دخل مجلس الشورى يوم أمس مرحلة تاريخية جديدة، حين أضاف إلى عضويته ثلاثين امرأة كعضوات فاعلات بعد أن كان مقتصراً على مشاركة المرأة كمستشارة في المجلس فقط. ومنذ انطلاقة مجلس الشورى الحقيقية حيث عُقدت أولى جلساته في يوم الأحد 18/1/1346هـ، الموافق 17/7/1927م، تأتي هذه البادرة لتوسع أفق المجلس إلى آفاق أرحب ولتجاور المرأة الرجل تحت قبة المجلس.
وقد مر المجلس في المملكة العربية السعودية بمراحل عدة منذ دخول الملك عبدالعزيز –يرحمه الله– مكة المكرمة عام 1343هـ/1924م؛ حيث دعا آنذاك إلى الشورى. وكان تأسيس أول مجلس منتخب في 24/5/1343هـ الموافق 20/12/1924م، أُطلق عليه المجلس الأهلي الشوري برئاسة الشيخ عبدالقادر بن علي الشيبي، ويضم في عضويته (12) عضواً، لتأتي الرغبة في توسيع دائرة المشاركة، فقد تم حل المجلس السابق، وصدرت الإرادة السلطانية في 8/1/1344هـ، الموافق 28/7/1925م، بتشكيل مجلس منتخب يمثل جميع حارات مكة المكرمة، وعددها (12) حارة، على أن يكون اثنان من العلماء، وواحد عن التجارة، إضافة إلى ثلاثة أعضاء يعيّنهم السلطان عبدالعزيز من أعيان البلد. وهنا نلحظ الجمع بين الانتخاب والتعيين. حيث جاء المجلس برئاسة الشيخ محمد بن عبدالرحمن المرزوقي، والشيخ عبدالقادر بن علي الشيبي، نائباً للرئيس، و(15) عضواً، والشيخ محمد سرور الصبان، أميناً للسر.
وفي عام 1345هـ/1926هـ صدرت موافقة الملك عبدالعزيز في 21/2/1345هـ، الموافق 29/8/1926م على التعليمات الأساسية لنظام الحكم، ومن ضمن تلك التعليمات القسم الرابع الخاص بالمجالس، ومنها ما يتعلق بمجلس الشورى وهي المواد: (28)، و(29)، و(30)، و(31)، و(36)، و(37). أشارت هذه المواد إلى مقر المجلس، وتسميته بمجلس الشورى بدلاً من الاسم السابق المجلس الأهلي، وتشكيلة أعضائه الذين بلغ عددهم (12) عضواً، وتحديد انعقاد جلساته.
ليصدر نظام المجلس عام 1346هـ في خمس عشرة مادة، أظهرت في تنظيمها تجارب المجلس السابقة. وهو بذلك يعدّ أول نظام للمجلس، ويلزم بأعضاء مفرغين عددهم (ثمانية) أعضاء، برئاسة النائب العام لجلالة الملك سمو الأمير فيصل بن عبدالعزيز، على أن ينعقد المجلس مرتين في الأسبوع، ويمكن أن يجتمع أكثر من ذلك بناء على دعوة من رئيسه كلما دعت الحاجة. وهي البداية الحقيقية للمجلس.
وبعد ذلك صدر عام 1347هـ/1928م (النظام الداخلي لمجلس الشورى)، في أربع وعشرين مادة.
استمر مجلس الشورى بنظامه المذكور دون تعديل، وظل يمارس قدراً واسعاً من الصلاحيات، إلى أن تأسس مجلس الوزراء عام 1373هـ/1953م، حيث جرى توزيع كثير من صلاحيات مجلس الشورى بين مجلس الوزراء، والأجهزة الحكومية الجديدة، والمطورة وفق أنظمتها، لكن مجلس الشورى ظل يواصل جلساته ويستعرض ما يُحال إليه وفق نظامه، وإن لم يكن بالمستوى الذي كان عليه من قبل.
هذا وقد عقد المجلس القديم منذ عهد الملك عبدالعزيز حتى نهاية عهد الملك خالد بن عبدالعزيز 6222 جلسة، أصدر خلالها 9349 قراراً، وعدد دوراته بلغ (51) دورة.
وعندما قطعت المملكة شأناً بارزاً في التنمية قام خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز –يرحمه الله– بتحديث الأنظمة في البلاد، فأعلن في خطابه التاريخي الذي ألقاه يوم 27/8/1412هـ عن إصدار الأنظمة الثلاثة، نظام الحكم، ونظام مجلس الشورى، ونظام المناطق.
ليرسّخ خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز –يرحمه الله– دعائم الشورى في المملكة بإصداره نظاماً جديداً لمجلس الشورى بتاريخ 27/8/1412هـ يحل محل نظام المجلس القديم الصادر في عام 1347هـ، واعتماده اللائحة الداخلية للمجلس والقواعد الملحقة بها في تاريخ 3/3/1414هـ، ومن ثم تكوينه المجلس في دورته الأولى من رئيس وستين عضواً، وفي دورته الثانية صار المجلس مكوناً من رئيس وتسعين عضواً، وفي دورته الثالثة أصبح المجلس مكوناً من رئيس ومائة وعشرين عضواً. وفي دورته الرابعة صار المجلس مكوناً من رئيس ومائة وخمسين عضواً.
وفي 26/6/1426هـ الموافق 1/8/2005م تولى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الحكم في البلاد؛ الذي أولى عنايته القصوى بهذا المجلس، التي تمثلت في دعمه مسيرته من خلال تعديل بعض مواد نظام المجلس كي تتفق والمتغيرات الإيجابية المتنامية التي تعيشها المملكة بما يحقق الرفاهية للوطن والمواطن، ومن هذا ما أصدره يوم أمس بإشراك المرأة كعضو في المجلس.
وقد عقد المجلس في حُلته الجديدة حتى نهاية السنة الأولى من دورته الخامسة 1141 جلسة، وأصدر خلالها 1361 قراراً.
الملك فهد رحمه الله وبن جبير (الشرق)
الملك عبدالله يتسلم تذكاراً من المجلس
من الاجتماع البرلماني العالمي الذي عُقد برئاسة مجلس الشورى في الرياض
مجلس الشورى من الخارج (الشرق)