للمرة الأولى يلتقي أكثر من 60 كاتباً إماراتياً من الجنسين نهاية الأسبوع الماضي تحت مظلة «مؤسسة الإمارات للآداب» من خلال مجلس «سحور الكتّاب»، بحضور معالي عهود بنت خلفان الرومي وزيرة الدولة للسعادة ومدير عام مكتب رئاسة مجلس الوزراء، وإيزابيل أبو الهول الرئيسة التنفيذية وعضو مجلس أمناء مؤسسة الإمارات للآداب ومديرة مهرجان طيران الإمارات للآداب، وإبراهيم خادم مدير تطوير الأعمال في المؤسسة، وذلك في مركز دبي التجاري العالمي في جلسة حوارية بعنوان «كيف يمكن للقلم إسعاد المجتمعات»، حيث تناول الحاضرون دور الكتابة في تطوير المجتمع ورسم صور سعادته التي تنعكس عبر طبيعة اهتماماته بشكل عام.
افتتحت الجلسة معالي وزيرة الدولة للسعادة، بكلمة تناولت من خلالها الصلة الوثيقة بين فعل الكتابة والقراءة والسعادة، وارتباط السعادة بالمعايير الإنسانية، أبرزها الأمان والاستقرار اللذين يشكلان الدعائم الأساسية لإسعاد المجتمع في إطار مستدام من خلال ميثاق «البرنامج الوطني للسعادة» الذي يتضمن مجموعة من المبادرات والمشاريع تهدف إلى تحقيق السعادة والإيجابية.
خارج التقليد
تميزت الجلسة التي أدارها إبراهيم خادم، بخروجها عن الإطار التقليدي. كما ساهم غنى وتنوع الحوارات والآراء حول «كيف يمكن للقلم إسعاد المجتمعات»، وكيف يمكنهم بالتفكير الإيجابي تحقيق أحلامهم، في خلق أجواء حيوية ملهمة.
لغة أطفالنا
تحدثت القاصة والروائية بدرية الشامسي التي صدر لها كتاب «الأسماك الطائرة» في أدب الطفل ورواية «ذوات أخرى»، عن زاوية مهمة في أدب الطفل قائلة: «تناولت كاتبتنا ميثاء الخياط المتخصصة في أدب الطفل، موضوعاً جوهرياً في قصصها قلما تطرق إليه بقية الكتاب، والذي يتمثل في»الحب والمجتمع«. ونحن أحوج ما نكون إليه في هذا الزمن، الذي تحيطنا أخباره بالمآسي والحروب، وبالتالي اختلفت لغة أطفالنا ليضم معجم مفرداتهم ما حولها إلى لغة العنف.
حنان و«حياتنا»
وتلبية لرغبة الجهة المنظمة استعرضت الشابة حنان السماك تجربتها مع الكتاب والكتابة التي انطلقت من كونها مدربة معتمدة برخصة في تطوير الذات، والتي بدأت بتسجيلها حلقات فيديو بعنوان»حياتنا«حول كيفية التفاعل مع الحياة في مختلف جوانبها، والتي نشرتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وتقول:»شجعني التفاعل الإيجابي على كتابة الحلقات ونشرها في كتاب بالعنوان نفسه والذي صدر العام الجاري ويتضمن الكتاب ما يرتبط بحياتنا من تعزيز الثقة بالنفس وحب الآخرين والتسامح والعطاء وغيرها الكثير«.
حيوية الكاتب
تحكي الكاتبة شيماء الحوسني العضوة في»مجلس عجمان للشباب«والتي صدر لها كتاب بعنوان»حب لا يشيخ«عن أهمية سلوك الكاتب قائلة:»لفت انتباهي خلال تواصلي مع جمهور معارض الكتاب، دهشتهم الكبيرة حينما يعرفون أني مؤلفة الكتاب الذي أمامهم ليقولوا بعفوية «المرة الأولى التي نلتقي فيها بكاتبة حيوية وتحب الحياة» هذه الملاحظة مهمة جداً، فعلى الكاتب ألاّ يخلق حاجزا بينه وبين الجمهور بل يتواصل معهم بود وبمشاعر إنسانية تساهم في تعزيز الصلة بين القارئ والكتاب والكاتب.
وعقَّب محمد الخطيب الإعلامي في قناة دبي على ما ذكرته شيماء قائلاً: «أنا أوافقها الرأي، وأود الاعتراف كإعلامي أن إعلامنا مقصر في حق كتابنا الغائبين. علينا المبادرة بتسليط الضوء عليهم وتعريف المجتمع بتجربتهم».
منصات الكاتب
وفتحت مداخلة الكاتبة منى كاظم أفقا جديداً لمنهج التفاعل قائلة: «مجال وتأثير الكاتب أوسع من حصره في كتاب، فهناك المقالات والمدونات وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي. وأتمنى من الجهات الحكومية المبادرة في استضافة الكتّاب في دوائرها في جلسة حوار وتعارف، مما يساهم في تفعيل دوره ودور القراءة في حياة الإنسان. مثل هذه المبادرات تشكل حافزا يشجع الكاتب على المزيد من الإبداع والعطاء».
السعي للسعادة
ويقول الكاتب جمال الشحي مؤسس دار «كُتّاب للنشر» التي ساهمت في الكشف عن أسماء الكثير من مواهب أصحاب القلم الإماراتيين منذ انطلاقتها قبل ما يقارب من سبع سنوات: «السعادة ككلمة تنتمي إلى عالم الخيال، فالسعادة الحقيقية هي في رحلة السعي إليها، والسؤال الذي نطرحه على أنفسنا بصفتنا كتاباً ومن باب المسؤولية: هل كتاباتنا تشبنها؟».
كتاب بالإنجليزية
وتناولت الكاتبة علياء الحزامي زاوية جديدة في الطرح مدافعة عنها قائلة: «يشكل الكتّاب الإماراتيون الذي يكتبون باللغة الانجليزية نسبة لا يستهان بها، وبالتالي يجب ألاّ تكون منبوذة في هامش الكتّاب بصورة عامة في الإمارات، آخذين في الاعتبار أن مقابلهم نسبة أكبر ممن يقرؤون بتلك اللغة. ولهؤلاء الكتّاب دور لا يقل أهمية عن البقية، فهم يشكلون حلقة وصل بيننا وبين الغرب، وهو أمر مهم في هذه المرحلة».
تميز الكتاب
يقول إبراهيم خادم في نهاية الجلسة: «تميز سحور الكتّاب الذي سيصبح تقليداً سنوياً، بثلاثة محاور. أولها جمعه للكتّاب الإماراتيين الشباب تحت مظلة واحدة، وهو انجاز بحد ذاته خاصة وأن ما يشبه هذا الظاهر يتمثل في معارض الكتب. المحور الثاني اجتماع هؤلاء الكتّاب على اختلاف تخصصاتهم من الأدب إلى الرياضة وتطوير الذات والاقتصاد وغيرها. أما المحور الثالث فيتمثل في اجتماعهم على حب الكلمة المقروءة والمكتوبة وحمل رسالة المحبة لتعزيز نهضة وطننا وازدهاره. والاعتزاز بتلمس أحد انجازات مؤسسة الإمارات للآداب التي تأسست عام 2013، والمتمثلة في إعادة مجد الكتاب والقراءة في الدولة عبر الأقلام الواعدة، والوقوف على أفكارهم واقتراحاتهم من أجل إثراء ساحة الكتاب».
أفكار ملهمة
تصف إيزابيل أبو الهول انطباعها بعد انتهاء الجلسة قائلة: «إنها مبادرة لمؤسسة الإمارات للآداب التي نقيم فيها هذا المجلس بأجوائه الرائعة. أنا سعيدة بهذه الأمسية والحوارات بين الكتاب وعرض تجاربهم على الآخرين. وشكري العميق لمعالي عهود بنت خلفان الرومي وزيرة الدولة للسعادة لمنحنا وقتها، وللتحدث مع الكتّاب مما فتح لهم أبواباً أخرى لمزيد من الأفكار الملهمة.
السعادة ضرورة وليست ترفاً
بادر العديد من الكتاب الحاضرين إلى طرح مقترحاتهم لتعزيز مفهوم السعادة والوصول إلى مختلف فئات المجتمع وفي مقدمتهم جيل الشباب. وتحدث في البداية الكاتب والإعلامي الدكتور سليمان الهتلان قائلاً: «السعادة ضرورة وليست ترفاً، ودور الكاتب حيوي في إسعاد المجتمع خاصة في مرحلة فيها الكثير من التحديات. واقترح فكرة تفرّغ الكاتب إلى حين لإنجاز مشروعه البحثي الكتابي، بهدف مساعدته على تفعيل دوره وتوصيل رسالته».
ويُذكر أن الهتلان أصدر قبل عامين كتاباً بعنوان «تجارب ملهمة» لأكثر من 30 شخصية حققت نجاحاً في حياتها على مستوى العالم، وأشار فيه إلى حاجة أجيال الشباب إلى نماذج ملهمة تكون بمنزلة قدوة لهم في تحدي الصعاب والتحلي بالإرادة والمثابرة لتحقيق أحلامهم، مشيراً إلى أن معايير النجاح لا ترتبط أساساً بالمال.
مفهوم السعادة يرتبط بجوهر الإنسان
المذيع حسن الجسمي في قناة دبي الرياضية والذي صدر له كتاب بعنوان «بنت ابليس» ربط السعادة بكرة القدم من منظور شخصي مما جعل الجميع يبتسم ويقول: «50 % من النساء يتابعن مباريات كرة القدم التي يشارك فيها الفريق الذي يشجعه أزواجهن، ليس حباً بالكرة، بل لقراءة مؤشر سعادتهم وسعادتهن».
ويتابع: «تشير الإحصاءات عن 7 أفراد من كل 10 يتابعون مباريات الفريق الذي يشجعون، تحدد النتيجة سعادتهم لذلك اليوم. وعليه علينا الانطلاق من السؤال كيف للقلم أن يسعد الناس و75% من شباب الإمارات يتابعون الكرة. علينا توسيع مدارك المجتمع فيما يخص مفهوم السعادة الذي يرتبط بجوهر الإنسان نفسه»، وأنهى مداخلته بما رسم الابتسامة على وجه الحضور قائلاً: «رؤيتكم تشعرني بالسعادة».
المصدر: البيان