رئيس تحرير جريدة الوطن السعودية سابقاً
لست ساخرا، وأعوذ بالله أن أكون كذلك، وأسأل الله أن يعافينا ولا يبتلينا وأن يبعد الفاحشة عن مجتمعنا وأن يثبتنا على الحق ويحسن خاتمتنا.
لست ساخرا، لكنني أعجب من الشامتين وأعجب ممن يتألون على الله تعالى، وممن يسيئون لأهل الصلاح والصالحين، وممن يشوهون عمل أهل الحسبة، وممن يتصدون لقضايا مهمة بلا فقه ولا حكمة.
لن أخوض في تفاصيل موت الوزير غازي القصيبي يرحمه الله بعد أن زعم أحد المحتسبين في حواره مع وزير العمل عادل فقيه يوم الأربعاء الماضي أنه كان بسبب دعائه عليه حتى استجاب الله تعالى له وأصابه بالسرطان فمات، ولن أعلق على تكبير وتهليل الحضور على هذه الرواية فرحين بما أصاب القصيبي وبوفاته، وسأترك الأمر لأهل العلم ليوضحوا للناس ما إذا كان موت شخص أو مرض شخص يمكن لكائن ما الجزم بأنه يقف وراءه؟ وما إذا كان يجوز الشماتة بالموتى أو الحكم على الوضع الذي لاقوا به ربهم؟
أقول سأترك كل ذلك وسأعرج على آية في سورة البقرة نصها يقول: “إذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى”، وسأقارن بين عادل فقيه وما فعله واستدعى نصحه من محتسبين وكيف كانت آلية النصح والعبارات المستخدمة في النصح، وبين فرعون وما فعله واستدعى النصح، وكيف طلب الله تعالى من موسى وهارون مخاطبته؟
فالله تعالى الذي يعلم بأن فرعون لن يتذكر أو يخشى طلب مواجهته بالقول اللين ليكون هذا التوجيه الرباني منهجا دائما وثابتا للعالمين في آلية النصح، بينما كانت مناصحة المحتسب للوزير تهديدا بالسرطان وتذكيره بسلفه والتفاخر بأنه مات بالسرطان بدلا من الترحم عيه؟
يا الله..!! أهكذا هو ديننا؟ أهذا ما جاء به رسولنا؟ أيشفع لنا الدفاع عن الدين والعرض أن نتبارى ونتباهى فيمن يسبق الآخر ويتفوق عليه في الشتم واللعن والتهديد والشماتة؟
حتما ليس هذا منهج النصح في القرأن ولا في السنة النبوية، وأظن من واقع ما نرى ونسمع أن هناك الكثير ممن يسيئون للصالحين وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، ولعل ما يحدث في هذه الأيام في مصر مشابها لما يحدث عندنا عبر مشهد مشترك لفئة تريد أن تدافع عن الدين عبر اجتهادات لا سند لها في الدين، فقد زعم أحد المحسوبين على التيار الديني في مصر أن الله يشتم ويسب (تعالى الله عما يصفون) يوم أن تم لومه لكثرة شتمه وسبه للمخالفين للرئيس المصري ولمؤيديه من “الإخوان”!
المصدر: الوطن اون لاين