أستاذ العلاقات الدولية المتخصص في الشأن الآسيوي من البحرين
قابلته لأول مرة في البحرين في عام 2001. كان هو آتياً من الرياض للمشاركة في ندوة حوار الحضارات ما بين اليابان والعالم الاسلامي التي استضافها مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية قبل تحوله إلى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة، وكنت أنا مجرد مشارك تمت دعوته بصفته الاكاديمية كباحث ومحاضر في الشأن الآسيوي. وبطبيعة الحال كان هناك العشرات من الشخصيات الدبلوماسية والاكاديمية اليابانية التي حضرت وهي تحمل في يدها حقائب مليئة بالدراسات والابحاث، أي على العكس من الشخصيات العربية التي حضرت دون استعداد مسبق، بل دون حمل مجرد مفكرة تدون فيها الملاحظات. وحده الدكتور عبدالعزيز عبدالستار تركستاني كان المشارك العربي الوحيد الذي خالف المشهد فجاء حاملا الملفات والتقارير والاحصائيات، بل وجلس يدون كل كلمة تقال.
ما استرعى انتباهي وانتباه كافة المشاركين في ذلك اللقاء بمن فيهم الزملاء اليابانيون أن الرجل، حينما طلب المداخلة، كانت مداخلته بلغة يابانية سليمة وواضحة لا تأتأة ولا تردد فيها، الأمر الذي ادهش الجميع فظلوا يطالبونه بالتحدث باليابانية في كل مداخلاته اللاحقة بدلا من العربية والانجليزية اللتين يجيدهما بالإضافة إلى التركية.
على هامش جلسات الندوة التي استغرقت يومين دارت بيني وبين الدكتور تركستاني أحاديث ومناقشات جانبية كثيرة فعرفت الكثير عن مشواره العلمي والعملي، وأسباب اتقانه اللغة اليابانية، وكيفية تفوقه فيها. كما صحح لي طريقة لفظ بعض عبارات التحية والترحيب والوداع التي كنت قد تعلمتها اعتمادا على نفسي وذلك في ثمانينات القرن الماضي حينما كنت استعد لجولة طويلة في اليابان. فمثلا نبهني إلى عدم استخدام عبارة «هاجي ما ميشتيه» إلا عند لقائي الأول بالشخص، فعرفتُ أنها مرادفة لـ «تشرفت بمعرفتك» بالعربية، أو «أنشانتيه» بالفرنسية أو «زير أفغويت» بالالمانية. كما أشار عليّ باستخدام كلمة «ايساتسو» التي تعني «تحياتي» عند اللقاء والافتراق، وشرح لي كيفية الاستخدام الأمثل لمفردة «غوزايماس» التي يكثر استخدامها في اليابانية. لكن الأهم من كل هذا هو أنه أخبرني أننا نهين اليابانيين كثيرا في مثل هذه الاجتماعات! وحينما استوضحت منه عن نوع الإهانة قال: «ألا تلاحظ أنهم يحرصون على كتابة كل كلمة نتلفظ بها في تعليقاتنا ومداخلاتنا، بينما نفعل نحن العكس تماما»، مضيفا «من خلال دراستي في اليابان واحتكاكي بشعبها واطلاعي على ثقافتها عرفتُ أن أكبر إهانة توجهها للياباني هو أن تجلس أمامه كالصنم دون أن تدون ما يقوله، فالانصات وحده لا يعني في نظره أنك مهتم بما يقول».
ومما أتذكره عن لقائي بالرجل أنه شعر بعدم ارتياحي حينما أعطاني بطاقة من بطاقاته التعريفية التي كانت تحمل اسمه الثلاثي والمنصب الذي كان يشغله وقتذاك وهو «مستشار وزير الحج والأوقاف والشؤون الاسلامية»، فاستفسر عن ذلك بلهجته الحجازية اللطيفة، قائلا: «إيش باك» وكان جوابي صريحا وهو «من مثلك يا دكتور يجب أن يُعطى منصبا أرفع من المنصب الذي تشغله، بل منصبا يتلاءم مع مواهبك ومؤهلاتك الفريدة»، وأضفت: «أما منصب مستشار وزير الحج فيمكن أن يشغله أي موظف بيروقراطي». والحقيقة أنه لم يمر سوى عدة سنوات إلا ومرسوم ملكي يصدر في عام 2008 بتعيين الرجل سفيرا لخادم الحرمين الشريفين في طوكيو ليشغل الرجل المنصب المفترض أن يكون فيه.
والدكتور تركستاني، كما يتبين من لقبه، تعود جذوره العائلية إلى تركستان. والأخيرة من الناحية الجغرافية منطقة واسعة في آسيا الوسطى، تمتد من سيبيريا شمالا إلى إيران وباكستان والهند والتيبت جنوبا فيما يحدها شرقا الصحراء المنغولية، ويحدها غربا بحر قزوين، وكانت لمئات السنين جسرا يربط أوروبا بشرق آسيا وتمر بها طرق التجارة القديمة، بل شكلت طريقا لعبور الاسلحة من الاتحاد السوفيتي السابق إلى الصين أثناء الحرب العالمية الثانية. أما من الناحية السكانية فتسكنها قبائل ناطقة بالتركية من تلك التي ظلت تعيش في هذه المنطقة منذ القرن السادس الميلادي.
سياسيا نجد أن تركستان تتقاسمها عدة دول. فهناك تركستان الشرقية التي تحتلها الصين وتطلق عليها اسم إقليم سينكيانغ وسكانها من المسلمين الاتراك الايغور. ويقول تاريخ هذا الإقليم أنه كان تحت سيطرة التبت في القرن السابع الميلادي لكن الصينيين تمكنوا من استرداده قبل أن تغزوه القبائل البدوية التركية القادمة من وسط آسيا في عام 1073 للميلاد، وقبل أن تجتاحه جيوش جنكيز خان في القرن 13 الميلادي. وهناك تركستان الغربية التي تتوزع أراضيها ما بين جمهوريات كازاخستان وطاجيكستان وتركمانستان واوزبكستان وقرقيزستان، والتي من أهم مدنها طشقند وبخارى وسمرقند وكاشغر ودوشنبيه. وهناك تركستان الجنوبية الغنية بالمعادن والتي تتبع أفغانستان وينحدر سكانها من أصول فارسية وأوزبكية.
ولا يـُعرف إلى أي تركستان ينتمي السفير الدكتور عبدالعزيز تركستاني، لكن أغلب الظن أن عائلته هاجرت إلى الاراضي المقدسة من بخارى الواقعة في تركستان الغربية. إذ من المعروف أن الاراضي الحجازية استقبلت منذ قديم الزمان هجرات من منطقة آسيا الوسطى، وتحديدا من بخارى وسمرقند موطن الإمام محمد بن إسماعيل البخاري صاحب كتاب «صحيح البخاري» الذي ولد ومات في بخارى. وكانت نتيجة هذه الهجرات ظهور عائلات كثيرة يحمل أبناؤها ملامح شعوب آسيا الوسطى، وألقاب مثل بخاري، وتركستاني، وطاشكندي، وكاشغري وخاشقجي، وسمرقندي. لكن بتقادم الأجيال واندماجها مع غيرها في المجتمع السعودي صارت أحد المكونات البارزة لهذا المجتمع، خصوصا مع سطوع نجم الكثيرين منهم في الحقول الأدبية والطبية والأكاديمية، وتفانيهم في خدمة الارض التي ابصروا النور فوقها.
وإذا شئنا معرفة المزيد من التفاصيل عن هجرة عائلة الدكتور عبدالعزيز تركستاني إلى السعودية فلن نجد أفضل مما سجله الاستاذ مفيد النويصر في مدونته الالكترونية في ديسمبر 2013 . فطبقا للنويصر هاجر الحاج عبدالستار مولوي ــ مولوي كلمة تعني في اللغة العربية الرجل الزاهد، وهي لا تطلق في تركستان إلا على حفظة القرآن ــ إلى السعودية في عام 1953 أي في السنة التي توفي فيها الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه، هربا مما لحق بالمسلمين في تركستان بجزئيها الشرقي والغربي من تضييق واضطهاد على أيدي البلاشفة في الاتحاد السوفيتي، والماويين في الصين. ولأن مولوي كان قد سبق له التردد من قبل على مكة المكرمة والمدينة المنورة كمرافق ومترجم لقوافل الحجيج التركستانية، فقد كانت لديه معرفة بخرائط الحجاز الجغرافية. تلك المعرفة التي ساعدته على اختيار الطائف كمكان له ولعائلته نظرا لتشابه مناخها البارد نسبيا مع مناخ وطنه الأم. في الطائف تزوج عبدالستار مولوي من إبنة خالته آمنة التي كانت قد هاجرت أيضا مع أسرتها إلى السعودية، وسكنا في حي البخارية التي كانت حاضنة معظم الفلاحين التركستانيين المهاجرين من الصين وآسيا الوسطى. وفي هذا الحي أبصر ابنهما البكر عبدالعزيز النور، لكنهما آثرا الانتقال إلى جدة لسببين أولهما تحسين المستوى المعيشي للعائلة وثانيهما إلحاق عبدالعزيز بأفضل المدارس. وهكذا افتتح عبدالستار محلا في سوق البدو بجنوب مدينة جدة لصناعة وتصليح الأحذية الجلدية، بينما التحق ابنه بمدارس الفلاح الشهيرة.
في تلك السنوات الصعبة من حياته كان عبدالعزيز يقضي ساعات ما بعد الدوام المدرسي في دكان والده، يعاونه في عمله البسيط ويكد معه من أجل لقمة العيش، غير أن فكره كان مشغولا بأسئلة كثيرة حول مستقبله مثل كيف يثبت لأقرانه في المدرسة أن الصبي الذي كانوا ينادونه بـ «الولد الياباني» بسبب ملامحه الشرق آسيوية قادر على تحقيق ما لا يستطيعون تحقيقه؟ وإلى أين يتجه بعد إكمال دراسته الثانوية في ظل استحالة قبوله في الجامعات بسبب عدم حصوله وقتذاك على الجنسية السعودية؟
ويبدو أن عبدالعزيز آثر أن يترك مؤقتا الانشغال بتلك الأسئلة لمشيئة الخالق، ويركز جهوده على دراسته والانشطة المدرسية الكثيرة التي كانت تـُعهد إليه بسبب أخلاقه الرفيعة وقدرته الفذة على التواصل مع الآخرين بروح صافية ونية طيبة وغيرها من الخصال التي غرسها فيه والداه.
المهم أن صاحبنا تخرج من الثانوية بتفوق وأراد الالتحاق بجامعة الملك عبدالعزيز في جدة فلم يقبل للأسباب التي أتينا على ذكرها، إلى أن جاءه الفرج على يد أحد أعيان جدة الكبار وهو الوجيه الدكتور عبدالله نصيف الذي توسط له لدى مسئولي الجامعة فتم قبوله قبل أن ينهي دراسته في مجال العلاقات العامة والاعلان بتفوق ويتخرج في عام 1979 حاملا درجة البكالوريوس.
ومرة أخرى تشاء الأقدار أن تبعث لعبدالعزيز تركساني بعين آخر من أعيان جده ليدله على طريق المستقبل الزاهر. لم يكن هذا العين سوى الوجيه إبراهيم أفندي الذي نصحه أن يختط لنفسه طريقا غير الطريق الذي يسلكه عادة خريجو الجامعات السعودية وقت رغبتهم في اتمام دراساتهم العليا وهو الالتحاق بالجامعات الاوروبية او الامريكية، مقترحا عليه أن يسافر إلى اليابان ويكمل تعليمه فيها كي يصبح اول طالب سعودي يكمل دراسته في تلك البلاد ويتعلم لغة أهلها.
المشكلة التي واجهت عبدالعزيز في هذا المنعطف المصيري من حياته هو ضعف الإمكانيات المادية لوالده وبالتالي صعوبة الانفاق على دراسته في بلد كاليابان معروف بغلاء المعيشة. غير أنّ عبدالستار مولوي قرر أنْ يقتصد ويستقطع من قوته ويبذل الغالي والنفيس إلى أن توفر لديه ما مكــّن ولده من السفر إلى طوكيو لدراسة ماجستير التسويق والإعلان في جامعة «واسيدا» الراقية.
لم يخيب الولد ظن أبيه فيه. إذ نال شهادة الماجستير في التخصص المذكور بمرتبة الشرف في عام 1984، عن أطروحة بعنوان «الإعلان في المملكة العربية السعودية وكيفية تطويره» وأتبعها بشهادة الدكتوراه من جامعة «سيجو»، ليعود إلى وطنه في عام 1988 مرفوع الرأس. وأثناء وجوده على مقاعد الدراسة في عام 1984 كلفته بلاده بمسؤولية إدارة المعهد العربي الاسلامي في طوكيو لما رأته فيه من التزام ومناقب وحب للعمل وإلمام تام بعادات وثقافات البلد المضيف.
الصدمة التي واجهها عبدالعزيز العائد من اليابان بشهادة الدكتوراه والاتقان الرائع للغة اليابانية، والممتلئ حماسا لخدمة بلاده في اي موقع رسمي جاءت يوم ان ابلغته وزارة التعليم العالي أن الجامعة اليابانية التي منحته الدكتوراه ليست على قوائم الجامعات المعترف بها في المملكة. وهكذا تلاشى حلم العمل الرسمي والاكاديمي لدى الرجل، لكنه لم ييأس وواجه الموقف بصلابة، واستطاع أن يجد لنفسه وظيفة مدير تسويق لدى شركة تويوتا في عام 1992 . ومن خلال هذه الوظيفة استطاع عبدالعزيز ان يطلق مواهبه ويجسدها حتى قيل أن صاحب شركة تويوتا الأم السيد تويودا، حينما زار السعودية انبهر بوجود شاب سعودي يعمل لدى الوكيل المحلي متخرج من ارقى جامعات بلاده ويجيد اليابانية بطلاقة.
استمر عبدالعزيز يعمل لدى تويوتا إلى أن توفي وكيلها في السعودية السيد عبداللطيف جميل، فانتقل للعمل كمدير لتنمية المبيعات لدى الشركة السعودية للابحاث والنشر ــ ناشرة صحيفة الشرق الأوسط اللندنية ــ ومنها انتقل إلى جامعة القاهرة ليدرس الاعلان مجددا كطالب دكتوراه. ومن بعد حصوله على هذه الدرجة الجامعية التي لم تعترض عليها وزارة التعليم العالي السعودية تم تعيينه لبعض الوقت مستشارا لوزير الحج والأوقاف والشؤون الاسلامية. لكن يبدو أن طموح الرجل كان أكبر من ذلك فودع منصبه الاستشاري وانتقل إلى مدينة الخبر للعمل في وظيفة نائب مدير لإحدى الشركات العقارية الكبرى، كما افتتح لنفسه مكتبا للإستشارات التسويقية. هذا قبل أن تستدعيه جامعة الملك سعود الأول للعمل كمشرف على قسم العلوم الادارية والانسانية في كلية خدمة المجتمع في فرعها بحريملاء، ومن ثم كأستاذ مساعد في مقر الجامعة الرئيسي بالرياض.
في عام 2008 كان الدكتور تركستاني في زيارة لليابان فتلقى اتصالا من السفارة السعودية حسبها للوهلة الأولى أنها متعلقة بترجمة بعض الوثائق كجزء من تعاونه معها، لكنها كانت مكالمة تحمل بشرى تعيينه سفيرا في طوكيو بدلا من السفير فيصل طراد. وفي اليابان جرت العادة أن يستقبل رئيس الحكومة السفراء الجدد المعتمدين لدى البلاط الامبراطوري إلا في حالات الدول ذات الاهمية السياسية والاقتصادية لها مثل المملكة العربية السعودية. لذا فإن الدكتور تركستاني قدم أوراق اعتماده إلى الامبراطور أكيهيتو الذي يقال إنه إنبهر به فأرسل رسالة إلى الملك عبدالله بن عبدالعزيز يشيد فيها بالسفير السعودي الجديد ويشكره على اختيار رجل يتحدث اليابانية بطلاقة كي يساهم في تعزيز أواصر الصداقة ما بين البلدين أكثر فأكثر.
في مقال نشرته له صحيفة المدينة السعودية ــ 14 مايو 2014 ــ لخص المهندس طلال القشغري علاقة الدكتور تركستاني باليابان في أربع كلمات هي: دعوة فكفاح فحكمة فسفارة!!
في تفصيل هذه الكلمات، ننقل عن الكاتب بتصرف أن تركستاني، المولود في الطائف في 15 أبريل 1958 ، كان طفلا صغيرا حينما قام المغفور له الملك فيصل بن عبدالعزيز بزيارته الرسمية الأولى والوحيدة لليابان في عام 1971، فلما رأت والدته وقائع الزيارة من خلال شاشة التلفزيون ولم تر مترجما سعوديا إلى جوار الملك دعت الله أن يكون عمل إبنها حينما يكبر مترجما بين الملوك كي يخدم وطنه ودينه. وقد استجاب الرب لدعائها.
ذلك كان تفسير كلمة «دعوة». أما الكفاح فقد تمثل في اجتهاد الدكتور تركستاني في جميع مراحل دراسته ابتداء من مدارس الفلاح وجامعة الملك عبدالعزيز بجدة وانتهاء بالجامعات والمعاهد اليابانية على نحو ما فصلناه، دون أن تقف مسألة «عدم حصوله على الجنسية السعودية» حائلا بينه وبين التفوق والابداع واقتحام الصعاب.
وأما الحكمة ــ طبقا للمهندس القشغري ــ فقد تمثلت في قرار الدولة السعودية بتكريم الدكتور تركستاني عبرمنحه الجنسية السعودية في عام 1985 فكان ذلك بمثابة القرار الحكيم لاحتضان رجل مبدع ذي مشوار علمي فريد وطاقات مشهودة في المجالين الحكومي والخاص.
ثم جاء قرار تعيينه سفيرا لبلاده لدى الامبراطورية اليابانية ليكتمل الشطر الثاني من دعوة والدته وهو خدمة وطنه ودينه. إذ لا يشك أحد أن تركستاني هو اليوم من أبرز الوجوه الدبلوماسية العربية في بلاد الشمس المشرقة، فمعرفته بلغة هذه البلاد وثقافة أهلها وأساليب التعامل معهم أتاحت له إنجاز الكثير في ميدان توطيد وتعزيز العلاقات السعودية اليابانية بصفة خاصة والعلاقات العربية اليابانية بصفة عامة.
وفي سياق الحديث عن النجاح والفشل يؤمن تركستاني بالحكمة اليابانية القائلة «تستطيع رؤية السماء من ثقب إبرة» وهي كناية عن أن بامكان الانسان الانطلاق إلى سماوات النجاح الواسعة انطلاقا من شيء صغير محدود. لكنه يضيف، من خلال تجربته الشخصية أن عوامل مثل الايمان بالله والعمل الصالح والبر بالوالدين ونيل بركاتهما تساعد في تحقيق النجاح والأحلام. وعن سر نجاح اليابانيين يقول: أنه يكمن في إحترام الكبير، والولاء والإخلاص لرب العمل، والتفاني في خدمة الاسرة والمجتمع، والالتزام بالنظام والقانون، والحرص على عدم اهدار الوقت.
بقي أن نقول أن مشوار الدكتور تركستاني العلمي تخللته مشاركته في العديد من الدورات ذات الصلة بتخصصه الاكاديمي مثل: الدورة العالمية في تخطيط وتصميم الاستراتيجيات للاعلان الدولي في لوس انجلوس في عام 1991، ودورة التخطيط الاستراتيجي التسويقي في طوكيو في عام 1992، ودورة تخطيط الحملات الاعلانية الدولية والابداع الاعلاني في طوكيو في عام 1987، ودورة الادارة اليابانية الحديثة التي نظمتها شركة سايشو للاعلام في طوكيو في عام 1986، ودورة التقنية والتنظيم الاداري والاعلامي في طوكيو في عام 1985، ودورة ادارة المخيمات والندوات في سيئول في عام 1984. وبالمثل فإن مشواره العملي تخللته اسهاماته في الصحافة، حيث عمل ككاتب غير متفرغ في عدد من الصحف السعودية مثل عرب نيوز، وعكاظ ، والبلاد. واشرف على صفحة «عالم التسويق» الإسبوعية في صحيفة البلاد، وترأس تحرير مجلة «جدة» التابعة لأمانة مدينة جدة. كما يرجع إليه الفضل في إدخال رياضة التايكوندو الكورية إلى السعودية، وتأسيسه لأول ناد عربي ــ ياباني في طوكيو.
من أعمال تركساني المنشورة كتاب «الشخصية اليابانية من مفهوم عربي» وهو صادر عن دار المفردات بالرياض في عام 2005.
ويـُـعرف عن الرجل غرامه بعدد من الهوايات على رأسها القراءة والكتابة، والتصوير الفوتوغرافي، والعمل الكشفي، ورياضة التايكوندو.
الكاتب في جريدة الشرق الوسط الاستاذ حسين شبكشي خصه بعامود في 13 سبتمبر 2014 قال فيه: «تفتخر المجتمعات السوية بقصص نجاح أبنائها مهما كانت خلفياتهم وطبيعة انتمائهم، وها هو المجتمع الأميركي يعبر عن فخره واعتزازه بقصص نجاح ابن المهاجر السوري ستيف جوبز، مؤسس شركة «أبل» الأسطورية، ويعتز جدا بقصة نجاح الرئيس الحالي باراك أوباما الذي صعد سلالم المجد بشكل مبهر، وهو ابن المهاجر الكيني البسيط ليصبح خريج جامعة هارفارد الأميركية العريقة، ومن كليتها المميزة للحقوق تحديدا، ومن ثم يصبح عضوا في الكونغرس ثم رئيسا للبلاد لولايتين متتابعتين كأول رئيس أميركي من أصول أفريقية. وغيرهما طبعا هناك الكثير من النماذج الموجودة، سواء في أميركا أو غيرها.
ويتحدث السعوديون مؤخرا بإعجاب شديد وبالغ عن قصة نجاح سفيرهم المتألق والمميز لدى اليابان، الدكتور عبد العزيز تركستاني، الذي تحول في فترة قصيرة إلى أهم قصص النجاح في تاريخ الدبلوماسية السعودية بلا شك. ابن مدينة الطائف والآتي من أصول بخارية جليلة، تلك الأصول التي خرج منها سادة العلوم الإسلامية كالإمام البخاري والإمام مسلم وآخرين. كان عصاميا بامتياز، آمن بضرورة وأهمية العمل الدؤوب وبناء النفس والتفكير الإيجابي والاجتهاد والجهاد مع النفس وإحسان الظن دوما بالناس مهما أظهروا البغضاء والحرب والعنصرية والكره والخبث، وواجه الكثير من ذلك في حياته، وكانت كلها قفزات ومراحل لتقوية نفسه في نهاية الأمر.
http://www.alayam.com/mobile/ardetails.aspx?id=14072
جريدة الأيام البحرينية