كشف صندوق التنمية الصناعية السعودي أن المملكة العربية السعودية استوردت 679 ألف مركبة سنوياً في المتوسط، خلال الفترة بين عامي 2005 و 2012، وبمعدل نمو سنوي قدره 9.5 في المئة. وسجل استيراد المركبات رقماً مرتفعاً في عام 2012 بلغ 981 ألف مركبة، بقيمة تصل إلى 77 بليون ريال، أي ما يعادل 13 في المئة من إجمالي واردات المملكة في ذلك العام، وهو ما يجعل المملكة أكبر سوق استهلاكية للسيارات في الشرق الأوسط.
وأوضح الصندوق في تقريره السنوي الذي استعرض خلاله مستقبل صناعة السيارات في المملكة، وأثرها في الاقتصاد المحلي، أنه مما يعزز الثقة في استمرار معدلات نمو الطلب المرتفعة على السيارات في المملكة، النمو السكاني الكبير الذي يبلغ 3.7 في المئة سنوياً، وهو أعلى من المتوسطات العالمية، وكذلك القوة الشرائية الكبيرة، إضافة إلى التركيبة الشابة للمجتمع السعودي والذي تشكل فيه فئة الشباب الذين تراوح أعمارهم بين 15 و 24 عاماً ما نسبته 21 في المئة من إجمالي السكان.
وحول الطلب الإقليمي على السيارات، أشار التقرير إلى أن مبيعات السيارات في منطقة الشرق الأوسط تنمو بمعدل 5.7 في المئة، وتتمتع هذه الدول أيضاً بمعدل نمو سكاني مرتفع يصل إلى 2.3 في المئة، وتعتبر المملكة حالياً مركز إعادة تصدير رئيس للسيارات وقطع الغيار في المنطقة، يساعدها في ذلك موقعها الجغرافي المميز.
وبلغت قيمة إعادة التصدير للسيارات وقطع الغيار لعام 2012 قرابة 6 بلايين ريال، وبمعدل نمو سنوي بلغ 13 في المئة للفترة بين 2005 و 2012، وهو ما يشكل نواة لدخول منتجات صناعة السيارات السعودية لهذه الأسواق.
وأكد التقرير تميز المملكة بقاعدة صناعية وبنية تحتية أكثر تطوراً من الدول المحيطة بها، وهو ما يعتبر حافزاً مهماً لقيام صناعة السيارات في المملكة، إضافة إلى تجاربها في مجال صناعة المركبات وأجزائها، مثل صناعة تجميع الحافلات وسيارات الإطفاء والإسعاف وعربات النظافة الهيدروليكية، و أجزاء عدة من قطع غيار السيارات مثل صناعة الهياكل المعدنية، وصندوق التروس وفلاتر السيارات والراديترات والعوادم والإطارات والبطاريات وزجاج السيارات وقطع الغيار الأخرى.
وبحسب بيانات وزارة التجارة والصناعة «يوجد في المملكة حالياً أكثر من 251 مصنعاً عاملاً في مجال تجميع المركبات والصناعات الداعمة لها، باستثمارات تبلغ قيمتها نحو 7 بلايين ريال، وتوفر هذه المصانع فرص عمل لحوالى 27 ألف عامل، ويبلغ عدد المشاريع العاملة في مجال صناعة المركبات وأجزائها والمقترضة من صندوق التنمية الصناعية السعودي بنهاية عام 2012 ما يقارب 65 مشروعاً، بحجم تمويل يبلغ نحو 1.5 بليون ريال».
وشدد على أنه تتوافر في المملكة موارد هائلة من المواد الخام والأساسية التي تساعد في قيام الصناعات الداعمة لصناعة السيارات، إضافة إلى توافر الطاقة وبأسعار مناسبة، ما يعني أن الفرص مهيأة لقيام عدد من الصناعات القادرة على توفير المدخلات اللازمة لنجاح هذه الصناعة.
وأشار تقرير صندوق التنمية السعودي إلى أن الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) تعد من أهم الرواد في هذا المجال، إذ توفر حالياً عدداً من المنتجات البلاستيكية والمواد الخام الداخلة في صناعة السيارات بشكل مباشر، كما تعتزم الشركة القيام بإنشاء وحدات تابعة لها بغرض إنتاج مواد أخرى إضافية كالمطاط الصناعي الذي يشتق منه عدد من المنتجات كالإطارات والخراطيم المطاطية، إضافة إلى صناعة الحديد، وجميعها تعتبر صناعات أساسية لصناعة السيارات.
كما أن المشروع المشترك بين شركة التعدين العربية (معادن) و«ألكوا» والذي يعد واحداً من أكبر مشاريع صناعة الألومنيوم في العالم، من شأنه أن يضع المملكة على خريطة صناعة السيارات، كونه مدخلاً أساسياً ذا مستقبل واعد بحسب الرؤية الحديثة لصناعة السيارات، والتي تعتمد على أجزاء أكثر خفة ومتانة من المعادن المستخدمة في صناعة السيارات.
ولم يغفل تقرير صندوق التنمية الصناعية السعودي، العوائق أمام قيام صناعة السيارات في عدد من الدول، إذ يعتبر عدم توافر الموارد المالية طويلة الأجل للصناعات ذات الكثافة الرأسمالية مثل صناعة السيارات، أحد هذه العوائق، إلا أن الاقتصاد السعودي يحظى بوفرة من الموارد المالية التي تساعده في تجاوز هذه العقبة.
وقال إن الدعم الحكومي وتقديم مبادرات جريئة للحوافز لإنشاء هذه الصناعة في المملكة يعد عاملاً مهماً لنجاحها، ويشمل الدعم المالي وتوفير البنية التحتية المناسبة، واستقطاب شركاء عالمين ذوي خبرة كبيرة في هذا المجال، وتقديم الحوافز المغرية لهم، وتهيئة مراكز البحث والتطوير، ورفع مستوى تأهيل الموارد البشرية.
كما يشكل الإنفاق الضخم من الدولة على مشاريع تحسين وتطوير البنية التحتية وما يتبع ذلك من زيادة في الطلب على معدات النقل وأجزائها، عاملاً مهماً في جذب استثمارات صناعة السيارات للمملكة.
ولفت التقرير إلى أن منتجات صناعة المركبات وحدها استحوذت على 7 في المئة من إجمالي السلع المصدرة في العالم، وعلى رغم هبوط الإنتاج في عام 2009 جرّاء الأزمة العالمية، عاودت صناعة السيارات انتعاشها، إذ تم إنتاج ما يقارب 84.1 مليون سيارة في عام 2012، مع توقعات بنمو قدره 3 في المئة لعام 2013. كما يوظف هذا القطاع حالياً حوالى 9 ملايين عامل حول العالم، أي ما يعادل 5 في المئة من إجمالي العمالة في مجال التصنيع في العالم.
المصدر: الحياة