كاتب وصحفي سعودي
أختلف مع من يعتقد أن اليمنيين سيقاومون الحوثي، فلو كانوا قادرين على المواجهة وحماية اليمن من الانفجار الكبير، لما تردّدوا لحظة واحدة، إذ تكتظ مخازن منازلهم بالأسلحة، ولا تنقصهم «الحكمة اليمانية»، لكنهم بعد أربع سنوات من الاحتجاجات الشعبية والنزاع الداخلي، و«مكر» علي عبدالله صالح، ودموية الحوثي وإرهاب «القاعدة»، باتوا لا يكترثون بمن يحكمهم!
الحقيقة التي يجب ألا تغيب عن اليمنيين، قبل جيرانهم الخليجيين، أن يمناً جديداً يتشكل، وقوة جديدة تسيطر عليه، والداعم لها والمؤثر فيها لا علاقة له بدول مجلس التعاون.
على أهل اليمن إدراك أن بلادهم مُقبلة على سنوات من الضياع والدمار والصراع القبلي والمناطقي والفئوي والجهوي (إذا لم)، وسيبقى اليمن لعقود في مهب الريح، والقوي المترع بالسلاح هو الحاكم الذي سيفرض نفسه على الخريطة بالقوة الجبرية، وأبرز هؤلاء «الحوثي»!
عبدالملك الحوثي «زعيم» اليمن الجديد يراه الحوثيون حامي العرين، وعين كل اليمنيين ومحارب الفاسدين، ونصير الفقراء والمظلومين، فيما يراه الآخرون الظالم والباطش والعصابة المجرمة!
من المخيّبات، اكتظاظ دول الخليج بمئات التجار الكبار من اليمنيين وبالآلاف من الموسرين، لكنهم «يبخلون» على دعم بلادهم في أحلك الظروف وفي مرحلة صعبة!
السؤال: ما هو موقف المملكة اللاعب التاريخي والاستراتيجي في الساحة اليمنيّة؟ هل ستتعامل مع الحوثي مستقبلاً؟ وما حجم انزعاجها من السيطرة الحوثية؟
للسعودية في اليمن ثلاثة أعداء: جماعة الحوثي، وتنظيم «القاعدة» وحزب الإصلاح (الإخوان المسلمون)، فأياً كانت نتيجة الصراع بين هؤلاء الخصوم الذين تجمعهم قواسم عدة، بينها البحث عن السلطة وكرسي الحكم، فإنها ستضعف خصومها، حتى وإن انتصر أحدهم، وستجد نفسها في النهاية أمام خصم واحد، وليس ثلاثة خصوم وأتباعهم!
ما يقلق السعودية هو ركوب اليمن قطار الانفجار الكبير، ودخوله في حرب أهلية، وتقسيمه إلى دويلات، أو انفصاله إلى شمال وجنوب، لأن ذلك يعني الدخول إلى المصير المجهول والفوضى المسلّحة وانهيار الدولة اليمنية، وتحوّلها إلى «عراق آخر»، ما سيشكّل كابوساً وتدفقاً بشرياً مزعجاً على الحدود السعودية وخطراً على أمنها واستقرارها، إذ ستضطر إلى فتح حدودها لاستقبال النازحين واللاجئين وعلاجهم وإطعامهم وإسكانهم، وهذا ما سيدخلها في «معمعة وأمراض» اليمن، سواء شاءت أم أبت!
أرى أن الحل في سرعة العمل من داخل اليمن عبر تقوية الجيش والأمن لمواجهة الحوثي والمتمردين، والاستمرار في مطاردة فلول «القاعدة»، والجلوس مع كل مكوّن مؤثر من غير جماعات العنف والتطرف، بالتركيز على شيوخ القبائل وشخصيات المحافظات القوية والقيادات النشطة في الأحزاب والتيارات المدنية، لقطع الطريق على الحوثي قبل أن يهيئ الظروف لحضور إيران عبر مضيق باب المندب وسيطرتها عليه إلى جانب مضيق هرمز.
وفي الوقت ذاته لست مع أي خطوة تقود نحو وقف الدعم الكامل عن اليمن أو سحب السفراء، لاسيما في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ «اليمن» الذي تحول من «سعيد» لـ «تعيس».
المصدر: الحياة
http://alhayat.com/Opinion/Jameel-Al-Doiabi/