عبد الله الشمري كاتب و باحث سعودي متخصص في الشؤون التركية
عبارة «الشتات السوري» قاسية ومؤلمة لكنها للأسف أصبحت حقيقة واقعة وقد يعتبر البعض ان استخدام هذه العبارة «مُبالغ فيه» إلا انه لا يمكن بسهولة إدراك حجم المأساة الإنسانية للاجئين السوريين إلا من زار المخيمات السورية في دول الجوار سواء في فصل الشتاء أو الصيف، وعرف جزءا بسيطا من حجم الكارثة الانسانية بكل معانيها في أوجه الأطفال والنساء والرجال الذين انتقلوا من جحيم الحرب الى جحيم المخيمات مهما كانت الدولة الراعية كريمة أو حنونة فالوضع أصعب من احتمال دول الجوار منفردة.
في تركيا وحدها يوجد 22 مخيما للاجئين السوريين يتوزعون على 10 محافظات حدودية ويقطنها أكثر من 350 الف لاجىء، فيما يصل عدد اللاجئين الذين يتوزعون بين المدن التركية خارج المخيمات ما يربو على نصف مليون سوري، في شتاء العام ٢٠١٢ م زُرت مخيمات اللاجئين السوريين في انطاكية، وكان المنظر مؤثرا وصعبا ولا يمكن وصفه بسهولة لصعوبة التعبير عن حجم الكارثة الانسانية ، وقبل أسبوع زرت مخيمات اللاجئين السوريين في قضاء حرّان التابع لمدينة شانلي أورفة الحدودية وكانت الأوضاع أصعب خاصة أن المنطقة صحراوية وشديدة الحرارة في الصيف وقارسة البرودة في الشتاء.
يقول السيد محمد عيسى وهو مواطن تركي من أصول عربية واقاربه من السوريين الذين يعيشون على خط الحدود السورية التركية : « قبل عام تقريبا وعندما قدم أقاربي هاربين من سوريا، كان الإعلام التركي والعربي والعالمي يقول : بقي للأسد أيام وأسابيع قبل ان يقتل أو يهرب لروسيا أو ايران وبناء عليه فقد استقبلنا اقاربنا وتحملنا كل شيء، (السكن والطعام والمواصلات) باعتبارهم ضيوف مؤقتين سيعودون قريبا لسوريا الجديدة، لكن هذه الأيام الموعودة تحولت إلى اشهر وسنوات والآن ما العمل ؟ نشعر بحرج شديد فهؤلاء اقاربنا وعلينا واجب دعمهم لكن المسألة تجاوزت حدود ميزانيتنا المحدودة.
لقد فقدنا ثقتنا في التصريحات السياسية، وكذلك في المجتمع الدولي الذي يتفرج على المأساة بعيون باردة .. لا نملك إلا الدعاء ونسأل الله ان يُحدث معجزة ما.
يقول عمر ديمير وهو مواطن تركي له علاقة بمخيمات اللاجئين : «لعله من المؤلم انه ومع مرور الزمن ظهرت مشاكل لم نتوقعها وهي ظهور جماعات وعصابات في شمال سوريا بدأت تسرح وتمرح في البلاد دون رقيب، ولعل آخر مآسي اللاجئين اختطاف بعض من أراد دخول سوريا لايام، ومن ثم العودة لتركيا ومطالبة الخاطفين بجزية للافراج عنهم.
وزير الدفاع البلغاري كشف أن بلاده تبحث إغلاق حدودها الجنوبية مع تركيا، كإجراء صارم يأتي ضمن مساعيها للتعامل مع موجة اللاجئين الجديدة التي تتدفق على حدودها، ونبه الوزير إلى ضرورة إدراك مأساة هؤلاء الوافدين من طالبي اللجوء السياسي والمأوي أو الراغبين في العبور إلى بلاد أخرى من السوريين.
السلطات التركية، تعترض شهريا عدة قوارب لتهريب السوريين الى اوروبا وكان أخرها قبل أسبوع، حيث تم ايقاف 102 مهاجر سوري، في «صاريار» بأسطنبول»، لدى محاولتهم التسلل بواسطة قارب إلى أوروبا.
لا يعرف بالضبط عدد اللاجئين داخل سوريا والعراق ولبنان وحسب تقديرات إحصاءات حديثة صادرة عن الأمم المتحدة، فيبلغ عدد السوريين في الأردن حوالي مليون بينهم 550 ألف لاجئ مسجلين لدى مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.
لقد عجز العالم عن ايجاد حسم عسكري أو حل دبلوماسي سريع للأزمة السورية .. فهل يتحرك الضمير العالمي قبل ان يتحول الشعب السوري الى «شعب في الشتات» ؟
المصدر: صحيفة اليوم السعودية