاصة تدني مستويات التنمية وارتفاع نسب الفقر والبطالة وتفشي ثقافة الغلو والتعصب والكراهية والتشويه الممنهج للدين الإسلامي الحنيف.
وأكد السبسي أن «المعركة ضد الإرهاب متواصلة ما لم يتم اجتثاثه وهي تتطلب جبهات داخلية موحدة ومتضامنة وملتفة حول مؤسسات الدولة، كما تفرض أيضاً تجاوز وضع الانكفاء القُطرِي، وانشغال كل دولة بهمومها الأمنية الداخلية وإغفال أمن محيطها العربي».
وأوضح أن الأمن القومي العربي كل لا يتجزأ، ما يحتم أن تظل القضية الفلسطينية بوصلة النظام الإقليمي العربي باعتبارها مفتاح الأمن والسلم في المنطقة والعالم، وذلك من خلال الالتزام بدعم حقوق الشعب الفلسطيني واستغلال زخم الإجماع الدولي حول حل الدولتين وتزايد الاعتراف بالدولة الفلسطينية للدفع بهذه القضية إلى واجهة الاهتمام الدولي وإيجاد حل نهائي لها.
وحول الأوضاع الأمنية في تونس ذكر السبسي، أن بلاده تواجه مخاطر غير مسبوقة تهدد أمنها القومي، مشيراً إلى أن «تدهور الأوضاع في ليبيا يمثل تهديداً مباشراً لتونس».
وأضاف أن «الحرب على الإرهاب أضحت أولوية وطنية في تونس، وتتطلب مقاربة شاملة تجمع بين كل الأبعاد الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية والثقافية والإعلامية وكل ما من شأنه ضمان مناعة الدولة وتأهيل الفرد والمجتمع وتحصينهما ضد منازع اليأس ومناحي الغلو والتطرف والعنف».
ولفت إلى أن تحقيق التنمية الاقتصادية لا يقل أهمية عن مكافحة الإرهاب بل هو عامل حاسم في معالجة هذه الآفة والحد من انتشارها، داعياً إلى دعم ومساندة آليات العمل العربي المشترك في مختلف المجالات وفي طليعتها مجلس وزراء الداخلية العرب لما يتحمله من أمانة وأعباء في حماية المجتمع العربي من كل الآفات والانحرافات والتصدي لكل المخاطر التي تتربص بأمن المواطن العربي حاضراً ومستقبلاً.
وشدد على أن «التحديات الكبرى التي نواجهها تحتم علينا التنسيق اليومي بين مؤسساتنا الأمنية والتحديث المستمر لاستراتيجيتنا في مجالات مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والتهريب والمخدرات والهجرة السرية والإتجار بالبشر وسرقة الآثار وتدمير التراث الحضاري».
كما طالب الرئيس التونسي بسن قوانين تجرم الالتحاق بالميليشيات الإرهابية، وتعمل على تجفيف منابع تمويلها ومنعها من استخدام تكنولوجيات الاتصال الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعي في عمليات التخريب.
وطالب ولي العهد نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية السعودي والرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية العرب الأمير محمد بن نايف بتطوير التعاون والتنسيق بين الأجهزة الأمنية العربية، مؤكداً أن «مواجهة الجريمة في طورها الفكري وتأثيراتها هي مسؤولية مشتركة يساند فيها الوعي المجتمعي الجهود الأمنية».
وأضاف أن الوطن العربي يواجه تحديات داخلية وخارجية تستهدف كيانه وأمنه واستقراره «مما يتطلب تفعيل التنسيق بين الأطراف الدينية والإعلامية والتعليمية والاجتماعية لرفع الوعي العام بمتطلبات الأمن والاستقرار الاجتماعي» محذراً في الوقت ذاته «من الذين يستثمرون الاختلافات المذهبية، لإثارة الفرقة والتناحر لتحقيق أهداف سياسة واقتصادية».
من جهته حذر الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، من أن «المنطقة العربية تعاني أزمة فكرية عميقة، وتردياً للأوضاع الاقتصادية استغلتها العناصر الإرهابية، مما أسهم في تفاقم هذه الظاهرة التي يعاني الجميع منها اليوم».
من جانبه أوضح الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب محمد بن علي كومان أن المنطقة العربية تواجه منذ عام 2011 تحديات أمنية كبرى بفعل التحولات السياسية التي شهدتها بعض الدول محذراً من «بعض القوى الإقليمية التي استغلت هذا الحراك الشعبي لبث خطاب الفرقة والطائفية»
المصدر: صحيفة الخليج